لطفاً کليه فايل هاي قابل دانلود در اين سايت، مخصوصاً فايل هاي پيوست شده را با نرم افزارهاي مخصوص مديريت دانلود، دريافت نماييد مانند نرم افزار دانلود منيجر که در این لينک قابل دريافت و نصب است http://mcaf.ee/6wz9g در صورت عدم استفاده از نرم افزارهاي مخصوص دانلود و استفاده از دانلود منيجر داخلي مرورگرها احتمال دانلود ناقص فايل ها وجود دارد
نمایش نتایج: از شماره 1 تا 3 , از مجموع 3

Hybrid View

  1. #1
    خادم سايت حوزه
    تاریخ عضویت
    Jun 2007
    نوشته ها
    412

    پیش فرض متن کامل کتاب شرح ابن عقیل شماره 2

    الكتاب : شرح ابن عقيل
    مصدر الكتاب : الإنترنت
    [ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع ] ذكر المصنف قسمين يعربان بالحروف: أحدهما الاسماء الستة، والثاني المثنى، وقد تقدم الكلام عليهما، ثم ذكر في هذا البيت القسم الثالث، وهو جمع المذكر السالم وما حمل عليه، وإعرابه: بالواو رفعا، وبالياء نصبا وجرا.
    وأشار بقوله: " عامر ومذنب " إلى ما يجمع هذا الجمع، وهو قسمان: جامد، وصفة.
    فيشترط في الجامد: أن يكون علما، لمذكر، عاقل، خاليا من تاء التأنيث، ومن التركيب، فإن لم يكن علما لم يجمع بالواو والنون، فلا يقال في " رجل " رجلون، نعم إذا صغر جاز ذلك نحو: " رجيل، ورجيلون " لانه وصف (1)، وإن كان علما لغير مذكر لم يجمع بهما، فلا يقال في " زينب " زينبون، وكذا إن كان علما لمذكر غير عاقل، فلا يقال في لاحق - اسم فرس - لاحقون، وإن كان فيه تاء التأنيث فكذلك لا يجمع بهما، فلا يقال في " طلحة " طلحون، وأجاز ذلك الكوفيون (2)، وكذلك إذا كان مركبا، فلا يقال في " سيبويه "
    سيبويهون، وأجازه بعضهم..
    __________
    = وسالم مضاف و " جمع " مضاف إليه، وجمع مضاف إليه و " عامر " مضاف إليه، و " مذنب " معطوف على عامر.
    (1) وجاء من ذلك قول الشاعر: زعمت تماضر أنني إما أمت يسدد أبينوها الاصاغر خلتي محل الشاهد في قوله " أبينوها " فإنه جمع مصغر " ابن " جمع مذكر سالما ورفعه بالواو نيابة عن الضمة، ولولا التصغير لما جاز أن يجمعه هذا الجمع، لان ابنا اسم جامد وليس بعلم، وإنما سوغ التصغير ذلك لان الاسم المصغر في قوة الوصف، ألا ترى أن رجيلا في قوة قولك: رجل صغير، أو حقير، وأن أبينا في قوة قولك: ابن صغير ؟ (2) ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز جمع العلم المذكر المختوم بتاء التأنيث كطلحة وحمزة جمع مذكر سالما بالواو والنون أو الياء والنون بعد حذف تاء التأنيث التي في = (*)
    (1/60)

    ويشترط في الصفة: أن تكون صفة، لمذكر، عاقل، خالية من تاء التأنيث، ليست من باب أفعل فعلاء، ولا من باب فعلان فعلى، ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، فخرج بقولنا " صفة لمذكر " ما كان صفة لمؤنث، فلا يقال في حائض حائضون، وخرج بقولنا " عاقل " ما كان صفة لمذكر غير عاقل، فلا يقال في سابق صفة فرس سابقون، وخرج بقولنا " خالية من تاء التأنيث " ما كان صفة لمذكر عاقل، ولكن فيه تاء التأنيث، نحو علامة، فلا يقال فيه: علامون، وخرج بقولنا " ليست من باب أفعل فعلاء " ما كان كذلك، نحو " أحمر " فإن مؤنثه حمراء، فلا يقال فيه: أحمرون، وكذلك ما كان من باب فعلان فعلى، نحو " سكران، وسكرى " فلا يقال: سكرانون،
    وكذلك إذا استوى في الوصف المذكر والمؤنث، نحو " صبور، وجريح " فإنه يقال: رجل صبور، وامرأة صبور، ورجل جريح، وامرأة جريح، فلا يقال في جمع المذكر السالم: صبورون، ولا جريحون.
    وأشار المصنف رحمه الله إلى الجامد للشروط التي سبق ذكرها بقوله: " عامر " فإنه علم لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث ومن التركيب، فيقال فيه: عامرون..
    __________
    = المفرد، ووافقهم على ذلك أبو الحسن بن كيسان، وعلى ذلك يقولون: جاء الطلحون والحمزون، ورأيت الطلحين والحمزين، ولهم على ذلك ثلاثة أدلة، الاول: أن هذا علم على مذكر وإن كان لفظه مؤنثا، والعبرة بالمعنى لا باللفظ، والثاني: أن هذه التاء في تقدير الانفصال بدليل سقوطها في جمع المؤنث السالم في قولهم: طلحات، وحمزات، والثالث: أن الاجماع منعقد على جواز جمع العلم المذكر المختوم بألف التأنيث جمع مذكر سالما، فلو سمينا رجلا بحمراء أو حبلى جاز جمعه على حمراوين وحبلين ولا شك أن الاسم المختوم بألف التأنيث أشد تمكنا في التأنيث من المختوم بتاء التأنيث، وإذا جاز جمع الاسم الاشد تمكنا في التأنيث جمع مذكر سالما فجواز جمع الاسم الاخف تمكنا في التأنيث هذا الجمع جائز من باب أولى.
    (*)
    (1/61)

    وأشار إلى الصفة المذكورة أولا بقوله: " ومذنب " فإنه صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث وليست من باب أفعل فعلاء ولا من باب فعلان فعلى ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، فيقال فيه: مذنبون.
    * * * وشبه ذين، وبه عشرونا وبابه ألحق، والاهلونا (1) أولو، وعالمون، عليونا وأرضون شذ، والسنونا (2)
    وبابه، ومثل حين قد يرد ذا الباب، وهو عند قوم يطرد (3).
    __________
    (1) " وشبه " الواو حرف عطف، شبه: معطوف على عامر ومذنب، وشبه مضاف و " ذين " مضاف إليه مبني على الياء في محل جر " وبه " جار ومجرور متعلق بقوله ألحق الآتي " عشرونا " مبتدأ " وبابه " الواو عاطفة، باب: معطوف على قوله عشرون، وباب مضاف والهاء ضمير الغائب العائد إلى قوله عشرونا مضاف إليه " ألحق " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قوله عشرونا، والجملة في محل رفع خبر المتبدأ " والاهلون " معطوف على قوله عشرون.
    (2) " أولو " و " عالمون " و " عليون " و " أرضون ": كلهن معطوف على قوله عشرون " شذ " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على المتعاطفات كلها، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها، لانها استئنافية، وقيل: بل الجملة في محل رفع خبر عن المتعاطفات، والمتعاطفات مبتدأ، وعلى هذا يكون قد أخبر عن الاخير منها فقط " والسنون " و " بابه " معطوفان على قوله عشرون.
    (3) " ومثل " الواو عاطفة أو للاستئناف، مثل: نصب على الحال من الفاعل المستتر في قوله يرد الآتي، ومثل مضاف، و " حين " مضاف إليه " قد " حرف تقليل " يرد " فعل مضارع " ذا " اسم إشارة فاعل يرد " الباب " بدل أو عطف بيان أو نعت لاسم الاشارة " وهو " مبتدأ " عند " ظرف متعلق بيطرد، وعند مضاف و " قوم " مضاف إليه " يطرد " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الضمير المنفصل الواقع مبتدأ، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، وتقدير = (*)
    (1/62)

    أشار المصنف - (رحمه الله ! - بقوله: " وشبه ذين " إلى شبه عامر، وهو كل علم مستجمع للشروط السابق ذكرها كمحمد وإبراهيم، فتقول: محمدون
    وإبراهيمون، وإلى شبه مذنب، وهو كل صفة اجتمع فيها الشروط، كالافضل والضراب ونحوهما، فتقول: الافضلون والضرابون، وأشار بقوله: " وبه عشرون " إلى ما ألحق بجمع المذكر السالم في إعرابه: بالواو رفعا، وبالياء جرا ونصبا.
    وجمع المذكر السالم هو: ما سلم فيه بناء الواحد، ووجد فيه الشروط التي سبق ذكرها، فمالا واحد له من لفظه، أو له واحد غير مستكمل للشروط - فليس بجمع مذكر سالم، بل هو ملحق به، فعشرون وبابه - وهو ثلاثون إلى تسعين - ملحق بجمع المذكر السالم، لانه لا واحد له من لفظه، إذ لا يقال: عشر، وكذلك " أهلون " ملحق به، لان مفرده - وهو أهل - ليس فيه الشروط المذكورة (1)، لانه اسم جنس جامد كرجل، وكذلك " أولو "، لانه لا واحد له من لفظه، و " عالمون " جمع عالم، وعالم كرجل اسم جنس جامد، وعليون: اسم لاعلى الجنة، وليس فيه الشروط المذكورة، لكونه لما لا يعقل، وأرضون: جمع أرض، وأرض: اسم جنس جامد مؤنث، والسنون: جمع سنة، والسنة: اسم جنس مؤنث، فهذه كلها ملحقة بالجمع المذكر، لما سبق من أنها غير مستكملة للشروط..
    __________
    = البيت: وقد يرد هذا الباب (وهو باب سنين) معربا بحركات ظاهرة على النون مع لزوم الياء، مثل إعراب " حين " بالضمة رفعا والفتحة نصبا والكسرة جرا، والاعراب بحركات ظاهرة على النون مع لزوم الياء يطرد في كل جمع المذكر وما ألحق به عند قوم من النحاة أو من العرب.
    (1) وقد جمع لفظ " أهل " جمع مذكر سالما شذوذا، وذلك كقول الشنفري: ولي دونكم أهلون: سيد عملس، وأرقط ذهلول، وعرفاء حبأل (*)
    (1/63)

    وأشار بقوله " وبابه " إلى باب سنة، وهو: كل اسم ثلاثي، حذفت لامه، وعوض عنها هاء التأنيث، ولم يكسر: كمائة ومئين وثبة وثبين.
    وهذا الاستعمال شائع في هذا ونحوه، فإن كسر كشفة وشفاه لم يستعمل كذلك إلا شذوذا، كظبة، فإنهم كسروه على ظباة وجمعوه أيضا بالواو رفعا وبالياء نصبا وجرا، فقالوا: ظبون، وظبين.
    وأشار بقوله: " ومثل حين قد يرد ذا الباب " إلى أن سنين (1) ونحوه قد.
    __________
    (1) اعلم أن إعراب سنين وبابه إعراب الجمع بالواو رفعا وبالياء نصبا وجرا هي لغة الحجاز وعلياء قيس.
    وأما بعض بني تميم وبني عامر فيجعل الاعراب بحركات على النون ويلتزم الياء في جميع الاحوال، وهذا هو الذي أشار إليه المصنف بقوله " ومثل حين " وقد تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه اللغة، وذلك في قوله يدعو على المشركين من أهل مكة: " اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف " وقد روى هذا الحديث برواية أخرى على لغة عامة العرب: " اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " فإما أن يكون عليه الصلاة والسلام قد تكلم باللغتين جميعا مرة بهذه ومرة بتلك، لان الدعاء مقام تكرار للمدعو به، وهذا هو الظاهر، وإما أن يكون قد تكلم بإحدى اللغتين، ورواه الرواة بهما جميعا كل منهم رواه بلغة قبيلته، لان الرواية بالمعنى جائزة عند المحدثين، وعلى هذه اللغة جاء الشاهد رقم 7 الذي رواه الشارح، كما جاء قول جرير: أرى مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال وقول الشاعر: ألم نسق الحجيج سلي معدا سنينا ما تعد لنا حسابا وقول الآخر: سنيني كلها لاقيت حربا أعد مع الصلادمة الذكور ومن العرب من يلزم هذا الباب الواو، ويفتح النون في كل أحواله، فيكون
    إعرابه بحركات مقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل، ومنهم من يلزمه الواو ويجعل الاعراب بحركات على النون كإعراب زيتون ونحوه، ومنهم من يجري الاعراب الذي = (*)
    (1/64)

    تلزمه الياء ويجعل الاعراب على النون، فتقول: هذه سنين، ورأيت سنينا، ومررت بسنين، وإن شئت حذفت التنوين، وهو أقل من إثباته، واختلف في اطراد هذا، والصحيح أنه لا يطرد، وأنه مقصور على السماع، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف " في إحدى الروايتين، ومثله قول الشاعر: 7 - دعاني من نجد، فإن سنينه لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا.
    __________
    = ذكرناه أولا في جميع أنواع جمع المذكر وما ألحق به، إجراء له مجرى المفرد، ويتخرج على هذه اللغة قول ذي الاصبع العدواني: إني أبي أبي ذو محافظة وابن أبي أبي من أبيين ويجوز في هذا البيت أن تخرجه على ما خرج عليه بيت سحيم (ش 9) الآتي قريبا فتلخص لك من هذا أن في سنين وبابه أربع لغات، وأن في الجمع عامة لغتين.
    7 - البيت للصمة بن عبد الله، أحد شعراء عصر الدولة الاموية، وكان الصمة قد هوى ابنة عم له اسمها ريا، فخطبها، فرضي عمه أن يزوجها له على أن يمهرها خمسين من الابل، فذكر ذلك لابيه، فساق عنه تسعة وأربعين، فأبى عمه إلا أن يكملها له خمسين وأبى أبوه أن يكملها، ولج العناد بينهما، فلم ير الصمة بدا من فراقهما جميعا، فرحل إلى الشام، فكان وهو بالشام يحن إلى نجد أحيانا ويذمه أحيانا أخرى، وهذا البيت من قصيدة له في ذلك.
    اللغة: " دعاني " أي اتركاني، ويروى في مكانه " ذراتي " وهما بمعنى واحد " نجد " بلاد بعينها، أعلاها تهامة واليمن وأسفلها العراق والشام، و " الشيب " -
    بكسر الشين - جمع أشيب، وهو الذي وخط الشيب شعر رأسه، و " المرد " - بضم فسكون - جمع أمرد، وهو من لم ينبت بوجهه شعر.
    الاعراب: " دعاني " دعا: فعل أمر مبني على حذف النون، وألف الاثنين فاعل والنون للوقاية، والياء مفعول به، مبني على الفتح في محل نصب " من نجد " جار ومجرور متعلق بدعاني " فإن " الفاء للتعليل، إن: حرف توكيد ونصب " سنينه " سنين: اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة - وهو محل الشاهد - وسنين مضاف والضمير = (*)
    (1/65)

    [ الشاهد فيه إجراء السنين مجرى الحين، في الاعراب بالحركات وإلزام النون مع الاضافة ].
    * * * ونون مجموع وما به التحق فافتح، وقل من بكسره نطق (1).
    __________
    العائد إلى نجد مضاف إليه، وجملة " لعبن " من الفعل وفاعله في محل رفع خبر إن " بنا " جار ومجرور متعلق بلعبن " شيبا " حال من الضمير المجرور المحل بالباء في بنا، وجملة " شيبننا " من الفعل وفاعله ومفعوله معطوفة بالواو على جملة لعبن " مردا " حال من المفعول به في قوله شيبننا.
    الشاهد فيه: قوله " فإن سنينه " حيث نصبه بالفتحة الظاهرة، بدليل بقاء النون مع الاضافة إلى الضمير، فجعل هذه النون الزائدة على بنية الكلمة كالنون التي من أصل الكلمة في نحو مسكين وغسلين، ألا ترى أنك تقول: هذا مسكين، ولقد رأيت رجلا مسكينا، ووقعت عيني على رجل مسكين، وتقول: هذا الرجل مسكينكم، فتكون حركات الاعراب على النون سواء أضيفت الكلمة أم لم تضف، لان مثلها مثل الميم في غلام والباء في كتاب، ولو أن الشاعر اعتبر هذه النون زائدة مع الياء للدلالة على أن الكلمة جمع مذكر سالم لوجب عليه هنا أن ينصبه بالياء ويحذف النون فيقول
    " فإن سنيه " ومثل هذا البيت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف " والابيات التي أنشدناها (في ص 58) وتقدم لنا ذكر ذلك.
    (1) " ونون " مفعول مقدم لا فتح، ونون مضاف و " مجموع " مضاف إليه " وما " الواو عاطفة، ما: اسم موصول معطوف على مجموع، مبني على السكون في محل جر " به " جار ومجرور متعلق بالتحق الآتي " التحق " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما، والجملة لا محل لها من الاعراب صلة الموصول " فافتح " الفاء زائدة لتزيين اللفظ، وافتح: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " وقل " فعل ماض " من " اسم موصول في محل رفع فاعل بقل " بكسره " الجار والمجرور متعلق بنطق، وكسر مضاف والضمير العائد على النون مضاف إليه " نطق " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود ألى من، والجملة = (*)
    (1/66)

    ونون ما ثني والملحق به بعكس ذاك استعملوه، فانتبه (1) حق نون الجمع وما ألحق به الفتح، وقد تكسر شذوذا، ومنه قوله: 8 - عرفنا جعفرا وبني أبيه وأنكرنا زعانف آخرين.
    __________
    = لا محل لها من الاعراب صلة الموصول، وتقدير البيت: افتح نون الاسم المجموع والذي التحق به، وقل من العرب من نطق بهذه النون مسكورة: أي في حالتي النصب والجر أما في حالة الرفع فلم يسمع كسر هذه النون من أحد منهم.
    (1) " ونون " الواو عاطفة، نون: مبتدأ، ونو مضاف و " ما " اسم موصول مضاف إليه " ثنى " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، والجملة لا محل لها من الاعراب صلة ما " والملحق " معطوف على ما " به " جار ومجرور متعلق بالملحق " بعكس " جار ومجرور متعلق باستعملوه، وعكس مضاف وذا من " ذاك " مضاف إليه، والكاف حرف خطاب " استعملوه "
    فعل ماض، والواو فاعل، والهاء مفعول به، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو " نون " في أول البيت " فانتبه " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، يريد أن لغة جمهور العرب جارية على أن ينطقوا بنون المثنى مكسورة، وقليل منهم من ينطق بها مفتوحة.
    8 - هذا البيت لجرير بن عطية بن الخطفي، من أبيات خاطب بها فضالة العرني، وقبله قوله: عرين من عرينة، ليس منا برئت إلى عرينة من عرين المفردات: " جعفر " اسم رجل من ولد ثعلبة بن يربوع " وبني أبيه " إخوته، وهم عرين وكليب وعبيد " زعانف " جمع زعنفة - بكسر الزاي والنون بينهما عين مهملة ساكنة - وهم الاتباع، وفي القاموس " الزعنفة - بالكسر والفتح - القصير والقصيرة، وجمعه زعانف، وهي أجنحة السمك، وكل جماعة ليس أصلهم واحدا " ه.
    والزعانف أيضا: أهداب الثوب التي تنوس منه، أي تتحرك، ويقال للئام الناس ورذالهم: الزعانف.
    الاعراب: " عرفنا " فعل وفاعل " جعفرا " مفعوله " وبني " معطوف على جعفر وبني مضاف وأبي من " أبيه " مضاف إليه، وأبي مضاف وضمير الغائب العائد إلى جعفر مضاف إليه " وأنكرنا " الواو حرف عطف، أنكرنا: فعل وفاعل " زعانف " = (*)
    (1/67)

    وقوله: 9 - أكل الدهر حل وارتحال أما يبقي علي ولا يقيني ؟ ! وماذا تبتغي الشعراء مني وقد جاوز ت حد الاربعين ؟ وليس كسرها لغة، خلافا لمن زعم ذلك..
    __________
    = مفعول به " آخرين " صفة له منصوب بالياء نيابة عن الفتحة لانه جمع مذكر سالم،
    وجملة أنكرنا ومعمولاته معطوفة على جملة عرفنا ومعمولاته.
    الشاهد فيه: كسر نون الجمع في قوله " آخرين " بدليل أن القصيدة مكسورة حرف القافية، وقد روينا البيت السابق على بيت الشاهد ليتضح لك ذلك، وأول الكلمة قوله: أتوعدني وراء بني رياح ؟ كذبت، لتقصرن يداك دوني 9 - هذان البيتان لسحيم بن وثيل الرياحي، من قصيدة له يمدح بها نفسه ويعرض فيها بالابيرد الرياحي ابن عمه، وقبلهما: عذرت البزل إن هي خاطرتني فما بالي وبال ابني لبون ؟ وبعدهما قوله: أخو خمسين (مجتمع) ؟ أشدي ونجذني مداورة الشؤون المفردات: " يبتغي " معناه يطلب، ويروى في مكانه " يدرى " بتشديد الدال المهملة، وهو مضارع ادراه، إذا ختله وخدعه.
    المعنى: يقول: كيف يطلب الشعراء خديعتي ويطمعون في ختلي وقد بلغت سن التجربة والاختبار التي تمكنني من تقدير الامور ورد كيد الاعداء إلى نحورهم ؟ يريد أنه لا تجوز عليه الحيلة، ولا يمكن لعدوه أن يخدعه.
    الاعراب: " أكل " الهمزة للاستفهام، وكل: ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر مقدم، وكل مضاف و " الدهر " مضاف إليه " حل " مبتدأ مؤخر " وارتحال " معطوف عليه " أما " أصل الهمزة للاستفهام، وما نافية، وأما هنا حرف استفتاح " يبقى " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الدهر " على " جار ومجرور متعلق بيبقى " ولا " الواو عاطفة، ولا: زائدة لتأكيد النفي " يقيني " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والنون للوقاية، والياء مفعول به " وماذا " ما: اسم استفهام مبتدأ.
    وذا: اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع خبر = (*)
    (1/68)

    وحق نون المثنى والملحق به الكسر، وفتحها لغة، ومنه قوله: 10 - على أحوذيين استقلت عشية فما هي إلا لمحة وتغيب.
    __________
    = " تبتغي " فعل مضارع " الشعراء " فاعله " مني " جار ومجرور متعلق بتبتغي، والجملة من الفعل وفاعله لا محل لها من الاعراب صلة الموصول، والعائد ضمير منصوب بتبتغي، وهو محذوف: أي تبتغيه " وقد " الواو حالية، قد: حرف تحقيق " جاوزت " فعل وفاعل " حد " مفعول به لجاوز، وحد مضاف و " الاربعين " مضاف إليه، مجرور بالياء المكسور ما قبلها تحقيقا المفتوح ما بعدها تقديرا، وقيل: مجرور بالكسرة الظاهرة، لانه عومل معاملة حين في جعل الاعراب على النون، وسنوضح ذلك في بيان الاستشهاد بالبيت.
    الشاهد فيه: قوله " الاربعين " حيث وردت الرواية فيه بكسر النون كما رأيت في أبيات القصيدة، فمن العلماء من خرجه على أنه معرب بالحركات الظاهرة على النون على أنه عومل معاملة المفرد من نحو حين ومسكين وغسلين ويقطين، ومنهم من خرجه على أنه جمع مذكر سالم معرب بالياء نيابة عن الكسرة، ولكنه كسر النون، وعليه الشارح هنا.
    ونظيره بيت ذي الاصبع العدواني الذي رويناه لك (ص 65) وقول الفرزدق: ما سد حي ولا ميت مسدهما إلا الخلائف من بعد النبيين 10 - البيت لحميد بن ثور الهلالي الصحابي، أحد الشعراء المجيدين، وكان لا يقاربه شاعر في وصف القطاة، وهو من أبيات قصيدة له يصف فيها القطاة، وأول الابيات التي يصف فيها القطاة قوله: كما انقبضت كدراء تسقي فراخها بشمظة رفها والمياه شعوب غدت لم تصعد في السماء، وتحتها إذا نظرت أهوية ولهوب فجاءت وما جاء القطا، ثم قلصت بمفحصها، والواردات تنوب
    اللغة: " الاحوذيان " مثنى أحوذي، وهو الخفيف السريع، وأراد به هنا جناح القطاة، يصفها بالسرعة والخفة، و " استقلت " ارتفعت وطارت في الهواء، و " العشية " ما بين الزوال إلى المغرب، و " هي " ضمير غائبة تعود إلى القطاة على تقدير مضافين، وأصل الكلام: فما زمان رؤيتها إلا لمحة وتغيب.
    = (*)
    (1/69)

    وظاهر كلام المصنف - رحمه الله تعالى ! - أن فتح النون في التثنية ككسر نون الجمع في القلة، وليس كذلك، بل كسرها في الجمع شاذ وفتحها في التثنية لغة، كما قدمناه، وهل يختص الفتح بالياء أو يكون فيها وفي الالف ؟ قولان، وظاهر كلام المصنف الثاني (1).
    __________
    = المعنى: يريد أن هذه القطاة قد طارت بجناحين سريعين، فليس يقع نظرك عليها حين تهم بالطيران إلا لحظة يسيرة ثم تغيب عن ناظريك فلا تعود تراها، يقصد أنها شديدة السرعة.
    الاعراب: " على أحوذيين " جار ومجرور متعلق باستقلت " استقلت " استقل: فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على القطاة التي تقدم وصفها " عشية " ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق باستقلت " فما " الفاء عاطفة، ما: نافية " هي " مبتدأ بتقدير مضافين، والاصل: فما زمان مشاهدتها إلا لمحة وتغيب بعدها " إلا " أداة استثناء ملغاة لا عمل لها " لمحة " خبر المبتدأ " وتغيب " الواو عاطفة، وتغيب فعل مضارع فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على القطاة، والجملة من الفعل والفاعل معطوفة عآلى جملة المبتدأ والخبر.
    الشاهد فيه: فتح نون المثنى من قوله " أحوذيين " وهي لغة، وليست بضرورة، لان كسرها يأتي معه الوزن ولا يفوت به غرض.
    (1) اعلم أنهم اتفقوا على زيادة نون بعد ألف المثنى ويائه وبعد واو الجمع ويائه،
    واختلف النحاة في تعليل هذه الزيادة على سبعة أوجه، الاول - وعليه ابن مالك - أنها زيدت دفعا لتوهم الاضافة في " رأيت بنين كرماء " إذ لو قلت " رأيت بني كرماء " لم يدر السامع الكرام هم البنون أم الآباء ؟ فلما جاءت النون علمنا أنك إن قلت " بني كرماء " فقد أردت وصف الآباء بالكرم وأن بني مضاف وكرماء مضاف إليه، وإن قلت " بنين كرماء " فقد أردت وصف الابناء أنفسهم بالكرم وأن كرماء نعت لبنين، وبعدا عن توهم الافراد في " هذان " ونحو " الخوزلان " و " المهتدين "، إذ لولا النون لالتبست الصفة بالمضاف إليه على ما علمت أولا ولالتبس المفرد بالمثنى أو بالجمع، الثاني أنها زيدت عوضا عن الحركة في الاسم المفرد، وعليه الزجاج، والثالث: أن زيادتها عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وعليه ابن كيسان، وهو الذي يجري على ألسنة المعربين، والرابع: أنها عوض عن الحركة والتنوين معا، وعليه ابن ولاد والجزولي، = (*)
    (1/70)

    ومن الفتح مع الالف قول الشاعر: 11 - أعرف منها الجيد والعينانا ومنخرين أشبها ظبيانا.
    __________
    = والخامس: أنها عوض عن الحركة والتنوين فيما كان التنوين والحركة في مفرده كمحمد وعلي، وعن الحركة فقط فيما لا تنوين في مفرده كزينب وفاطمة، وعن التنوين فقط فيما لا حركة في مفرده كالقاضي والفتى، وليست عوضا عن شئ منهما فيما لا حركة ولا تنوين في مفرده كالحبلى، وعليه ابن جنى، والسادس: أنها زيدت فرقا بين نصب المفرد ورفع المثنى، إذ لو حذفت النون من قولك " عليان " لاشكل عليك أمره، فلم تدر أهو مفرد منصوب أم مثنى مرفوع، وعلى هذا الفراء، والسابع: أنها نفس التنوين حرك للتخلص من التقاء الساكنين.
    ثم المشهور الكثير أن هذه النون مكسورة في المثنى مفتوحة في الجمع، فأما مجرد حركتها فيهما فلاجل التخلص من التقاء الساكنين، وأما المخالفة بينهما فلتميز كل
    واحد من الآخر، وأما فتحها في الجمع فلان الجمع ثقيل لدلالته على العدد الكثير والمثنى خفيف، فقصدت المعادلة بينهما، لئلا يجتمع ثقيلان في كلمة، وورد العكس في الموضعين وهو فتحها مع المثنى وكسرها مع الجمع، ضرورة لا لغة، وقيل: ذلك خاص بحالة الياء فيهما، وقيل لا، بل مع الالف والواو أيضا.
    وذكر الشيباني وابن جنى أن من العرب من يضم النون في المثنى، وعلى هذا ينشدون قول الشاعر: يا أبتا أرقني القذان فالنوم لا تطعمه العينان وهذا إنما يجئ مع الالف، لا مع الياء.
    وسمع تشديد نون المثنى في تثنية اسم الاشارة والموصول فقط، وقد قرئ بالتشديد في قوله تعالى: (فذانك برهانان) وقوله: (واللذان يأتيانها) وقوله: (إحدى ابننى هاتين) وقوله سبحانه: (ربنا أرنا اللذين).
    11 - البيت لرجل من ضبة كما قال المفضل، وزعم العيني أنه لا يعرف قائله، وقيل: هو لرؤبة، والصحيح الاول، وهو من رجز أوله: إن لسلمى عندنا ديوانا يخزي فلانا وابنه فلانا كانت عجوزا عمرت زمانا وهي ترى سيئها إحسانا = (*)
    (1/71)

    وقد قيل: إنه مصنوع (1)، فلا يحتج به.
    * * *.
    __________
    = اللغة: " الجيد " العنق " منخرين " مثنى منخر، بزنة مسجد، وأصله مكان النخير وهو الصوت المنبعث من الانف، ويستعمل في الانف نفسه لانه مكانه، من باب تسمية الحال باسم محله، كإطلاق لفظ القرية وإرادة سكانها " ظبيان " اسم رجل، وقيل: مثنى ظبي، قال أبو زيد " ظبيان: اسم رجل، أراد أشبها منخرى ظبيان "، فحذف،
    كما قال الله عز وجل: (واسأل القرية) يريد أهل القرية " اه، وتأويل أبي زيد في القرية على أنه مجاز بالحذف، وهو غير التأويل الذي ذكرناه آنفا.
    الاعراب: " أعرف " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " منها " جار ومجرور متعلق بأعرف " الجيد " مفعول به لاعرف " والعينانا " معطوف على الجيد منصوب بفتحة مقدرة على الالف منع من ظهورها التعذر " ومنخرين " معطوف على الجيد أيضا، منصوب بالياء نيابة عن الفتحة لانه مثنى " أشبها " أشبه: فعل ماض، وألف الاثنين فاعل " ظبيانا " مفعول به، منصوب بالفتحة الظاهرة على أنه مفرد كما هو الصحيح، فأما على أنه مثنى فهو منصوب بفتحة مقدرة على الالف كما في قوله " والعينانا " السابق، وذلك على لغة من يلزم المثنى الالف، والجملة من الفعل وفاعله في محل نصب صفة لمنخرين.
    الشاهد فيه: قوله " والعينانا " حيث فتح نون المثنى، وقال جماعة منهم الهروي: الشاهد فيه في موضعين: أحدهما ما ذكرنا، وثانيهما قوله " ظبيانا "، ويتأتى ذلك على أنه تثنية ظبي، وهو فاسد من جهة المعنى، والصواب أنه مفرد، وهو اسم رجل كما قدمنا لك عن أبي زيد، وعليه لا شاهد فيه، وزعم بعضهم أن نون " منخرين " مفتوحة، وأن فيها شاهدا أيضا، فهو نظير قول حميد بن ثور " على أحوذيين " الذي تقدم (ش رقم 10).
    (1) حكى ذلك ابن هشام رحمه الله، وشبهة هذا القيل أن الراجز قد جاء بالمثنى بالالف في حاله النصب، وذلك في قوله " والعينانا " وفي قوله " ظبيانا " عند الهروي وجماعة، ثم جاء به بالياء في قوله " منخرين " فجمع بين لغتين من لغات العرب في بيت واحد، وذلك قلما يتفق لعربي، ويرد هذا الكلام شيئان، أولهما: أن أبا زيد رحمه الله قد روى هذه الابيات، ونسبها لرجل من ضبة، وأبو زيد ثقة ثبت حتى إن = (*)
    (1/72)

    وما بتا وألف قد جمعا يكسر في الجر وفي النصب معا (1) لما فرغ من الكلام على الذي تنوب فيه الحروف عن الحركات شرع في ذكر ما نابت فيه حركة عن حركة، وهو قسمان، أحدهما: جمع المؤنث السالم، نحو مسلمات، وقيدنا ب " السالم " احترازا عن جمع التكسير، وهو: ما لم يسلم فيه بناء الواحد، نحو: هنود، وأشار إليه المصنف - رحمه الله تعالى ! - بقوله: " وما بتا وألف قد جمعا " أي جمع بالالف والتاء المزيدتين، فخرج نحو قضاة (2)، فإن ألفه غير زائدة، بل هي منقلبة عن أصل وهو الياء، لان أصله.
    __________
    = سيبويه رحمه الله كان يعبر عنه في كتابه بقوله " حدثني الثقة " أو " أخبرني الثقة " ونحو ذلك، وثانيهما: أن الرواية عند أبي زيد في نوادره: * ومنخران أشبها ظبيانا * بالالف في " منخرين " أيضا، فلا يتم ما ذكروه من الشبهة لادعاء أن الشاهد مصنوع، فافهم ذلك وتدبره.
    (1) " وما " الواو للاستئناف، ما: اسم موصول مبتدأ " بتا " جار ومجرور متعلق بجمع الآتي " وألف " الواو حرف عطف، ألف: معطوف على تا " قد " حرف تحقيق " جمعا " جمع: فعل ماض مبني للمجهول، والالف للاطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، والجملة من الفعل ونائب الفاعل لا محل لها من الاعراب صلة الموصول " يكسر " فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الاسم الموصول الواقع مبتدأ، والجملة من الفعل المضارع ونائب فاعله في محل رفع خبر المبتدأ " في الجر " جار ومجرور متعلق بيكسر " وفي النصب " الواو حرف عطف، في النصب: جار ومجرور معطوف بالواو على الجار والمجرور الاول " معا " ظرف متعلق بمحذوف حال.
    (2) مثل قضاة في ذلك: بناة، وهداة، ورماة، ونظيرها: غزاة، ودعاة،
    وكساة، فإن الالف فيها منقلبة عن أصل، لكن الاصل في غزاة ودعاة وكساة واو لا ياء.
    (*)
    (1/73)

    قضية، ونحو أبيات (1) فإن تاءه أصلية، والمراد [ منه ] ما كانت الالف والتاء سببا في دلالته على الجمع، نحو " هندات "، فاحترز بذلك عن نحو " قضاة، وأبيات "، فإن كل واحد منهما جمع ملتبس بالالف والتاء، وليس مما نحن فيه، لان دلالة كل واحد منهما على الجمع ليس بالالف والتاء، وإنما هو بالصيغة، فاندفع بهذا التقرير الاعتراض على المصنف بمثل " قضاة، وأبيات " وعلم أنه لا حاجة إلى أن يقول: بألف وتاء مزيدتين، فالباء في قوله " بتا " متعلقة بقوله: " جمع ".
    وحكم هذا الجمع أن يرفع بالضمة، وينصب ويجر بالكسرة، نحو: " جاءني هندات، ورأيت هندات، ومررت بهندات " فنابت فيه الكسرة عن الفتحة، وزعم بعضهم أنه مبني في حالة النصب، وهو فاسد، إذ لا موجب لبنائه (2).
    * * *.
    __________
    (1) ومثل أبيات في ذلك: أموات، وأصوات، وأثبات، وأحوات جمع حوت، وأسحات جمع سحت بمعنى حرام.
    (2) اختلف النحويون في جمع المؤنث السالم إذا دخل عليه عامل يقتضي نصبه، فقيل: هو مبني على الكسر في محل نصب مثل هؤلاء وحذام ونحوهما، وقيل: هو معرب، ثم قيل: ينصب بالفتحة الظاهرة مطلقا: أي سواء كان مفرده صحيح الآخر نحو زينبات وطلحات في جمع زينب وطلحة، أم كان معتلا نحو لغات وثبات في جمع لغة وثبة، وقيل: بل ينصب بالفتحة إذا كان مفرده معتلا، وبالكسرة إذا
    كان مفرده صحيحا، وقيل: ينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة مطلقا، حملا لنصبه على جره، كما حمل نصب جمع المذكر السالم - الذي هو أصل جمع المؤنث - على جره فجعلا بالياء، وهذا الاخير هو أشهر الاقوال، وأصحها عندهم، وهو الذي جرى عليه الناظم هنا.
    (*)
    (1/74)

    كذا أولات، والذي اسما قد جعل - كأذرعات - فيه ذا أيضا قبل (1) أشار بقوله: " كذا أولات " إلى أن " أولات " تجري مجرى جمع المؤنث السالم في أنها تنصب بالكسرة، وليست بجمع مؤنث سالم، بل هي ملحقة به، وذلك لانها لا مفرد لها من لفظها.
    ثم أشار بقوله: " والذي اسما قد جعل " إلى أن ما سمي به من هذا الجمع والملحق به، نحو: " أذرعات " ينصب بالكسرة كما كان قبل التسمية به، ولا يحذف منه التنوين، نحو: " هذه أذرعات، ورأيت أذرعات، ومررت بأذرعات "، هذا هو المذهب الصحيح، وفيه مذهبان آخران، أحدهما: أنه يرفع بالضمة، وينصب ويجر بالكسرة، ويزال منه التنوين، نحو: " هذه أذرعات، ورأيت أذرعات، ومررت بأذرعات " والثاني: أنه يرفع بالضمة،.
    __________
    (1) " كذا " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " أولات " مبتدأ مؤخر " والذي " الواو للاستئناف، الذي: اسم موصول مبتدأ أول " اسما " مفعول ثان لجعل الآتي " قد " حرف تحقيق " جعل " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل - وهو المفعول الاول - ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذي، والجملة لا محل لها صلة الموصول " كأذرعات " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كأذرعات " فيه " جار ومجرور متعلق بقبل الآتي " ذا " مبتدأ ثان " أيضا " مفعول مطلق حذف عامله " قبل " فعل ماض، مبني للمجهول، ونائب
    الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والجملة خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الاول، وهو الذي، أي: وقد قبل هذا الاعراب في الجمع الذي جعل اسما - كأذرعات، والتقدير الاعرابي للبيت: وأولات كذلك، أي كالجمع بالالف والتاء، والجمع الذي جعل اسما أي سمي به بحيث صار علما، ومثاله أذرعات - هذا الاعراب قد قبل فيه أيضا، وأذرعات في الاصل: جمع أذرعة الذي هو جمع ذراع، كما قالوا: رجالات وبيوتات وجمالات، وقد سمي بأذرعات بلد في الشام كما ستسمع في الشاهد رقم 12.
    (*)
    (1/75)

    وينصب ويجر بالفتحة، ويحذف منه التنوين، نحو: " هذه أذرعات، ورأيت أذرعات، ومررت بأذرعات "، ويروى قوله: 12 - تنورتها من أذرعات، وأهلها بيثرب، أدنى دارها نظر عالي.
    __________
    12 - البيت لامرئ القيس بن حجر الكندي، من قصيدة مطلعها: ألا عم صباحا أيها الطلل البالي وهل يعمن من كان في العصر الخالي اللغة: " تنورتها " نظرت إليها من بعد، وأصل التنور: النظر إلى النار من بعد، سواء أراد قصدها أم لم يرد، و " أذرعات " بلد في أطراف الشام، و " يثرب " اسم قديم لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم " أدنى " أقرب " عال " عظيم الارتفاع والامتداد.
    الاعراب: " تنورتها " فعل وفاعل ومفعول به " من " حرف جر " أذرعات " مجرور بمن، وعلامة جره الكسرة الظاهرة، إذا قرأته بالجر منونا أو من غير تنوين، فإن قرأته بالفتح قلت: وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لانه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف العلمية والتأنيث، والجار والمجرور متعلق بتنور " وأهلها " الواو للحال، وأهل: مبتدأ، وأهل مضاف والضمير مضاف إليه " بيثرب " جار ومجرور
    متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب حال " أدنى " مبتدأ، وأدنى مضاف ودار من " دارها " مضاف إليه، ودار مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه " نظر " خبر المبتدأ " عال " نعت لنظر.
    الشاهد فيه: قوله " أذرعات " فإن أصله جمع، كما بينا في تقدير بيت الناظم، ثم نقل فصار اسم بلد، فهو في اللفظ جمع، وفي المعنى مفرد، ويروى في هذا البيت بالاوجه الثلاثة التي ذكرها الشارح: فأما من رواه بالجر والتنوين فإنما لاحظ حاله قبل التسمية به، من أنه جمع بالالف والتاء المزيدتين، والذين يلاحظون ذلك يستندون إلى أن التنوين في جمع المؤنث السالم تنوين المقابلة، إذ هو في مقابلة النون التي في جمع المذكر السالم، وعلى هذا لا يحذف التنوين ولو وجد في الكلمة ما يقتضي منع صرفها، لان التنوين الذي يحذف عند منع الصرف هو تنوين التمكين، وهذا عندهم كما قلنا تنوين المقابلة، وأما من رواه بالكسر من غير تنوين - وهم جماعة منهم المبرد والزجاج - فقد لاحظوا فيه أمرين: أولهما أنه جمع بحسب أصله، وثانيهما: أنه علم على مؤنث، = (*)
    (1/76)

    بكسر التاء منونة كالمذهب الاول، وبكسرها بلا تنوين كالمذهب الثاني، وبفتحها بلا تنوين كالمذهب الثالث.
    * * * وجر بالفتحة ما لا ينصرف ما لم يضف أو يك بعد " أل " ردف (1) أشار بهذا البيت إلى القسم الثاني مما ناب فيه حركة عن حركة، وهو الاسم الذي لا ينصرف، وحكمه أنه يرفع بالضمة، نحو، " جاء أحمد " وينصب بالفتحة، نحو: " رأيت أحمد " ويجر بالفتحة أيضا، نحو: " مررت بأحمد "، فنابت الفتحة عن الكسرة.
    هذا إذا لم يضف أو يقع بعد الالف واللام، فإن أضيف جر بالكسرة، نحو: " مررت بأحمدكم " وكذا إذا دخله الالف واللام،
    .
    __________
    = فأعطوه من كل جهة شبها، فمن جهة كونه جمعا نصبوه بالكسرة نيابة عن الفتحة، ومن جهة كونه علم مؤنث حذفوا تنوينه، وأما الذين رووه بالفتح من غير تنوين - وهم جماعة منهم سيبويه وابن جنى - فقد لاحظوا حالته الحاضرة فقط، وهي أنه علم مؤنث.
    (1) " وجر " الواو للاستئناف، جر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بالفتحة " جار ومجرور متعلق بجر " ما " اسم موصول مفعول به لجر، مبني على السكون في محل نصب " لا " نافية " ينصرف " فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وسكن للوقف، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها صلة الموصول " ما " مصدرية ظرفية " لم " حرف نفي وجزم وقلب " يضف " فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم، وعلامة جزمه السكون، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه، والجملة صلة ما المصدرية " أو " عاطفة " يك " معطوف على يضف، مجزوم بسكون النون المحذوفة للتخفيف، وهو متصرف من كان الناقصة، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة " بعد " ظرف متعلق بمحذوف خبر يك، وبعد مضاف و " أل " مضاف إليه مقصود لفظه " ردف " فعل = (*)
    (1/77)

    نحو " مررت بالاحمد (1) "، فإنه يجر بالكسرة (2).
    * * * واجعل لنحو " يفعلان " النونا رفعا، وتدعين وتسألونا (3).
    __________
    = ماض مبني على الفتح لا محل له من الاعراب، وسكن للوقف، والفاعل ضمير مستتر فيه، والجملة في محل نصب حال من الاسم الموصول وهو ما: أي اجرر بالفتحة الاسم الذي لا ينصرف مدة عدم إضافته وكونه غير واقع بعد أل.
    (1) قد دخلت أل على العلم إما للمح الاصل وإما لكثرة شياعه بسبب تعدد المسمى
    بالاسم الواحد وإن تعدد الوضع، وقد أضيف العلم لذلك السبب أيضا، فمن أمثلة دخول أل على العلم قول الراجز: باعد أم العمرو من أسيرها حراس أبواب على قصورها ومن أمثلة إضافة العلم قول الشاعر: علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم بأبيض ماضي الشفرتين يمان (2) سواء أكانت " أل " معرفة، نحو " الصلاة في المساجد أفضل منها في المنازل " أو موصولة كالاعمى والاصم، واليقظان، أو زائدة كقول ابن ميادة يمدح الوليد بن يزيد: رأيت الوليد بن اليزيد مباركا شديدا بأعباء الخلافة كاهله فأن الاسم مع كل واحد منها يجر بالكسرة.
    (3) " واجعل " الواو للاستئناف، اجعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " لنحو " جار ومجرور متعلق باجعل، ونحو مضاف، و " يفعلان " قصد لفظه: مضاف إليه " النونا " مفعول به لاجعل " رفعا " مفعول لاجله، أو منصوب على نزع الخافض " وتدعين " الواو عاطفة، وتدعين: معطوف على يفعلان، وقد قصد لفظه أيضا " وتسألونا " الواو عاطفة، تسألون: معطوف على يفعلان، وقد قصد لفظه أيضا، وأراد من " نحو يفعلان " كل فعل مضارع اتصلت به ألف الاثنين، وأراد من نحو تدعين كل فعل مضارع اتصلت به ياء المؤنثة المخاطبة، ومن نحو تسألون كل فعل مضارع اتصلت به واو الجماعة.
    (*)
    (1/78)

    وحذفها للجزم والنصب سمه كلم تكوني لترومي مظلمه (3) لما فرغ من الكلام على ما يعرب من الاسماء بالنيابة شرع في ذكر ما يعرب من الافعال بالنيابة، وذلك الامثلة الخمسة، فأشار بقوله " يفعلان " إلى كل فعل
    اشتمل على ألف اثنين: سواء كان في أوله الياء، نحو " يضربان " أو التاء، نحو " تضربان " وأشار بقوله: " وتدعين " إلى كل فعل اتصل به ياء مخاطبة، نحو " أنت تضربين " وأشار بقوله " وتسألون " إلى كل فعل اتصل به واو الجمع، نحو " أنتم تضربون " سواء كان في أوله التاء كما مثل، أو الياء، نحو " الزيدون يضربون ".
    فهذه الامثلة الخمسة - وهي: يفعلان، وتفعلان، ويفعلون، وتفعلون، وتفعلين - ترفع بثبوت النون، وتنصب وتجزم بحذفها، فنابت النون فيه عن الحركة التي هي الضمة، نحو " الزيدان يفعلان " فيفعلان: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، وتنصب وتجزم بحذفها، نحو " الزيدان لن.
    __________
    (1) " وحذفها " الواو للاستئناف، حذف: مبتدأ، وحذف مضاف، وها: مضاف إليه " للجزم " جار ومجرور متعلق بسمة الآتي " والنصب " معطوف على الجزم " سمة " خبر المبتدأ، والسمة - بكسر السين المهملة - العلامة، وفعلها وسم يسم سمة على مثال وعد يعد عدة ووصف يصف صفة وومق يمق مقة " كلم " الكاف حرف جر، والمجرور بها محذوف، والتقدير: وذلك كائن كقولك، ولم: حرف نفي وجزم وقلب " تكوني " فعل مضارع متصرف من كان الناقصة مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف النون، وياء المؤنثة المخاطبة اسم تكون، مبني على السكون في محل رفع " لترومي " اللام لام الجحود، وترومي فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد لام الجحود، وعلامة نصبه حذف النون، والياء فاعل " مظلمة " مفعول به لترومي، والمظلمة - بفتح اللام - الظلم، وأن المصدرية المضمرة مع مدخولها في تأويل مصدر مجرور بلام الجحود، واللام ومجرورها يتعلقان بمحذوف خبر تكوني، وجملة تكون واسمها وخبرها في محل نصب مقول القول الذي قدرناه.
    (*)
    (1/79)

    يقوما، ولم يخرجا " فعلامة النصب والجزم سقوط النون من " يقوما، ويخرجا " ومنه قوله تعالى: (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار).
    * * * وسم معتلا من الاسماء ما كالمصطفى والمرتقي مكارما (1) فالاول الاعراب فيه قدرا جميعه، وهو الذي قد قصرا (2).
    __________
    (1) " وسم " الواو للاستئناف، سم: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " معتلا " مفعول ثان لسم مقدم على المفعول الاول " من الاسماء " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ما " ما " اسم موصول مفعول أول لسم، مبني على السكون في محل نصب " كالمصطفى " جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول " والمرتقي " معطوف على المصطفى " مكارما " مفعول به للمرتقي، والمعنى: اسم ما كان آخره ألفا كالمصطفى، أو ما كان آخره ياء كالمرتقي، حال كونه من الاسما، لا من الافعال معتلا.
    (2) " فالاول " مبتدأ أول " الاعراب " مبتدأ ثان " فيه " جار ومجرور متعلق بقدر الآتي " قدرا " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الاعراب، والالف للاطلاق " جميعه " جميع: توكيد لنائب الفاعل المستتر، وجميع مضاف والهاء مضاف إليه، والجملة من الفعل ونائب الفاعل خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الاول، ويجوز أن يكون " جميعه " هو نائب الفاعل لقدر، وعلى ذلك لا يكون في " قدر " ضمير مستتر، كما يجوز أن يكون " جميعه " توكيدا للاعراب ويكون في " قدر " ضمير مستتر عائد إلى الاعراب أيضا " هو الذي " مبتدأ وخبر " قد " حرف تحقيق " قصرا " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الذي، والالف للاطلاق، والجملة لا محل لها صلة الذي، والمعنى: فالاول - وهو ما آخره ألف
    من الاسماء كالمصطفى - الاعراب جميعه: أي الرفع والنصب والجر، قدر على آخره الذي هو الالف، وهذا النوع هو الذي قد قصرا: أي سمي مقصورا، من القصر بمعنى الحبس، وإنما سمي بذلك لانه قد حبس ومنع من جنس الحركة.
    (*)
    (1/80)

    والثان منقوص، ونصبه ظهر ورفعه ينوى، كذا أيضا يجر (1) شرع في ذكر إعراب المعتل من الاسماء والافعال، فذكر أن ما كان مثل " المصطفى، والمرتقي " يسمى معتلا، وأشار " بالمصطفى " إلى ما في آخره ألف لازمة قبلها فتحة، مثل " عصا، ورحى "، وأشار " بالمرتقي " إلى ما في آخره ياء مكسور ما قبلها، نحو " القاضي، والداعي ".
    ثم أشار إلى أن ما في آخره ألف مفتوح ما قبلها يقدر فيه جميع حركات الاعراب: الرفع، والنصب، والجر، وأنه يسمى المقصور، فالمقصور هو: الاسم المعرب الذي في آخره ألف لازمة، فاحترز ب " الاسم " من الفعل، نحو يرضى، وب " المعرب " من المبني، نحو إذا، وب " الالف " من المنقوص، نحو القاضي كما سيأتي، وب " لازمة " من المثنى في حالة الرفع، نحو الزيدان، فإن ألفه لا تلزمه إذ تقلب ياء في الجر والنصب، نحو [ رأيت ] الزيدين.
    وأشار بقوله " والثان منقوص " إلى المرتقي، فالمنقوص هو: الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة قبلها كسرة نحو المرتقي، فاحترز ب " الاسم " عن الفعل نحو يرمي، وب " المعرب " عن المبني، نحو الذي، وبقولنا " قبلها كسرة " عن.
    __________
    (1) " والثان منقوص " مبتدأ وخبر " ونصبه " الواو عاطفة، نصب: مبتدأ، ونصب مضاف والهاء ضمير الغائب العائد على الثاني مضاف إليه " ظهر " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على نصب، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو نصب " ورفعه " الواو عاطفة، ورفع: مبتدأ، ورفع مضاف والهاء مضاف
    إليه " ينوى " فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على رفع، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو رفع " كذا " جار ومجرور متعلق بيجر " أيضا " مفعول مطلق لفعل محذوف " يجر " فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المنقوص.
    (*)
    (1/81)

    التي قبلها سكون، نحو ظبي ورمي، فهذا معتل جار مجرى الصحيح، في رفعه بالضمة، ونصبه بالفتحة، وجره بالكسرة.
    وحكم هذا المنقوص أنه يظهر فيه النصب (1)، نحو " رأيت القاضي "، وقال الله تعالى: (يا قومنا أجيبوا داعي الله) ويقدر فيه الرفع والجر لثقلهما على الياء (2).
    __________
    (1) من العرب من يعامل المنقوص في حالة النصب معاملته إياه في حالتي الرفع والجر، فيقدر فيه الفتحة على الياء أيضا، إجراء للنصب مجرى الرفع والجر، وقد جاء من ذلك قول مجنون ليلى: ولو أن واش باليمامة داره وداري بأعلى حضر موت اهتدى ليا وقول بشر بن أبي خازم، وهو عربي جاهلي: كفى بالنأي من أسماء كافي وليس لنأيها إذ طال شافي فأنت ترى المجنون قال " أن واش " فسكن الياء ثم حذفها مع أنه منصوب، لكونه اسم أن، وترى بشرا قال " كافي " مع أنه حال من النأي أو مفعول مطلق.
    وقد اختلف النحاة في ذلك، فقال المبرد: هو ضرورة، ولكنها من أحسن ضرورات الشعر، والاصح جوازه في سعة الكلام، فقد قرئ (من أوسط ما تطعمون أهاليكم) بسكون الياء.
    (2) من العرب من يعامل المنقوص في حالتي الرفع والجر كما يعامله في حالة النصب، فيظهر الضمة والكسرة على الياء كما يظهر الفتحة عليها، وقد ورد من ذلك قول جرير
    ابن عطية: فيوما يوافين الهوى غير ماضي ويوما ترى منهن غولا تغول وقول الآخر: لعمرك ما تدري متى أنت جائي ولكن أقصى مدة الدهر عاجل وقول الشماخ بن ضرار الغطفاني: كأنها وقد بدا عوارض وفاض من أيديهن فائض وقول جرير أيضا: وعرق الفرزدق شر العروق خبيث الثرى كابي الازند = (*)
    (1/82)

    نحو " جاء القاضي، ومررت بالقاضي "، فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الياء، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الياء.
    وعلم مما ذكر أن الاسم لا يكون في آخره واو قبلها ضمة، نعم إن كان مبنيا وجد ذلك فيه، نحو هو، ولم يوجد ذلك في المعرب إلا في الاسماء الستة في حالة الرفع نحو " جاء أبوه " وأجاز ذلك الكوفيون في موضعين آخرين، أحدهما: ما سمي به من الفعل، نحو يدعو، ويغزو، والثاني: ما كان أعجميا، نحو سمندو، وقمندو.
    * * * وأي فعل آخر منه ألف، أو واو، أو ياء، فمعتلا عرف (1).
    __________
    = ولا خلاف بين أحد من النحاة في أن هذا ضرورة لا تجوز في حالة السعة، والفرق بين هذا والذي قبله أن فيما مضى حمل حالة واحدة على حالتين، ففيه حمل النصب على حالتي الرفع والجر، فأعطينا الاقل حكم الاكثر، ولهذا جوزه بعض العلماء في سعة الكلام، وورد في قراءة جعفر الصادق رضي الله عنه: (من أوسط ما تطعمون
    أهاليكم) أما هذا ففيه حمل حالتين وهما حالة الرفع وحالة الجر على حالة واحدة وهي حالة النصب، وليس من شأن الاكثر أن يحمل على الاقل، ومن أجل هذا اتفقت كلمة النحاة على أنه ضرورة يغتفر منها ما وقع فعلا في الشعر، ولا ينقاس عليها.
    (1) " أي " اسم شرط مبتدأ، وأي مضاف و " فعل " مضاف إليه " آخر " مبتدأ " منه " جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لآخر، وهو الذي سوغ الابتداء به " ألف " خبر المبتدأ الذي هو آخر، والجملة مفسرة لضمير مستتر في كان محذوفا بعد أي الشرطية: أي فهذه الجملة في محل نصب خبر كان المحذوفة مع اسمها، وكان هي فعل الشرط، وقيل: آخر اسم لكان المحذوفة، وألف خبرها، وإنما وقف عليه بالسكون مع أن المنصوب المنون بوقف عليه بالالف على لغة ربيعة التي تقف على المنصوب المنون بالسكون، ويبعد هذا الوجه كون قوله " أو واو أو ياء " مرفوعين، وإن أمكن جعلهما خبرا لمبتدأ محذوف وتكون " أو " قد عطفت جملة على جملة " أو واو أو ياء " معطوفان على ألف " فمعتلا " الفاء واقعة في جواب الشرط، و " معتلا " = (*)
    (1/83)

    أشار إلى أن المعتل من الافعال هو ما كان في آخره واو قبلها ضمة، نحو: يغزو، أو ياء قبلها كسرة، نحو: يرمي، أو ألف قبلها فتحة، نحو: يخشى.
    * * * فالالف انو فيه غير الجزم وأبد نصب ما كيدعو يرمي (1) والرفع فيهما انو، واحذف جازما ثلاثهن، تقض حكما لازما (2).
    __________
    = حال من الضمير المستتر في عرف مقدم عليه " عرف " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على فعل، وخبر " أي " هو مجموع جملة الشرط والجواب على الذي نختاره في أخبار أسماء الشرط الواقعة مبتدأ،
    والتقدير: أي فعل مضارع كان هو - أي الحال والشأن - آخره ألف أو واو أو ياء فقد عرف هذا الفعل بأنه معتل، يريد أن المعتل من الافعال المعربة هو ما آخره حرف علة ألف أو واو أو ياء.
    (1) " فالالف " مفعول لفعل محذوف يفسره ما بعده، وهو على حذف " في " توسعا، والتقدير: ففي الالف انو " انو " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " فيه " جار ومجرور متعلق بانو " غير " مفعول به لانو، وغير مضاف و " الجزم " مضاف إليه " وأبد " الواو حرف عطف، أبد: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " نصب " مفعول به لابد، ونصب مضاف و " ما " اسم موصول مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر " كيدعو " جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة لما " يرمي " معطوف على يدعو مع إسقاط حرف العطف، يريد أن ما كان من الافعال المعربة آخره ألف يقدر فيه الرفع والنصب اللذان هما غير الجزم، وما كان من الافعال المعربة آخره واو كيدعو أو ياء كيرمي يظهر فيه النصب.
    (2) " والرفع " الواو حرف عطف، الرفع: مفعول به مقدم على عامله وهو انو الآتي " فيهما " جار ومجرور متعلق بانو " انو " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " واحذف " فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " جزما " حال من فاعل احذف المستتر فيه " ثلاثهن " مفعول به لا حذف بتقدير مضاف، ومعمول جازما محذوف، والتقدير: واحذف أواخر ثلاثهن حال كونك جازما = (*)
    (1/84)

    ذكر في هذين البيتين كيفية الاعراب في الفعل المعتل، فذكر أن الالف يقدر فيها غير الجزم - وهو الرفع والنصب - نحو " زيد يخشى " فيخشى: مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الالف، و " لن يخشى " فيخشى: منصوب، وعلامة النصب فتحة مقدرة على الالف، وأما الجزم فيظهر، لانه
    يحذف له الحرف الآخر، نحو " لم يخش ".
    وأشار بقوله: " وأبد نصب ما كيدعو يرمي " إلى أن النصب يظهر فيما آخره واو أو ياء، نحو " لن يدعو، ولن يرمي ".
    وأشار بقوله " والرفع فيهما انو " إلى أن الرفع يقدر في الواو والياء، نحو " يدعو، ويرمي " فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الواو والياء.
    وأشار بقوله: " واحذف جازما ثلاثهن " إلى أن الثلاث وهي الالف، والواو، والياء تحذف في الجزم، نحو " لم يخش، ولم يغز، ولم يرم " فعلامة الجزم حذف الالف والواو والياء.
    وحاصل ما ذكره: أن الرفع يقدر في الالف والواو والياء، وأن الجزم يظهر في الثلاثة بحذفها، وأن النصب يظهر في الياء والواو، ويقدر في الالف.
    * * *.
    __________
    الافعال، أو يكون " ثلاثهن " مفعولا لجازما، ومعمول احذف هو المحذوف، والتقدير: واحذف أحرف العلة حال كونك جازما ثلاثهن " تقض " فعل مضارع مجزوم في جواب الامر الذي هو احذف، وعلامة جزمه حذف الياء والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " حكما " مفعول به لتقض على تضمينه معنى تؤدى " لازما " نعت لحكما.
    (*)
    (1/85)

    النكرة والمعرفة نكرة: قابل أل، مؤثرا، أو واقع موقع ما قد ذكرا (1) النكرة: ما يقبل " أل " وتؤثر فيه التعريف، أو يقع موقع ما يقبل " أل " (2) فمثال ما يقبل " أل " وتؤثر فيه التعريف " رجل " فتقول: الرجل،
    واحترز بقوله " وتؤثر فيه التعريف " مما يقبل " أل " ولا تؤثر فيه التعريف، كعباس علما، فإنك تقول فيه: العباس، فتدخل عليه " أل " لكنها لم تؤثر فيه التعريف: لانه معرفة قبل دخولها [ عليه ] ومثال ما وقع موقع ما يقبل " أل " ذو: التي بمعنى صاحب، نحو " جاءني ذو مال " أي: صاحب مال، فذو: نكرة، وهي لا تقبل " أل " لكنها واقعة موقع صاحب، وصاحب يقبل " أل " نحو الصاحب.
    * * *.
    __________
    (1) " نكرة " مبتدأ، وجاز الابتداء بها لانها في معرض التقسيم، أو لكونها جارية على موصوف محذوف، أي: اسم نكرة، ويؤيد ذلك الاخير كون الخبر مذكرا " قابل " خبر المبتدأ، ويجوز العكس، لكن الاول أولى، لكون النكرة هي المحدث عنها، وقابل مضاف، و " أل " مضاف إليه، مقصود لفظه " مؤثرا " حال من أل " أو " عاطفة " واقع " معطوف على قابل، و " موقع " مفعول فيه ظرف مكان، وموقع مضاف و " ما " اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه " قد " حرف تحقيق " ذكرا " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قابل أل، والالف للاطلاق، والجملة لا محل لها من الاعراب صلة الموصول.
    (2) اعترض قوم على هذا التعريف بأنه غير جامع، وذلك لان لنا أسماء نكرات لا تقبل أل ولا تقع موقع ما يقبل أل، وذلك الحال في نحو " جاء زيد راكبا " والتمييز = (*)
    (1/86)

    وغيره معرفة: كهم، وذي وهند، وابني، والغلام، والذي (1) أي: غير النكرة المعرفة، وهي ستة أقسام: المضمر كهم، واسم الاشارة كذي، والعلم كهند، والمحلى بالالف واللام كالغلام، والموصول
    كالذي، وما أضيف إلى واحد منها كابني، وسنتكلم على هذه الاقسام.
    * * *.
    __________
    = في نحو " اشتريت رطلا عسلا " واسم لا النافية للجنس في نحو " لا رجل عندنا " ومجرور رب في نحو " رب رجل كريم لقيته ".
    والجواب أن هذه كلها تقبل أل من حيث ذاتها، لا من حيث كونها حالا أو تمييزا أو اسم لا.
    واعترض عليه أيضا بأنه غير مانع، وذلك لان بعض المعارف يقبل أل نحو يهود ومجوس، فإنك تقول: اليهود، والمجوس، وبعض المعارف يقع موقع ما يقبل أل، مثل ضمير الغائب العائد إلى نكرة، نحو قولك: لقيت رجلا فأكرمته، فإن هذا الضمير واقع موقع رجل السابق وهو يقبل أل.
    والجواب أن يهود ومجوس اللذين يقبلان أل هما جمع يهودي ومجوسي، فهما نكرتان، فإن كانا علمين على القبيلين المعروفين لم يصح دخول أل عليهما، وأما ضمير الغائب العائد إلى نكرة فهو عند الكوفيين نكرة، فلا يضر صدق هذا التعريف عليه، والبصريون يجعلونه واقعا موقع " الرجل " لا موقع رجل، وكأنك قلت: لقيت رجلا فأكرمت الرجل، كما قال تعالى: (كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول) وإذا كان كذلك فهو واقع موقع ما لا يقبل أل، فلا يصدق التعريف عليه.
    (1) " وغيره " غير: مبتدأ، وغير مضاف والهاء العائد على النكرة مضاف إليه " معرفة " خبر المبتدأ " كهم " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك كهم " وذي، وهند، وابنى، والغلام، والذي " كلهن معطوفات على هم، وفي عبارة المصنف قلب، وكان حقه أن يقول: والمعرفة غير ذلك، لان المعرفة هي المحدث عنها.
    وهذه العبارة تنبئ عن انحصار الاسم في النكرة والمعرفة، وذلك هو الراجح عند = (*)
    (1/87)

    فما لذي غيبة أو حضور - كأنت، وهو - سم بالضمير (1) يشير إلى أن الضمير: ما دل على غيبة كهو، أو حضور، وهو قسمان: أحدهما ضمير المخاطب، نحو أنت، والثاني ضمير المتكلم، نحو أنا.
    * * * وذو اتصال منه ما لا يبتدا ولا يلي إلا اختيارا أبدا (2).
    __________
    = علماء النحو، ومنهم قوم جعلوا الاسم على ثلاثة أقسام: الاول النكرة، وهو ما يقبل أل كرجل وكريم، والثاني: المعرفة، وهو ما وضع ليستعمل في شئ بعينه كالضمير والعلم، والثالث: اسم لا هو نكرة ولا هو معرفة، وهو ما لا تنوين فيه ولا يقبل أل كمن وما، وهذا ليس بسديد.
    (1) " فما " اسم موصول مفعول به أول اسم، مبني على السكون في محل نصب " لذي " جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما، وذي مضاف و " غيبة " مضاف إليه " أو " عاطفة " حضور " معطوف على غيبة " كأنت " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أو متعلق بمحذوف حال من ما " وهو " معطوف على أنت " سم " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بالضمير " جار ومجرور متعلق بسم، وهو المفعول الثاني لسم.
    (2) " وذو " مبتدأ، وذو مضاف و " اتصال " مضاف إليه " منه " جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لذي اتصال " ما " اسم موصول خبر المبتدأ، مبني على السكون في محل رفع " لا " نافية " يبتدا " فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والجملة لا محل صلة الموصول، والعائد محذوف، أي: لا يبتدأ به، كذا قال الشيخ خالد، وهو عجيب غاية العجب، لان نائب الفاعل إذا
    كان راجعا إلى ما كان هو العائد، وإن كان راجعا إلى شئ آخر غير مذكور فسد الكلام، ولزم حذف العائد المجرور بحرف جر مع أن الموصول غير مجرور بمثله، وذلك غير جائز، والصواب أن في قوله يبتدأ ضميرا مستترا تقديره هو يعود إلى ما هو العائد، وأن أصل الكلام ما لا يبتدأ به، فالجار والمجرور نائب فاعل، فحذف الجار وأوصل الفعل إلى الضمير فاستتر فيه، فتدبر ذلك وتفهمه " ولا " الواو عاطفة، لا: نافية = (*)
    (1/88)

    كالياء والكاف من " ابني أكرمك " والياء والها من " سليه ما ملك " (1) الضمير البارز ينقسم إلى: متصل، ومنفصل، فالمتصل هو: الذي لا يبتدأ به كالكاف من " أكرمك " ونحوه، ولا يقع بعد " إلا " في الاختيار (2)، فلا يقال: ما أكرمت إلاك، وقد جاء شذوذا في الشعر، كقوله: 13 - أعوذ برب العرش من فئة بغت علي، فما لي عوض إلاه ناصر.
    __________
    = " يلي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، والجملة معطوفة على جملة الصلة " إلا " قصد لفظه: مفعول به ليلى " اختيارا " منصوب على نزع الخافض، أي: في الاختيار " أبدا " ظرف زمان متعلق بيلي.
    (1) " كالياء " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك كائن كالياء " والكاف " معطوف على الياء " من " حرف جر " ابني " مجرور بمن، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من الياء " أكرمك " أكرم: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ابني، والكاف مفعول به، والجملة في محل نصب حال من قوله " الكاف " بإسقاط العاطف الذي يعطفها على الحال الاولى " والياء والهاء " معطوفان على الياء السابقة " من " حرف جار لقول محذوف،
    والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال، أي والياء والهاء حال كونهما من قولك إلخ " سليه " سل: فعل أمر، وياء المخاطبة فاعل، والهاء مفعول أول " ما " اسم موصول مفعول ثان لسلي " ملك " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والجملة لا محل لها من الاعراب صلة ما.
    (2) أجاز جماعة - منهم ابن الانباري - وقوعه بعد إلا اختيارا، وعلى هذا فلا شذوذ في البيتين ونحوهما.
    13 - هذا البيت من الشواهد التي لا يعرف لها قائل.
    اللغة: " أعوذ " ألتجئ وأتحصن، و " الفئة " الجماعة، و " البغي " العدوان والظلم، و " عوض " ظرف يستغرق الزمان المستقبل مثل " أبدا " إلا أنه مختص بالنفي، وهو مبني على الضم كقبل وبعد.
    (*)
    (1/89)

    وقوله: 14 وما علينا - إذا ما كنت جارتنا - أن لا يجاورنا إلاك ديار * * *.
    __________
    = المعنى: إني ألتجئ إلى رب العرش وأتحص بحماه من جماعة ظلموني وتجاوزوا معي حدود النصفة، فليس لي معين ولا وزر سواه.
    الاعراب: " أعوذ " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " برب " جار ومجرور متعلق بأعوذ، ورب مضاف و " العرش " مضاف إليه " من فئة " جار ومجرور متعلق بأعوذ " بغت " بغي: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى فئة، والتاء للتأنيث، والجملة في محل جر صفة لفئة " على " جار ومجرور متعلق ببغي " فما " نافية " لي " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم
    " عوض " ظرف زمان مبني على الضم في محل نصب متعلق بناصر الآتي " إلاه " الا: حرف استثناء، والهاء ضمير وضع للغائب، وهو هنا عائد إلى رب العرش، مستثنى مبني على الضم في محل نصب " ناصر " مبتدأ مؤخر.
    الشاهد فيه: قوله " إلاه " حيث وقع الضمير المتصل بعد إلا، وهو شاذ لا يجوز إلا في ضرورة الشعر، إلا عند ابن الانباري ومن ذهب نحو مذهبه، فإن ذلك عندهم سائغ جائز في سعة الكلام، ولك عندهم أن تحذو على مثاله.
    14 - وهذا البيت أيضا من الشواهد التي لا يعرف قائلها.
    اللغة: " وما علينا " يروى في مكانه " وما نبالي " من المبالاة بمعنى الاكتراث بالامر والاهتمام له والعناية به، وأكثر ما تستعمل هذه الكلمة بعد النفي كما رأيت في بيت الشاهد، وقد تستعمل في الاثبات إذا جاءت معها أخرى منفية، وذلك كما في قول زهير بن أبي سلمى المزني: لقد باليت مظعن أم أوفى ولكن أم أوفى لا تبالي و " ديار " معناه أحد، ولا يستعمل إلا في النفي العام، تقول: ما في الدار من ديار، وما في الدار ديور، تريد ما فيها من أحد، قال الله تعالى: (وقال نوح رب = (*)
    (1/90)

    .
    __________
    = لا تذر على الارض من الكافرين ديارا) يريد لا تذر منهم أحدا، بل استأصلهم وأفنهم جميعا.
    المعنى: إذا كنت جارتنا فلا نكترث بعدم مجاورة أحد غيرك، يريد أنها هي وحدها التي يرغب في جوارها ويسر له.
    الاعراب: " وما " نافية " نبالي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن " إذا " ظرف متضمن معنى الشرط " ما " زائدة " كنت " كان الناقصة واسمها " جارتنا " جارة: خبر كان، وجارة مضاف ونا: مضاف إليه، والجملة من كان
    واسمها وخبرها في محل جر بإضافة إذا إليها " أن " مصدرية " لا " نافية " يجاورنا " يجاور: فعل مضارع منصوب بأن، ونا: مفعول به ليجاور " إلاك " إلا: أداة استثناء، والكاف مستثنى مبني على الكسر في محل نصب، والمستثنى منه ديار الآتي " ديار " فاعل يجاور، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول به لنبالي، ومن رواه " وما علينا " تكون ما نافية أيضا، وعلينا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، وأن المصدرية وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع يقع مبتدأ مؤخرا، ويجوز أن تكون ما استفهامية بمعنى النفي مبتدأ، وعلينا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر، والمصدر المؤول من أن وما دخلت عليه منصوب على نزع الخافض، وكأنه قد قال: أي شئ كائن علينا في عدم مجاورة أحد لنا إذا كنت جارتنا، ويجوز أن تكون ما نافية، وعلينا: متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، والمصدر منصوب على نزع الخافض أيضا والتقدير على هذا: وما علينا ضرر في عدم مجاورة أحد لنا إذا كنت أنت جارتنا.
    الشاهد فيه: قوله " إلاك " حيث وقع الضمير المتصل بعد إلا شذوذا.
    وقال المبرد: ليست الرواية كما أنشدها النحاة " إلاك " وإنما صحة الرواية: * ألا يجاورنا سواك ديار * وقال صاحب اللب: رواية البصريين: * ألا يجاورنا حاشاك ديار * فلا شاهد فيه على هاتين الروايتين، فتفطن لذلك.
    (*)
    (1/91)

    وكل مضمر له البنا يجب، ولفظ ما جر كلفظ ما نصب (1) المضمرات كلها مبنية، لشبهها بالحروف في الجمود (2)، ولذلك لا تصغر.
    __________
    (1) " وكل " مبتدأ أول، وكل مضاف و " مضمر " مضاف إليه " له " جار ومجرور متعلق بيجب الآتي " البنا " مبتدأ ثان " يجب " فعل مضارع، وفاعله ضمير
    مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى البنا، والجملة من الفعل وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الاول " ولفظ " مبتدأ ولفظ مضاف و " ما " اسم موصول مضاف إليه مبني على السكون في محل جر " جر " فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها من الاعراب صلة " كلفظ " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، ولفظ مضاف و " ما " اسم موصول مضاف إليه " نصب " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما المجرورة محلا بالاضافة، والجملة من الفعل ونائب فاعله لا محل لها من الاعراب صلة الموصول.
    (2) قد عرفت - فيما مضى أول باب المعرب والمبني - أن الضمائر مبنية لشبهها بالحروف شبها وضعيا، بسبب كون أكثرها قد وضع على حرف واحد أو حرفين، وحمل ما وضع على أكثر من ذلك عليه، حملا للاقل على الاكثر، وقد ذكر الشارح في هذا الموضع وجها ثانيا من وجوه شبه الضمائر بالحروف، وهو ما سماه بالشبه الجمودي، وهو: كون الضمائر بحيث لا تتصرف تصرف الاسماء، فلا تثنى ولا تصغر، وأما نحو " هما وهم وهن وأنتما وأنتم وأنتن "، فهذه صيغ وضعت من أول الامر على هذا الوجه، وليست علامة المثنى والجمع طارئة عليها.
    ونقول: قد أشبهت الضمائر الحروف في وجه ثالث، وهي أنها مفتقرة في دلالتها على معناها البتة إلى شئ، وهو المرجع في ضمير الغائب، وقرينة التكلم أو الخطاب في ضمير الحاضر، وأشبهته في وجه رابع، وهو أنها استغنت بسبب اختلاف صيغها عن أن تعرب فأنت ترى انهم قد وضعوا للرفع صيغة لا تستعمل في غيره، وللنصب صيغة أخرى ولم يجيزوا إلا أن تستعمل فيه، فكان مجرد الصيغة كافيا لبيان موقع الضمير، فلم يحتج للاعراب ليبين موقعه، فأشبه الحروف في عدم الحاجة إلى الاعراب، وإن كان سبب عدم الحاجة مختلفا فيهما (وانظر ص 28، 32).
    (*)
    (1/92)

    ولا تثنى ولا تجمع، وإذا ثبت أنها مبنية: فمنها ما يشترك فيه الجر والنصب، وهو: كل ضمير نصب أو جر متصل، نحو: أكرمتك، ومررت بك، وإنه وله، فالكاف في " أكرمتك " في موضع نصب، وفي " بك " في موضع جر، والهاء في " إنه " في موضع نصب، وفي " له " في موضع جر.
    ومنها ما يشترك فيه الرفع والنصب والجر، وهو " نا "، وأشار إليه بقوله: للرفع والنصب وجر " نا " صلح كاعرف بنا فإننا نلنا المنح (1) أي: صلح لفظ " نا " للرفع، نحو نلنا، وللنصب، نحو فإننا، وللجر، نحو بنا.
    ومما يستعمل للرفع والنصب والجر: الياء، فمثال الرفع نحو " اضربي " ومثال النصب نحو " أكرمني " ومثال الجر نحو " مر بي ".
    ويستعمل في الثلاثة أيضا " هم "، فمثال الرفع " هم قائمون " ومثال النصب " أكرمتهم " ومثال الجر " لهم ".
    وإنما لم يذكر المصنف الياء وهم لانهما لا يشبهان " نا " من كل وجه، لان " نا " تكون للرفع والنصب والجر والمعنى واحد، وهي ضمير متصل.
    __________
    (1) " للرفع " جار ومجرور متعلق بصلح الآتي " والنصب وجر " معطوفان على الرفع و " نا " مبتدأ، وقد قصد لفظه " صلح " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى نا، والجملة من صلح وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " كاعرف " الكاف حرف جر، والمجرور محذوف، والتقدير: كقولك، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، واعرف: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بنا " جار ومجرور متعلق باعرف " فإننا " الفاء تعليلية، وإن حرف توكيد ونصب، ونا: اسمها " نلنا " فعل وفاعل، والجملة من نال وفاعله في
    محل رفع خبر إن " المنح " مفعول به لنال، منصوب بالفتحة الظاهرة، وسكن لاجل الوقف.
    (*)
    (1/93)

    في الاحوال الثلاثة، بخلاف الياء، فإنها - وإن استعملت للرفع والنصب والجر، وكانت ضميرا متصلا في الاحوال الثلاثة - لم تكن بمعنى واحد في الاحوال الثلاثة، لانها - في حالة الرفع للمخاطب، وفي حالتي النصب والجر للمتكلم، وكذلك " هم "، لانها وإن كانت بمعنى واحفي الاحوال الثلاثة - فليست مثل " نا "، لانها في حالة الرفع ضمير منفصل، وفي حالتي النصب والجر ضمير متصل.
    * * * وألف والواو والنون لما غاب وغيره، كقاما واعلما (1) الالف والواو والنون من ضمائر الرفع المتصلة، وتكون للغائب وللمخاطب، فمثال الغائب " الزيدان قاما، والزيدون قاموا، والهندات قمن " ومثال المخاطب " اعلما، واعلموا، واعلمن "، ويدخل تحت قول المصنف " وغيره " المخاطب والمتكلم، وليس هذا بجيد، لان هذه الثلاثة لا تكون للمتكلم أصلا، بل إنما تكون للغائب أو المخاطب كما مثلنا.
    * * *.
    __________
    (1) " ألف " مبتدأ - وهو نكرة، وسوغ الابتداء به عطف المعرفة عليها " والواو، والنون " معطوفان على ألف " ما " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ " غاب " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما، والجملة لا محل لها صلة ما " وغيره " الواو حرف عطف، غير: معطوف على ما، وغير مضاف والضمير مضاف إليه " كقاما " الكاف جارة لقول محذوف، والجار والمجرور
    يتعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي وذلك كائن كقولك، وقاما: فعل ماض وفاعل " واعلما " الواو عاطفة، واعلما: فعل أمر، وألف الاثنين فاعله، والجملة معطوفة بالواو على جملة قاما.
    (*)
    (1/94)

    ومن ضمير الرفع ما يستتر كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر (1) ينقسم الضمير إلى مستتر وبارز (2)، والمستتر إلى واجب الاستتار وجائزة،.
    __________
    (1) " من ضمير، جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، وضمير مضاف، و " الرفع " مضاف إليه " ما " اسم موصول مبتدأ مؤخر، مبني على السكون في محل رفع " يستتر " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، والجملة لا محل لها صلة ما " كافعل " الكاف جارة لقول محذوف، والجار والمجرور يتعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كقولك، وافعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " أوافق " فعل مضارع مجزوم في جواب الامر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " نغتبط " بدل من أوافق " إذ " ظرف وضع للزمن الماضي، ويستعمل مجازا في المستقبل، وهو متعلق بقوله " نغتبط " مبني على السكون في محل نصب " تشكر " فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والجملة في محل جر بإضافة إذ إليها.
    (2) المنقسم هو الضمير المتصل لا مطلق الضمير، والمراد بالضمير البارز ماله صورة في اللفظ حقيقة نحو التاء والهاء في أكرمته، والياء في ابني، أو حكما كالضمير المتصل المحذوف من اللفظ جوازا في نحو قولك: جاء الذي ضربت، فإن التقدير جاء الذي ضربته، فحذفت التاء من اللفظ، وهي منوبة، لان الصلة لابد لها من عائد يربطها بالموصول.
    ومن هنا تعلم أن البارز ينقسم إلى قسمين: الاول المذكور، والثاني المحذوف، والفرق بين المحذوف والمستتر من وجهين، الاول: أن المحذوف يمكن
    النطق به، وأما المستتر فلا يمكن النطق به أصلا، وإنما يستعيرون له الضمير المنفصل حين يقولون: مستتر جوازا تقديره هو، أو يقولون: مستتر وجوبا تقديره أنا أو أنت وذلك لقصد التقريب على المتعلمين، وليس هذا هو نفس الضمير المستتر على التحقيق، والوجه الثاني: أن الاستتار يختص بالفاعل الذي هو عمدة في الكلام، وأما الحذف فكثيرا ما يقع في الفضلات، كما في المفعول به في المثال السابق، وقد يقع في العمد في غير الفاعل كما في المبتدأ، وذلك كثير في العربية، ومنه قول سويد بن أبي كاهل اليشكري، في وصف امرئ يضمر بغضه: مستسر الشن ء، لو يفقدني لبدا منه ذباب فنبع = (*)
    (1/95)

    والمراد بواجب الاستتار: مالا يحل محله الظاهر، والمراد بجائز الاستتار: ما يحل محله الظاهر.
    وذكر المصنف في هذا البيت من المواضع التي يجب فيها الاستتار أربعة: الاول: فعل الامر للواحد المخاطب كافعل، التقدير أنت، وهذا الضمير لا يجوز إبرازه، لانه لا يحل محله الظاهر، فلا تقول: افعل زيد، فأما " افعل أنت " فأنت تأكيد للضمير المستتر في " افعل " وليس بفاعل لافعل، لصحة الاستغناء عنه، فتقول: افعل، فإن كان الامر لواحدة أو لاثنين أو لجماعة برز الضمير، نحو اضربي، واضربا، واضربوا، واضربن.
    الثاني: الفعل المضارع الذي في أوله الهمزة، نحو " أوافق " والتقدير أنا، فإن قلت " أوافق أنا " كان " أنا " تأكيدا للضمير المستتر.
    الثالث: الفعل المضارع الذي في أوله النون، نحو " نغتبط " أي نحن.
    الرابع: الفعل المضارع الذي في أوله التاء لخطاب الواحد، نحو " تشكر " أي أنت، فإن كان الخطاب لواحدة أو لاثنين أو لجماعة برز الضمير، نحو أنت
    تفعلين، وأنتما تفعلان، وأنتم تفعلون، وأنتن تفعلن.
    هذا (1) ما ذكره المصنف من المواضع التي يجب فيها استتار الضمير..
    __________
    = يريد هو مستسر البغض، فحذف الضمير، لانه معروف ينساق إلى الذهن، ومثل ذلك أكثر من أن يحصى في كلام العرب.
    (1) وبقيت مواضع أخرى يجب فيها استتار الضمير، الاول: اسم فعل الامر، نحو صه، ونزال، ذكره في التسهيل، والثاني: اسم فعل المضارع، نحو أف وأوه، ذكره أبو حيان، والثالث: فعل التعجب، نحو ما أحسن محمدا، والرابع: أفعل التفضيل، نحو محمد أفضل من علي، والخامس: أفعال الاستثناء، نحو قاموا ماخلا عليا، أو ما عدا بكرا، أو لا يكون محمدا.
    زادها ابن هشام في التوضيح تبعا لابن مالك في باب الاستثناء من التسهيل، وهو حق، السادس: المصدر النائب عن فعل الامر، = (*)
    (1/96)

    ومثال جائز الاستتار: زيد يقوم، أي هو، وهذا الضمير جائز الاستتار، لانه يحل محله الظاهر، فتقول: زيد يقوم أبوه، وكذلك كل فعل أسند إلى غائب أو غائبة، نحو هند تقوم، وما كان بمعناه، نحو زيد قائم، أي هو.
    * * * وذو ارتفاع وانفصال: أنا، هو، وأنت، والفروع لا تشتبه (1) تقدم أن الضمير ينقسم إلى مستتر وإلى بارز، وسبق الكلام في المستتر، والبارز ينقسم إلى: متصل، ومنفصل، فالمتصل يكون مرفوعا، ومنصوبا، ومجرورا، وسبق الكلام في ذلك، والمنفصل يكون مرفوعا ومنصوبا، ولا يكون مجرورا.
    وذكر المصنف في هذا البيت المرفوع المنفصل، وهو اثنا عشر: " وأنا " للمتكلم وحده، و " نحن " للمتكلم المشارك أو المعظم نفسه، و " أنت "
    للمخاطب، و " أنت " للمخاطبة، و " أنتما " للمخاطبين أو المخاطبتين، و " أنتم " للمخاطبين، و " أنتن " للمخاطبات، و " هو " للغائب،.
    __________
    = نحو قول الله تعالى (فضرب الرقاب) وأما مرفوع الصفة الجارية على من هي له فجائز الاستتار قطعا.
    وذلك نحو " زيد قائم " ألا ترى أنك تقول في تركيب آخر " زيد قائم أبوه " وقد ذكره الشارح في جائز الاستتار، وهو صحيح، وكذلك مرفوع نعم وبئس، نحو " نعم رجلا أبو بكر، وبئست امرأة هند "، وذلك لانك تقول في تركيب آخر " نعم الرجل زيد، وبئست المرأة هند ".
    (1) " وذو " مبتدأ، وذو مضاف و " ارتفاع " مضاف إليه " وانفصال " معطوف على ارتفاع " أنا " خبر المبتدأ " هو، وأنت " معطوفان على أنا " والفروع " مبتدأ " لا " نافية " تشتبه " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى الفروع، والجملة من الفعل المضارع المنفي وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ، الذي هو الفروع.
    (7 - شرح ابن عقيل 1) (*)
    (1/97)

    و " هي " للغائبة، و " هما " للغائبين أو الغائبتين، و " هم " للغائبين، و " هن " للغائبات.
    * * * وذو انتصاب في انفصال جعلا: إياي، والتفريع ليس مشكلا (1) أشار في هذا البيت إلى المنصوب المنفصل، وهو اثنا عشر: " إياي " للمتكلم وحده، و " إيانا " للمتكلم المشارك أو المعظم نفسه، و " إياك " للمخاطب، و " إياك " للمخاطبة، و " إياكما " للمخاطبين أو المخاطبتين، و " إياكم " للمخاطبين، و " إياكن " للمخاطبات، و " إياه " للغائب، و " إياها " للغائبة، و " إياهما " للغائبين أو الغائبتين، و " إياهم " للغائبين،
    و " إياهن " للغائبات (2).
    * * *.
    __________
    (1) " وذو " مبتدأ، وذو مضاف و " انتصاب " مضاف إليه " في انفصال " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في جعل الآتي " جعلا " فعل ماض، مبني للمجهول، والالف للاطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذو " إياي " مفعول ثان لجعل، والجملة من جعل ومعموليه في محل رفع خبر المبتدأ " والتفريع " مبتدأ " ليس " فعل ماض ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على التفريع " مشكلا " خبر ليس، والجملة من ليس واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ.
    (2) اختلف في هذه اللواحق التي بعد " إيا " فقيل: هي حروف تبين الحال وتوضح المراد من " إيا " متكلما أو مخاطبا أو غائبا، مفردا أو مثنى أو مجموعا، ومثلها مثل الحروف التي في أنت وأنتما وأنتن، ومثل اللواحق في أسماء الاشارة نحو تلك وذلك وأولئك، وهذا مذهب سيبويه والفارسي والاخفش، قال أبو حيان: وهو الذي صححه أصحابنا وشيوخنا.
    = (*)
    (1/98)

    وفي اختيار لا يجئ المنفصل إذا تأتى أن يجئ المتصل (1) كل موضع أمكن أن يؤتى فيه بالضمير المتصل لا يجوز العدول عنه إلى المنفصل، إلا فيما سيذكره المصنف، فلا تقول في أكرمتك " أكرمت إياك " لانه يمكن الاتيان بالمتصل فتقول: أكرمتك..
    __________
    = وذهب الخليل والمازني، واختاره ابن مالك، إلى أن هذه اللواحق أسماء، وأنها ضمائر أضيفت إليها " إيا " زاعمين أن " إيا " أضيفت إلى غير هذه اللواحق في نحو " إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب " فيكون في ذلك دليل على أن اللواحق أسماء.
    وذلك باطل لوجهين، الاول: أن هذا الذي استشهدوا به شاذ، ولم تعهد إضافة الضمائر.
    والثاني أنه لو صح ما يقولون لكانت " إيا " ونحوها ملازمة للاضافة، وقد علمنا أن الاضافة من خصائص الاسماء المعربة، فكان يلزم أن تكون إيا ونحوها معربة، ألست ترى أنهم أعربوا " أي " الموصولة والشرطية والاستفهامية لما لازمها من الاضافة ؟ وقال الفراء: إن " إيا " ليست ضميرا، وإنما هي حرف عماد جئ به توصلا للضمير، والضمير هو اللواحق، ليكون دعامة يعتمد عليها، لتمييز هذه اللواحق عن الضمائر المتصلة.
    وزعم الزجاج أن الضمائر هي اللواحق موافقا في ذلك للفراء، ثم خالفه في " إيا " فادعى أنها اسم ظاهر مضاف إلى الكاف والياء والهاء.
    وقال ابن درستويه: إن هذا اسم ليس ظاهرا ولا مضمرا، وإنما هو بين بين.
    وقال الكوفيون: المجموع من " إيا " ولواحقها ضمير واحد.
    (2) " وفي اختيار " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل يجئ الآتي " لا " نافية " يجئ " فعل مضارع " المنفصل " فاعل يجئ " إذا " ظرف لما يستقبل من الزمان " تأتى " فعل ماض " أن " حرف مصدري ونصب " يجئ " فعل مضارع منصوب بأن " المتصل " فاعل يجئ، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل تأتى، والتقدير: تأتى مجئ المتصل، والجملة من تأتى وفاعله في محل جر بإضافة إذا إليها، وجواب إذا محذوف لدلالة ما قبله عليه، والتقدير: إذا تأتى مجئ المتصل فلا يجئ المنفصل.
    (*)
    (1/99)

    فإن لم يمكن الاتيان بالمتصل تعين المنفصل، نحو إياك أكرمت (1)، وقد.
    __________
    (1) اعلم أنه يتعين انفصال الضمير، ولا يمكن المجئ به متصلا، في عشرة مواضع:
    الاول: أن يكون الضمير محصورا، كقوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) وكقول الفرزدق: أنا الذائد الحامي الذمار، وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي إذ التقدير: لا يدافع عن أحسابهم إلا أنا أو مثلي ومن هذا النوع قول عمرو بن معد يكرب الزبيدي: قد علمت سلمى وجاراتها ما قطر الفارس إلا أنا الثاني: أن يكون الضمير مرفوعا بمصدر مضاف إلى المنصوب به، نحو " عجبت من ضربك هو " وكقول الشاعر: بنصركم نحن كنتم فائزين، وقد أغرى العدى بكم استسلامكم فشلا الثالث: أن يكون عامل الضمير مضمرا، نحو قول السموأل: وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل وكقول لبيد بن ربيعة: فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب لعلك تهديك القرون الاوائل الرابع: أن يكون عامل الضمير متأخرا عنه، كقوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين) وهذا هو الموضع الذي أشار إليه الشارح.
    الخامس: أن يكون عامل الضمير معنويا، وذلك إذا وقع الضمير مبتدأ، نحو " اللهم أنا عبد أثيم، وأنت مولى كريم " ومنه " أنا الذائد " في بيت الفرزدق السابق.
    السادس: أن يكون الضمير معمولا لحرف نفي، كقوله تعالى: (وما أنتم بمعجزين) (ما هن أمهاتهم) (وما أنا بطارد المؤمنين) (إن أنا إلا نذير مبين) وكقول الشاعر: إن هو مستوليا على أحد إلا على أضعف المجانين السابع: أن يفصل بين الضمير وعامله بمعمول آخر، كقوله تعالى: (يخرجون
    الرسول وإياكم) وكقول الشاعر: = (*)
    (1/100)

    جاء الضمير في الشعر منفصلا مع إمكان الاتيان به متصلا، كقوله: 15 - بالباعث الوارث الاموات قد ضمنت إياهم الارض في دهر الدهارير * * *.
    __________
    = مبرأ من عيوب الناس كلهم فالله يرعى أبا حفص وإيانا الثامن: أن يقع الضمير بعد واو المعية، كقول أبي ذؤيب الهذلي: فآليت لا أنفك أحذو قصيدة تكون وإياها بها مثلا بعدي التاسع: أن يقع بعد " أما " نحو " أما أنا فشاعر، وأما أنت فكاتب، وأما هو فنحوي ".
    العاشر: أن يقع بعد اللام الفارقة، نحو قول الشاعر: إن وجدت الصديق حقا لاياك، فمرني فلن أزال مطيعا وسيأتي موضع ذكر تفصيله المصنف والشارح.
    15 - البيت من قصيدة للفرزدق، يفتخر فيها، ويمدح يزيد بن عبد الملك بن مروان، وقبله: يا خير حي وقت نعل له قدما وميت بعد رسل الله مقبور إني حلفت، ولم أحلف على فند، فناء بيت من الساعين معمور اللغة: " الباعث " الذي يبعث الاموات ويحييهم بعد موتهم " الوارث " هو الذي ترجع إليه الاملاك بعد فناء الملاك " ضمنت " - بكسر الميم مخففة - بمعنى تضمنت، أي اشتملت أو بمعنى تكفلت يهم " الدهارير " الزمن الماضي، أو الشدائد، وهو جمع لا واحد له من لفظه.
    الاعراب: " يا لباعث " جار ومجرور متعلق بقوله " حلفت " في البيت الذي أنشدناه قبل هذا البيت، والاموات: يجوز فيه وجهان، أحدهما: جره بالكسرة الظاهرة على أنه مضاف إليه، والمضاف هو الباعث والوارث على مثال قوله: يا من رأى عارضا أسر له بين ذراعي وجبهة الاسد = (*)
    (1/101)

    وصل أو افصل هاء سلنيه، وما أشبهه، في كنته الخلف انتمى (1).
    __________
    = وقولهم " قطع الله يد ورجل من قالها " والوجه الثاني: نصب الاموات بالفتحة الظاهرة على أنه مفعول به (تنازعه) ؟ الوصفان فأعمل فيه الثاني وحذف ضميره من الاول لكونه فضلة " ضمنت " فعل ماض، والتاء للتأنيث " إياهم " مفعول به تقدم على الفاعل " الارض " فاعل ضمن " في دهر " جار ومجرور متعلق بضمنت، ودهر مضاف و " الدهارير " مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة.
    الشاهد فيه: قوله " ضمنت إياهم " حيث عدل عن وصل الضمير إلى فصله، وذلك خاص بالشعر، ولا يجوز في سعة الكلام، ولو جاء به على ما يستحقه الكلام لقال " قد ضمنتهم الارض ".
    ومثل هذا البيت قول زياد بن منقذ العدوي التميمي من قصيدة له يقولها في تذكر أهله والحنين إلى وطنه، وكان قد نزل صنعاء فاستوبأها، وكان أهله بنجد في وادي أشى - بزنة المصغر (وانظر 1 / 65 من كتابنا هداية السالك إلى أوضح المسالك): وما أصاحب من قوم فأذكرهم إلا يزيدهم حبا إلي هم فقد جاء بالضمير منفصلا - وهو قوله " هم " في آخر البيت - وكان من حقه أن يجئ به متصلا بالعامل - وهو قوله " يزيد " - ولو جاء به على ما يقتضيه الاستعمال لقال " إلا يزيدونهم حبا إلى ".
    ومثل ذلك قول طرفة بن العبد البكري:
    أصرمت حبل الوصل، بل صرموا يا صاح، بل قطع الوصال هم وكان من حقه أن يقول: " بل قطعوا الوصال " لكنه اضطر ففصل.
    (1) " وصل " الواو للاستئناف، صل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " أو " حرف عطف دال على التخيير " افصل " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وجملة افصل معطوفة على جملة صل " هاء " مفعول تنازعه الفعلان، فأعمل فيه الثاني، وهاء مضاف و " سلنيه " قصد لفظه: مضاف إليه " وما " الواو حرف عطف، ما: اسم موصول معطوف على سلنيه " أشبهه " أشبه: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، والهاء مفعول به، والجملة لا محل = (*)
    (1/102)

    كذاك خلتنيه، واتصالا * أختار، غيري اختار الانفصالا (1) أشار في هذين البيتين إلى المواضع التي يجوز أن يؤتى فيها بالضمير منفصلا مع إمكان أن يؤتى به متصلا.
    فأشار بقوله: " سلنيه " إلى ما يتعدى إلى مفعولين الثاني منها ليس خيرا ؟ في الاصل، وهما ضميران، نحو: " الدرهم سلنيه " فيجوز لك في هاء " سلنيه " الاتصال نحو سلنيه، والانفصال نحو سلني إياه، وكذلك كل فعل أشبهه، نحو الدرهم أعطيتكه، وأعطيتك إياه.
    وظاهر كلام المصنف أنه يجوز في هذه المسألة الانفصال والاتصال على السواء، وهو ظاهر كلام أكثر النحويين، وظاهر كلام سيبويه أن الاتصال فيها واجب، وأن الانفصال مخصوص بالشعر.
    وأشار بقوله: " في كنته الخلف انتمى " إلى أنه إذا كان خبر " كان " وأخواتها ضميرا، فإنه يجوز اتصاله وانفصاله، واختلف في المختار منهما، فاختار المصنف
    .
    __________
    = لها صلة ما " في كنته " جار ومجرور متعلق بانتمى " الخلف " مبتدأ " انتمى " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الخلف، والجملة من انتمى وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ، وانتمى معناه انتسب، والمراد أن بين العلماء خلافا في هذه المسألة وأن هذا الخلاف معروف، وكل قول فيه معروف النسبة إلى قائله.
    (1) " كذاك " الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، والكاف حرف خطاب " خلتنيه " قصد لفظه: مبتدأ مؤخر " واتصالا " الواو عاطفة، اتصالا: مفعول مقدم لاختار " أختار " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " غيري، غير: مبتدأ، وغير مضاف والياء التي للمتكلم مضاف إليه " اختار " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود لغيري، والجملة من اختار وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " الانفصالا " مفعول به لاختار، والالف للاطلاق.
    (*)
    (1/103)

    الاتصال، نحو كنته، واختار سيبويه الانفصال، نحو كنت إياه (1)، [ تقول، الصديق كنته، وكنت إياه ].
    وكذلك المختار عند المصنف الاتصال في نحو " خلتنيه " (2) وهو: كل فعل تعدى إلى مفعولين الثاني منهما خبر في الاصل، وهما ضميران، ومذهب سيبويه أن المختار في هذا أيضا الانفصال، نحو خلتني إياه، ومذهب سيبويه أرجح، لانه هو الكثير في لسان العرب على ما حكاه سيبويه عنهم وهو المشافه لهم، قال الشاعر:.
    __________
    (1) قد ورد الامران كثيرا في كلام العرب، فمن الانفصال قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي: لئن كان إياه لقد حال بعدنا عن العهد، والانسان قد يتغير وقول الآخر:
    ليس إياي وإياك، ولا نخشى رقيبا ومن الاتصال قول أبي الاسود الدؤلي يخاطب غلاما له كان يشرب النبيذ فيضطرب شأنه وتسوء حاله: فإن لا يكنها أو تكنه فإنه أخوها غذته أمه بلبانها وقول رسول الله صلى عليه وسلم لعمر بن الخطاب في شأن ابن الصياد: " إن يسكنه فلن تسلط عليه، وإلا يكنه فلا خير لك في قتله " ومنه الشاهد رقم 17 الآتي في ص 109.
    (2) قد ورد الامران في فصيح الكلام أيضا، فمن الاتصال قوله تعالى: (إذ يريكهم الله في منامك قليلا، ولو أراكهم كثيرا) وقول الشاعر: بلغت صنع امرئ بر إخالكه إذ لم تزل لا كتساب الحمد معتذرا ومن الانفصال قول الشاعر: أخي حسبتك إياه، وقد ملئت أرجاء صدرك بالاضغان والاحن (*)
    (1/104)

    16 - إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام * * *.
    __________
    16 - هذا البيت قيل إنه لديسم بن طارق أحد شعراء الجاهلية، وقد جرى مجرى المثل، وصار يضرب لكل من يعتد بكلامه، ويتمسك بمقاله، ولا يلتفت إلى ما يقول غيره، وفي هذا جاء به الشارح، وهو يريد أن سيبويه هو الرجل الذي يعتد بقوله، ويعتبر نقله، لانه هو الذي شافه العرب، وعنهم أخذ، ومن ألسنتهم استمد.
    المفردات: " حذام " اسم امرأة، زعم بعض أرباب الحواشي أنها الزباء، وقال: وقيل غيرها، ونقول: الذي عليه الادباء أنها زرقاء اليمامة، وهي امرأة من بنات لقمان بن عاد، وكانت ملكة اليمامة، واليمامة اسمها، فسميت البلد باسمها، زعموا أنها
    كانت تبصر من مسيرة ثلاثة أيام، وهي التي يشير إليها النابغة الذبياني في قوله: واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت إلى حمام سراع وارد الثمد قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا إلى حمامتنا أو نصفه فقد الاعراب: " إذا " ظرف تضمن معنى الشرط " قالت " قال: فعل ماض، والتاء للتأنيث " حذام " فاعل قال، مبني على الكسر في محل رفع " فصدقوها " الفاء واقعة في جواب إذا، وصدق: فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل، وها: مفعول به " فإن " الفاء للعطف، وفيها معنى التعليل، وإن: حرف توكيد ونصب " القول " اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة " ما " اسم موصول خبر إن، مبني على السكون في محل رفع " قالت " قال: فعل ماض، والتاء للتأنيث " حذام " فاعل قالت، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الاعراب صلة الموصول، والعائد محذوف، أي ما قالته حذام.
    التمثيل به: قد جاء الشارح بهذا البيت وهو يزعم أن مذهب سيبويه أرجح مما ذهب إليه الناظم، وكأنه أراد أن يعرف الحق بأن يكون منسوبا إلى عالم جليل كسيبويه، وهي فكرة لا يجوز للعلماء أن يتمسكوا بها، ثم إن الارجح في المسألة ليس هو ما ذهب إليه سيبويه والجمهور، بل الارجح ما ذهب إليه ابن مالك، والرماني، وابن الطراوة من أن الاتصال أرجح في خبر كان وفي المفعول الثاني من معمولي ظن وأخواتها، وذلك = (*)
    (1/105)

    وقدم الاخص في اتصال وقدمن ما شئت في انفصال (1) ضمير المتكلم أخص من ضمير المخاطب، وضمير المخاطب أخص من ضمير الغائب، فإن اجتمع ضميران منصوبان أحدهما أخص من الآخر، فإن كانا متصلين وجب تقديم الاخص منهما، فتقول: الدرهم أعطيتكه وأعطيتنيه، بتقديم الكاف والياء على الهاء، لانها أخص من الهاء، لان الكاف للمخاطب، والياء
    للمتكلم، والهاء للغائب، ولا يجوز تقديم الغائب مع الاتصال، فلا تقول: أعطيتهوك، ولا أعطيتهوني، وأجازه قوم، ومنه ما رواه ابن الاثير في غريب الحديث من قول عثمان رضي الله عنه: " أراهمني الباطل شيطانا "، فإن فصل أحدهما كنت بالخيار، فإن شئت قدمت الاخص، فقلت: الدرهم أعطيتك إياه، وأعطيتني إياه، وإن شئت قدمت غير الاخص، فقلت: أعطيته إياك،.
    __________
    = من قبل أن الاتصال في البابين أكثر ورودا عن العرب، وقد ورد الاتصال في خبر " كان " في الحديث الذي رويناه لك، وورد الاتصال في المفعول الثاني من باب ظن في القرآن الكريم فيما قد تلونا من الآيات، ولم يرد في القرآن الانفصال في أحد البابين أصلا، وبحسبك أن يكون الاتصال هو الطريق الذي استعمله القرآن الكريم باطراد.
    (1) " وقدم " الواو عاطفة، قدم: فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الاعراب، وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " الاخص " مفعول به لقدم " في اتصال " جار ومجرور متعلق بقدم " وقدمن " الواو عاطفة، قدم: فعل أمر، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " ما " اسم موصول مفعول به لقدم المؤكد، مبني على السكون في محل نصب " شئت " فعل وفاعل، وجملتهما لا محل لها صلة ما الموصولة، والعائد محذوف، والتقدير: وقدمن الذي شئنه " في انفصال " جار ومجرور متعلق بقدمن.
    (*)
    (1/106)

    وأعطيته إياي، وإليه أشار بقوله: " وقدمن ما شئت في انفصال " وهذا الذي ذكره ليس على إطلاقه، بل إنما يجوز تقديم غير الاخص في الانفصال عند أمن اللبس، فإن خيف لبس لم يجز، فإن قلت: زيد أعطيتك إياه (1)،
    لم يجز تقديم الغائب، فلا تقول: زيد أعطيته إياك، لانه لا يعلم هل زيد مأخوذ أو آخذ.
    * * * وفي اتحاد الرتبة الزم فصلا وقد يبيح الغيب فيه وصلا (2) إذا اجتمع ضميران، وكانا منصوبين، واتحدا في الرتية - ؟ كأن يكونا لمتكلمين، أو مخاطبين، أو غائبين - فإنه يلزم الفصل في أحدهما، فتقول: أعطيتني إياي، وأعطيتك إياك، وأعطيته إياه، ولا يجوز اتصال الضميرين، فلا تقول: أعطيتنيني، ولا أعطيتكك، ولا أعطيتهوه، نعم إن كانا غائبين واختلف لفظهما فقد يتصلان، نحو الزيدان الدرهم أعطيتهماه، وإليه أشار بقوله في الكافية:.
    __________
    (1) إنما يقع اللبس فيما إذا كان كل من المفعولين يصلح أن يكون فاعلا كما ترى في مثال الشارح، ألست ترى أن المخاطب وزيدا يصلح كل منهما أن يكون آخذا ويصلح أن يكون مأخوذا، أما نحو " الدرهم أعطيته إياك " أو " الدرهم أعطيتك إياه " فلا لبس لن المخاطب آخذ تقدم أو تأخر، والدرهم مأخوذ تقدم أو تأخر.
    (2) " وفي اتحاد " الواو حرف عطف، والجار والمجرور متعلق بالزم الآتي، واتحاد مضاف و " الرتبة " مضاف إليه " الزم " فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الاعراب، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " فصلا " مفعول به لا لزم " وقد " الواو عاطفة، قد: حرف دال على التقليل " يبيح " فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة " الغيب " فاعل يبيح " فيه " جار ومجرور متعلق بيبيح " وصلا " مفعول به ليبيح.
    (*)
    (1/107)

    مع اختلاف ما، ونحو " ضمنت إياهم الارض " الضرورة اقتضت
    وربما أثبت هذا البيت في بعض نسخ الالفية، وليس منها، وأشار بقوله: " ونحو ضمنت - إلى آخر البيت " إلى أن الاتيان بالضمير منفصلا في موضع يجب فيه اتصاله ضرورة، كقوله: بالباعث الوارث الاموات قد ضمنت إياهم الارض في دهر الدهارير (1) [ 15 ] وقد تقدم ذكر ذلك.
    * * * وقبل يا النفس مع الفعل التزم نون وقاية، و " ليسي " قد نظم (2) إذا اتصل بالفعل ياء المتكلم لحقته لزوما نون تسمى نون الوقاية، وسميت بذلك لانها تقي الفعل من الكسر، وذلك نحو " أكرمني، ويكرمني، وأكرمني " وقد جاء حذفها مع " ليس " شذوذا، كما قال الشاعر:.
    __________
    (1) مضى شرح هذا البيت قريبا (ص 101) فارجع إليه هناك، وهو الشاهد رقم 15 (2) " وقبل " الواو حرف عطف، قبل ظرف زمان متعلق بالتزم الآتي، وقبل مضاف و " يا " مضاف إليه، ويا مضاف و " النفس " مضاف إليه " مع " ظرف متعلق بمحذوف حال من يا النفس، ومع مضاف و " الفعل " مضاف إليه " التزم " فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح لا محل له من الاعراب، وسكن لاجل الوقف " نون " نائب فاعل لالتزم مرفوع بالضمة، ونون مضاف و " قاية " مضاف إليه " وليسي " الواو عاطفة، ليسي: قصد لفظه مبتدأ " قد " حرف تحقيق " نظم " فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح لا محل له من الاعراب.
    وسكنه لاجل الوقف، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ليسي، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ.
    (*)
    (1/108)

    17 - عددت قومي كعديد الطيس إذ ذهب القوم الكرام ليسي.
    __________
    17 - هذا البيت نسبه جماعة من العلماء ومنهم ابن منظور في العرب (ط ى س) - لرؤبة بن العجاج، وليس موجودا في ديوان رجزه، ولكنه موجود في زيادات الديوان.
    اللغة: " كعديد " العديد كالعدد، يقال: هم عديد الثرى، أي عددهم مثل عدده، و " الطيس " - بفتح الطاء المهملة، وسكون الياء المثناة من تحت، وفي آخره سين مهملة - الرمل الكثير، وقال ابن منظور: " واختلفوا في تفسير الطيس، فقال بعضهم: كل من على ظهر الارض من الانام فهو من الطيس، وقال بعضهم: بل هو كل خلق كثير النسل نحو النمل والذباب والهوام، وقيل: يعني الكثير من الرمل " اه " ليسي " أراد غيري، استثنى نفسه من القوم الكرام الذين ذهبوا، هذا ويروى صدر الشاهد: * عهدي بقومي كعديد الطيس * وهي الرواية الصحيحة المعنى.
    المعنى: يفخر بقومه، ويتحسر على ذهابهم، فيقول: عهدي بقومي الكرام الكثيرين كثرة تشبه كثرة الرمل حاصل، وقد ذهبوا إلا إياي، فإنني بقيت بعدهم خلفا عنهم.
    الاعراب: " عددت " فعل وفاعل " قومي " قوم: مفعول به، وقوم مضاف وياء المتكلم مضاف إليه " كعديد " جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف، والتقدير: عددتهم عدا مثل عديد، وعديد مضاف و " الطيس " مضاف إليه " إذ " ظرف دال على الزمان الماضي، متعلق بعددت " ذهب " فعل ماض " القوم " فاعله " الكرام " صفة له، والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها " ليسي " ليس: فعل ماض ناقص دال على الاستثناء، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره هو يعود على
    البعض المفهوم من القوم، والياء خبره مبني على السكون في محل نصب.
    الشاهد فيه: في هذا البيت شاهدان، وكلاهما في لفظ " ليسي " أما الاول فإنه أتى بخبره ضميرا متصلا ولا يجوز عند جمهرة النحاة أن يكون إلا منفصلا، فكان يجب عليه - على مذهبهم هذا - أن يقول: ذهب القوم الكرام ليس إياي.
    والثاني - وهو = (*)
    (1/109)

    واختلف في أفعل التعجب: هل تلزمه نون الوقاية أم لا ؟ فتقول: ما أفقرني إلى عفو الله، وما أفقري إلى عفو الله، عند من لا يلتزمها فيه، والصحيح أنها تلزم (1).
    * * * " ليتني " فشا، و " ليتي " ندرا * ومع " لعل " اعكس، وكن مخبرا (2) في الباقيات، واضطرارا خففا * مني وعني بعض من قد سلفا (3).
    __________
    = الذي جاء الشارح بالبيت من أجله هنا - حيث حذف نون الوقاية من ليس مع اتصالها بياء المتكلم، وذلك شاذ عند الجمهور الذين ذهبوا إلى أن " ليس " فعل، وانظر ما ذكرناه في ص 104.
    (1) الخلاف بين البصريين والكوفيين في اقتران نون الوقاية بأفعل في التعجب مبني على اختلافهم في أنه هو اسم أو فعل، فقال الكوفيون: هو اسم، وعلى هذا لا تتصل به نون الوقاية، لانها إنما تدخل على الافعال لتقيها الكسر الذي ليس منها في شئ، وقال البصريون: هو فعل، وعلى هذا يجب اتصاله بنون الوقاية لتقيه الكسر.
    (2) " وليتني " الواو عاطفة، ليتني قصد لفظه: مبتدأ " فشا " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ليتني، والجملة من فشا وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " وليتي " قصد لفظه أيضا: مبتدأ " ندرا " فعل ماض، والالف للاطلاق، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ليتي، والجملة من ندر وفاعله في محل رفع
    خبر المبتدأ " ومع " الواو عاطفة، مع: ظرف متعلق باعكس الآتي، ومع مضاف و " لعل " قصد لفظه: مضاف إليه " اعكس " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، ومفعوله محذوف، والتقدير: واعكس الحكم مع لعل " وكن " الواو عاطفة، كن: فعل أمر ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " مخيرا " خبره.
    (3) " في الباقيات " جار ومجرور متعلق بمخير في البيت السابق " واضطرارا " الواو عاطفة، اضطرارا: مفعول لاجله " خففا " فعل ماض، والالف للاطلاق " مني " قصد لفظه: مفعول به لخفف " وعني " قصد لفظه أيضا: معطوف على مني = (*)
    (1/110)

    ذكر في هذين البيتين حكم نون الوقاية مع الحروف، فذكر " ليت " وأن نون الوقاية لا تحذف منها، إلا ندورا، كقوله: 18 - كمنية جابر إذ قال: ليتي أصادفه وأتلف جل مالي.
    __________
    = " بعض " فاعل خفف، وبعض مضاف، و " من " اسم موصول: مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر " قد " حرف تحقيق " سلفا " فعل ماض، والالف للاطلاق، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على من الموصولة، والجملة من سلف وفاعله لا محل لها من الاعراب صلة الموصول الذي هو من.
    18 - هذا البيت لزيد الخير الطائي، وهو الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم، وكان اسمه في الجاهلية قبل هذه التسمية زيد الخيل، لانه كان فارسا.
    اللغة: " المنية " بضم فسكون اسم للشئ الذي تتمناه، وهي أيضا اسم للتمني، والمنية المشبهة بمنية جابر تقدم ذكرها في بيت قبل بيت الشاهد، وذلك في قوله: تمنى مزيد زيدا فلاقى أخا ثقة إذا اختلف العوالي كمنية جابر، إذ قال: ليتي أصادفه وأفقد جل مالي
    تلاقينا، فما كنا سواء ولكن خر عن حال لحال ولولا قوله: يا زيد قدني، لقد قامت نويرة بالمآلي شككت ثيابه لما التقينا بمطرد المهزة كالخلال " مزيد " بفتح الميم وسكون الزاي: رجل من بني أسد، وكان يتمنى لقاء زيد ويزعم أنه إلى لقيه نال منه، فلما تلاقيا طعنه زيد طعنة فولى هاربا " أخا ثقة " أي صاحب وثوق في نفسه واصطبار على منازلة الاقران في الحرب " العوالي " جمع عالية، وهي ما يلي موضع السنان من الرمح، واختلافها: ذهابها في جهة العدو ومجيئها عند الطعن " جابر " رجل من غطفان، كان يتمنى لقاء زيد، فلما تلاقيا قهره زيد وغلبه " وأتلف " يروى " وأفقد ".
    الاعراب: " كمنية " جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف، والتقدير: تمنى مزيد تمنيا مشابها لمنية جابر، ومنية مضاف و " جابر " مضاف إليه " إذ " ظرف للماضي من الزمان " قال " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا = (*)
    (1/111)

    والكثير في لسان العرب ئبوتها، وبه ورد القرآن، قال الله تعالى: (يا ليتني كنت معهم).
    وأما " لعل " فذكر أنها بعكس ليت، فالفصيح تجريدها من النون كقوله تعالى - حكاية عن فرعون - (لعلي أبلغ الاسباب) ويقل ثبوت النون، كقول الشاعر:.
    __________
    = تقديره هو يعود إلى جابر، والجملة في محل جر بإضافة إذ إليها " ليتي " ليت: حرف تمن ونصب، والياء اسمه، مبني على السكون في محل نصب " أصادف " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والهاء مفعول به، والجملة في محل رفع خبر ليت " وأفقد " الواو حالية، وأفقد: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا
    تقديره أنا، والجملة في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، وتقديره: وأنا أفقد، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب حال " جل " مفعول به لا فقد، وجل مضاف ومال من " مالي " مضاف إليه، ومال مضاف وياء المتكلم مضاف إليه.
    الشاهد فيه: قوله " ليتي " حيث حذف نون الوقاية من ليت الناصبة لياء المتكلم، وظاهر كلام المصنف والشارح أن هذا الحذف ليس بشاذ، وإنما هو نادر قليل، وهذا الكلام على هذا الوجه هو مذهب الفراء من النحاة، فإنه لا يلزم عنده أن تجئ بنون الوقاية مع ليت، بل يجوز لك في السعة أن تتركها، وإن كان الاتيان بها أولى، وعبارة سيبويه تفيد أن ترك النون ضرورة حيث قال: " وقد قالت الشعراء " ليتي " إذا اضطروا كأنهم شبهوه بالاسم حيث قالوا: " الضاربي " اه، وانظر شرح الشاهد (21) الآتي.
    ومثل هذا الشاهد - في حذف نون الوقاية مع ليت - قول ورقة بن نوفل الاسدي: فيا ليتي إذا ما كان ذاكم ولجت وكنت أولهم ولوجا وقد جمع بين ذكر النون وتركها حارثة بن عبيد البكري أحد المعمرين في قوله: ألا يا ليتتي أنضيت عمري وهل يجدي علي اليوم ليتي ؟ (*)
    (1/112)

    19 فقلت: أعيراني القدوم، لعلني أخط بها قبرا لابيض ماجد.
    __________
    19 - هذا البيت من الشواهد التي لا يعرف قائلها.
    اللغة: " أعيراني " ويروى " أعيروني " وكلاهما أمر من العارية، وهي أن تعطى غيرك ما ينتفع به مع بقاء عينه ثم يرده إليك " القدوم " بفتح القاف وضم الدال المخففة الآلة التي ينجر بها الخشب " أخط بها " أي أنحت بها، وأصل الخط من قولهم: خط بأصبعه في الرمل " قبرا " المراد به الجفن، أي القراب، وهو الجراب
    الذي يغمد فيه السيف " لابيض ماجد " لسيف صقيل.
    الاعراب: " فقلت " فعل وفاعل " أعيراني " أعيرا: فعل أمر مبني على حذف النون، والالف ضمير الاثنين فاعل، والنون للوقاية، والياء مفعول أول لاعيرا " القدوم " مفعول ثان لاعيرا " لعلني " لعل: حرف تعليل ونصب، والنون للوقاية، والياء اسمها " أخط " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، وجملة المضارع وفاعله في محل رفع خبر لعل " بها " جار ومجرور متعلق بأخط " قبرا " مفعول به لاخط " لابيض " اللام حرف جر، وأبيض مجرور بها، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لانه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف الوصفية ووزن الفعل، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لقبر " ماجد " صفة لابيض، مجرور بالكسرة الظاهرة.
    الشاهد فيه: قوله " لعلني " حيث جاء بنون الوقاية مع لعل، وهو قليل.
    ونظيره قول حاتم الطائي يخاطب امرأته، وكانت قد لامته على البذل والجود: أريني جوادا مات هزلا لعلني أرى ما ترين، أو بخيلا مخلدا والكثير في الاستعمال حذف النون مع " لعل " وهو الذي استعمله القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: (لعلي أبلغ الاسباب) وقوله سبحانه: (لعلي أعمل صالحا)، ومنه قول الفرزدق: وإني لراج نظرة قبل التي لعلي وإن شطت نواها أزورها وقول الآخر: ولي نفس تنازعني إذا ما أقول لها: لعلي أو عساني (8 - شرح ابن عقيل - 1) (*)
    (1/113)

    ثم ذكر أنك بالخيار في الباقيات، أي: في باقي أخوات ليت ولعل - وهي: إن، وأن، وكأن، ولكن - فتقول: إني وإنني، وأني وأنني، وكأني
    وكأنني، ولكني ولكنني.
    ثم ذكر أن " من، وعن " تلزمهما نون الوقاية، فتقول: مني وعني - بالتشديد - ومنهم من يحذف النون، فيقول: مني وعني - بالتخفيف - وهو شاذ، قال الشاعر: 20 - أيها السائل عنهم وعني لست من قيس ولا قيس مني * * *.
    __________
    20 - وهذا البيت أيضا من الشواهد المجهول قائلها، بل قال ابن الناظم: إنه من وضع النحويين، وقال ابن هشام عنه " وفي النفس من هذا البيت شئ " ووجه تشكك هذين العالمين المحققين في هذا البيت أنه قد اجتمع الحرفان " من " و " عن " وأتى بهما على لغة غير مشهورة من لغات العرب، وهذا يدل على قصد ذلك وتكلفه.
    اللغة: " قيس " هو قيس عيلان أبو قبيلة من مضر، واسمه الناس - بهمزة وصل ونون - ابن مضر بن نزار، وهو أخو إلياس - بياء مثناة تحتية - وقيس هنا غير منصرف للعلمية والتأنيث المعنوي، لانه بمعنى القبيلة، وبعضهم يقول: قيس ابن عيلان.
    الاعراب: " أيها " أي: منادى حذف منه ياء النداء، مبني على الضم في محل نصب، وها للتنبيه " السائل " صفة لاي " عنهم " جار ومجرور متعلق بالسائل " وعني " معطوف على عنهم " لست " ليس: فعل ماض ناقص، والتاء اسمها " من قيس " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس " ولا " الواو عاطفة، ولا نافية " قيس " مبتدأ " مني " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وهذه الجملة معطوفة على جملة ليس واسمها وخبرها.
    الشاهد فيه: قوله " عني " و " مني " حيث حذف نون الوقاية منهما شذوذا للضرورة.
    (*)
    (1/114)

    وفي لدني لدني قل، وفي قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي (1) أشار بهذا إلى أن الفصيح في " لدني " إثبات النون، كقوله تعالى: (قد بلغت من لدني عذرا) ويقل حذفها، كقراءة من قرأ (من لدني) بالتخفيف والكثير في " قد، وقط " ثبوت النون، نحو: قدني وقطني، ويقل الحذف نحو: قدي وقطي، أي حسبي، وقد اجتمع الحذف والاثبات في قوله: 21 - قدني من نصر الخبيبين قدي [ ليس الامام بالشحيح الملحد ] * * *.
    __________
    (1) " في لدنى " جار ومجرور متعلق بقل " لدنى " قصد لفظه: مبتدأ " قل " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على لدنى المخففة، والجملة من قل وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " وفي قدني " جار ومجرور متعلق بيفي الآتي " وقطني " معطوف على قدني " الحذف " مبتدأ " أيضا " مفعول مطلق لفعل محذوف " قد " حرف تقليل " يفي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الحذف، والجملة من يفي وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو " الحذف " والجملة معطوفة على جملة المبتدأ والخبر السابقة.
    21 - هذا البيت لابي نخيلة حميد بن مالك الارقط، أحد شعراء عصر بني أمية، من أرجوزة له يمدح بها الحجاج بن يوسف الثقفي، ويعرض بعبد الله بن الزبير.
    اللغة: أراد بالخبيبين عبد الله بن الزبير - وكنيته أبو خبيب - (ومصعبا أخاه، وغلبه لشهرته، ويروى " الخبيبين " - بصيغة الجمع - يريد أبا خبيب وشيعته، ومعنى " قدني " حسبي وكفاني " ليس الامام إلخ " أراد بهذه الجملة التعريض بعبد الله بن الزبير، لانه كان قد نصب نفسه خليفة بعد موت معاوية بن يزيد، وكان - مع ذلك -
    مبخلا لا تبض يده بعطاء.
    الاعراب: " قدني " قد: اسم بمعنى حسب مبتدأ، مبني على السكون في محل رفع، والنون للوقاية، وقد مضاف والياء التي للمتكلم مضاف إليه مبني على السكون في = (*)
    (1/115)

    .
    __________
    = محل جر " من نصر " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، ونصر مضاف و " الخبيبين " مضاف إليه " قدى " يجوز أن يكون قد هنا اسم فعل، وقد جعله ابن هشام اسم فعل مضارع بمعنى يكفيني، وجعله غيره اسم فعل ماض بمعنى كفاني، وجعله آخرون اسم فعل أمر بمعنى ليكفني، وهذا رأي ضعيف جدا، وياء المتكلم على هذه الآراء مفعول به، ويجوز أن يكون قد اسما بمعنى حسب مبتدأ، وياء المتكلم مضاف إليه، والخبر محذوف، وجملة المبتدأ وخبره مؤكدة لجملة المبتدأ وخبره السابقة " ليس " فعل ماض ناقص " الامام " اسمها " بالشحيح " الباء حرف جر زائد، الشحيح: خبر ليس منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد " الملحد " صفة للشحيح.
    الشاهد فيه: قوله " قدني " و " قدى " حيث أثبت النون في الاولى وحذفها من الثانية وقد اضطربت عبارات النحويين في ذلك، فقال قوم: إن الحذف غير شاذ، ولكنه قليل، وتبعهم المصنف والشارح، وقال سيبويه: " وقد يقولون في الشعر قطى وقدى فأما الكلام فلا بد فيه من النون، وقد اضطر الشاعر فقال قدى شبهه بحسبي لان المعنى واحد " اه.
    وقال الاعلم: " وإثباتها (النون) في قد وقط هو المستعمل، لانهما في البناء ومضارعة الحروف بمنزلة من وعن، فتلزمهما النون المكسورة قبل الياء، لئلا يغير آخرهما عن السكون " اه وقال الجوهري: " وأما قولهم قدك بمعنى حسب فهو اسم، وتقول: قدى، وقدني أيضا بالنون على غير قياس، لان هذه النون إنما تزاد في الافعال وقاية لها، مثل ضربني وشتمني " وقال ابن (بري) ؟ يرد على الجوهري " وهم الجوهري في قوله إن
    النون في قدني زيدت على غير قياس " وجعل النون مخصوصا بالفعل لا غير، وليس كذلك، وإنما تزاد وقاية لحركة أو سكون في فعل أو حرف، كقولك في من وعن إذا أضفتهما لنفسك: مني وعني، فزدت نون الوقاية لتبقى نون من وعن على سكونها، وكذلك في قد وقط، وتقول: قدني وقطني، فتزيد نون الوقاية لتبقى الدال والطاء على سكونها، وكذلك زادوها في ليت، فقالوا: ليتني، لتبقى حركة التاء على حالها، وكذلك قالوا في ضرب: ضربني، لتبقى الباء على فتحها، وكذلك قالوا في اضرب: اضربني، أدخلوا نون الوقاية لتبقى الباء على سكونها " اه.
    (1/116)

    .
    __________
    ولابن هشام ههنا كلام كثير وتفريعات طويلة لم يسبقه إليها أحد من قدامى العلماء وهي في مغنى اللبيب، وقد عنينا بذكرها والرد عليها في حواشينا المستفيضة على شرح الاشموني فارجع إليها هناك إن شئت (وانظر الابيات التي أنشدناها في شرح الشاهد رقم 18 ففيها شاهد لهذه المسألة، وهو رابع تلك الابيات).
    هذا، ولم يتكلم المصنف ولا الشارح عن الاسم المعرب إذا أضيف لياء المتكلم.
    واعلم أن الاصل في الاسم المعرب ألا تتصل به نون الوقاية، نحو ضاربي ومكرمي وقد ألحقت نون الوقاية باسم الفاعل المضاف إلى ياء المتكلم في قوله صلى الله عليه وسلم: " فهل أنتم صادقوني " وفي قول الشاعر: وليس الموافيني ليرفد خائبا فإن له أضعاف ما كان أملا وفي قول الآخر: ألا فتى من بني ذبيان يحملني وليس حاملني إلا ابن حمال وفي قول الآخر: وليس بمعييني وفي الناس ممتع صديق إذا أعيا علي صديق كما لحقت أفعل التفضيل في قوله صلى الله عليه وسلم " غير الدجال أخوفني عليكم "
    لمشابهة أفعل التفضيل لفعل التعجيب.
    (*)
    (1/117)

  2. #2
    خادم سايت حوزه
    تاریخ عضویت
    Jun 2007
    نوشته ها
    412

    پیش فرض متن کامل کتاب شرح ابن عقیل 3

    العلم (1) اسم يعين المسمى مطلقا علمه: كجعفر، وخرنقا (2) وقرن، وعدن، ولاحق، وشذقم، وهيلة، وواشق (3) العلم هو: الاسم الذي يعين مسماه مطلقا، أي بلا قيد التكلم أو الخطاب أو الغيبة، فالاسم: جنس يشمل النكرة والمعرفة، و " يعين مسماه ": فصل أخرج النكرة، و " بلا قيد " أخرج بقية المعارف، كالمضمر، فإنه يعين مسماه بقيد التكلم ك " أنا " أو الخطاب ك " أنت " أو الغيبة ك " هو "، ثم مثل الشيخ بأعلام الاناسي وغيرهم، تنبيها على أن مسميات الاعلام العقلاء وغيرهم من المألوفات، فجعفر: اسم رجل، وخرنق: اسم امرأة من شعراء العرب (4)،.
    __________
    (1) هو في اللغة مشترك لفظي بين معان، منها الجبل، قال الله تعالى: (وله الجوار المنشآت في البحر كالاعلام) أي كالجبال، وقالت الخنساء ترثي أخاها صخرا: وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار ومنها الراية التي تجعل شعارا للدولة أو الجند، ومنها العلامة، ولعل المعنى الاصطلاحي مأخوذ من هذا الاخير، وأصل الترجمة " هذا باب العلم " فحذف المبتدأ، ثم الخبر، وأقام المضاف إليه مقامه، وليس يخفى عليك إعرابه.
    (2) " اسم " مبتدأ " يعين " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اسم " المسمى " مفعول به ليعين، والجملة من يعين وفاعله ومفعوله في محل رفع صفة لاسم " مطلقا " حال من الضمير المستتر في يعين " علمه " علم: خبر المبتدأ، وعلم مضاف والضمير مضاف إليه، ويجوز العكس، فيكون " اسم يعين المسمى " خبرا مقدما، و " علمه " مبتدأ مؤخرا " كجعفر " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر
    لمبتدأ محذوف، وتقدير الكلام: وذلك كائن كقولك جعفر إلخ.
    (3) " وخرنقا، وقرن، وعدن، ولاحق، وشذقم، وهيلة، وواشق " كلهن معطوفات على جعفر.
    (4) لعل الاولى - بل الاصوب - أن يقول " من شواعر العرب ".
    (*)
    (1/118)

    وهي أخت طرفة بن العبد لامه، وقرن: اسم قبيلة، وعدن: اسم مكان، ولاحق: اسم فرس، وشذقم: اسم جمل، وهيلة: اسم شاة، وواشق: اسم كلب.
    * * * واسما أتى، وكنية، ولقبا وأخرن ذا إن سواه صحبا (1) ينقسم العلم إلى ثلاثة أقسام: إلى اسم، وكنية، ولقب، والمراد بالاسم هنا ما ليس بكنية ولا لقب، كزيد وعمرو، وبالكنية: ما كان في أوله أب أو أم، كأبي عبد الله وأم الخير، وباللقب: ما أشعر بمدح كزين العابدين، أو ذم كأنف الناقة.
    وأشار بقوله " وأخرن ذا - إلخ " إلى أن اللقب إذا صحب الاسم وجب تأخيره، كزيد أنف الناقة، ولا يجوز تقديمه على الاسم، فلا تقول: أنف الناقة زيد، إلا قليلا، ومنه قوله:.
    __________
    (1) " واسما " حال من الضمير المستتر في أتى " أتى " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى العلم " وكنية، ولقبا " معطوفان على قوله اسما " وأخرن " الواو حرف عطف، أخر: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " ذا " مفعول به لاخر، وهو اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب " إن " حرف شرط " سواه " سوى: مفعول به
    مقدم لصحب، وسوى مضاف، وضمير الغائب العائد إلى اللقب مضاف إليه " صحبا " صحب: فعل ماض فعل الشرط، مبني على الفتح في محل جزم، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى اللقب، وجواب الشرط محذوف، والتقدير: إن صحب اللقب سواه فأخره.
    (*)
    (1/119)

    22 - بأن ذا الكلب عمرا خيرهم حسبا ببطن شريان يعوي حوله الذيب.
    __________
    22 - البيت لجنوب أخت عمرو ذي الكلب بن العجلان أحد بني كاهل، وهو من قصيدة لها ترثيه بها، وأولها: كل امرئ بمحال الدهر مكذوب وكل من غالب الايام مغلوب اللغة: " محال الدهر " بكسر الميم، بزنة كتاب - كيده أو مكره، وقيل: قوته وشدته " شريان " - بكسر أوله وسكون ثانيه - موضع بعينه، أو واد، أو هو شجر تعمل منه القسى " يعوى حوله الذيب " كناية عن موته، والباء من قولها " بأن " متعلقة بأبلغ في بيت قبل بيت الشاهد، وهو قوله: أبلغ هذيلا وأبلغ من يبلغهم عني حديثا، وبعض القول تكذيب الاعراب: " بأن " الباء حرف جر، وأن: حرف توكيد ونصب " ذا " بمعنى صاحب اسم أن، منصوب بالالف نيابة عن الفتحة لانه من الاسماء الستة، وذا مضاف و " الكلب " مضاف إليه " عمرا " بدل من ذا " خيرهم " خير: صفة لعمرا، وخير مضاف والضمير مضاف إليه " حسبا " تمييز " ببطن " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر أن، وبطن مضاف و " شريان " مضاف إليه " يعوى " فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل " حوله " حول: ظرف متعلق بيعوى، وحول مضاف وضمير الغائب العائد إلى عمرو مضاف إليه " الذيب " فاعل يعوى، والجملة في محل
    نصب حال من عمرو، ويجوز أن يكون قولها " ببطن " جارا ومجرورا متعلقا بمحذوف حال من عمرو، وتكون جملة " يعوى إلخ " في محل رفع خبر أن، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالباء، والجار والمجرور متعلق بأبلغ في البيت الذي أنشدناه.
    الشاهد فيه: قولها " ذا الكلب عمرا " حيث قدمت اللقب - وهو قولها " ذا الكلب " - على الاسم - وهو قولها " عمرا " - والقياس أن يكون الاسم مقدما على اللقب، ولو جاءت بالكلام على ما يقتضيه القياس لقالت " بأن عمرا ذا الكلب ".
    وإنما وجب في القياس تقديم الاسم وتأخير اللقب لان الاسم يدل على الذات وحدها واللقب يدل عليها وعلى صفة مدح أو ذم كما هو معلوم، فلو جئت باللقب أولا لما كان = (*)
    (1/120)

    وظاهر كلام المصنف أنه يجب تأخير اللقب إذا صحب سواه، ويدخل تحت قوله " سواه " الاسم والكنية، وهو إنما يجب تأخيره مع الاسم، فأما مع الكنية فأنت بالخيار (1) بين أن تقدم الكنية على اللقب، فتقول: أبو عبد الله زين
    __________
    = لذكر الاسم بعده فائدة، بخلاف ذكر الاسم أولا، فإن الاتيان بعده باللقب يفيد هذه الزيادة.
    ومثل هذا البيت في تقديم اللقب على الاسم قول أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم الانصاري الخزرجي: أنا ابن مزيقيا عمرو، وجدي أبوه عامر ماء السماء والشاهد في قوله " مزيقيا عمرو " فإن " مزيقيا " لقب، و " عمرو " اسم صاحب اللقب، وقد قدم هذا اللقب على الاسم كما ترى، أما قوله " عامر ماء السماء " فقد جاء على الاصل، (1) هذا الذي ذكره الشارح هو ما ذكره كبار النحويين من جواز تقديم الكنية
    على اللقب أو تأخيرها عنه، والذي نريد أن ننبه عليه أن الشارح وغيره - كصاحب التوضيح ابن هشام الانصاري - ذكروا أن قول ابن مالك * وأخرن ذا إن سواه صحبا * موهم لخلاف المراد، معتمدين في ذلك على مذهب جمهرة النحاة، لكن قال السيوطي في همعه: إن كان (أي اللقب) مع الكنية فالذي ذكروه جواز تقدمه عليها، وتقدمها عليه، ومقتضى تعليل ابن مالك امتناع تقديمه عليها، وهو المختار، وهذا يفيد أن الذي يوهمه كلام المصنف مقصود له، وأن مذهبه وجوب تأخير اللقب على ما عداه، سواء أكان اسما أم كنية، وكنت قد كتبت على هامش نسختي تصحيحا لبيت المصنف هذا نصه: " وأخرن هذا إن اسما صحبا " ثم ظهر لي أن لا يجوز تصحيح العبارة بشئ مما ذكرناه وذكره الشارح أو غيره، وعبارة ابن هشام في أوضح المسالك تفيد أن هذه العبارة التي اعترضها الشارح قد وردت على وجه صحيح في نظر الجمهور، قال ابن هشام: " وفي نسخة من الخلاصة ما يقتضي أن اللقب يجب تأخيره عن الكنية كأبي عبد الله أنف الناقة، وليس كذلك " اه.
    ومعنى ذلك أنه قد وردت في النسخة المعتمدة عنده على الوجه الصحيح في نظر الجمهور، وقد ذكر الشارح هنا نص هذه النسخة.
    (*)
    (1/121)

    العابدين، وبين أن تقدم اللقب على الكنية، فتقول: زين العابدين أبو عبد الله، ويوجد في بعض النسخ بدل قوله: * " وأخرن ذا إن سواه صحبا " *: * " وذا اجعل آخرا إذا اسما صحبا " * وهو أحسن منه، لسلامته مما ورد على هذا، فإنه نص في أنه إنما يجب تأخير اللقب إذا صحب الاسم، ومفهومه أنه لا يجب ذلك مع الكنية، وهو كذلك، كما تقدم، ولو قال: " وأخرن ذا إن سواها صحبا " لما ورد عليه شئ، إذ يصير التقدير: وأخر اللقب إذا صحب سوى الكنية، وهو الاسم، فكأنه قال: وأخر اللقب إذا صحب الاسم.
    * * *
    وإن يكونا مفردين فأضف حتما، وإلا أتبع الذي ردف (1) إذا اجتمع الاسم واللقب: فإما أن يكونا مفردين، أو مركبين، أو الاسم مركبا واللقب مفردا، أو الاسم مفردا واللقب مركبا..
    __________
    (1) " إن " حرف شرط " يكونا " فعل مضارع متصرف من كان الناقصة فعل الشرط مجزوم بإن، وعلامة جزمه حذف النون، والالف اسمها مبني على السكون في محل رفع " مفردين " خبر يكون منصوب بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها لانه مثنى " فأضف " الفاء واقعة في جواب الشرط، وأضف: فعل أمر مبني على السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والجملة في محل جزم جواب الشرط " حتما " مفعول مطلق " وإلا " الواو عاطفة، إلا: هو عبارة عن حرفين أحدهما إن، والآخر لا، فأدغمت النون في اللام، وإن حرف شرط، ولا: نافية، وفعل الشرط محذوف يدل عليه الكلام السابق: أي وإن لم يكونا مفردين " أتبع " فعل أمر مبني على السكون، وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والجملة في محل جزم جواب الشرط، وحذف الفاء منها للضرورة، لان جملة جواب الشرط إذا كانت طلبية وجب اقترانها بالفاء فكان عليه أن يقول: وإلا فأتبع " الذي " اسم موصول مفعول به لاتبع، مبني على السكون في محل نصب " ردف " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذي، وجملة ردف وفاعله المستتر فيه لا محل لها من الاعراب صلة الموصول وهو " الذي ".
    (*)
    (1/122)

    فإن كانا مفردين وجب عند البصريين الاضافة (1)، نحو: هذا سعيد كرز، ورأيت سعيد كرز، ومررت بسعيد كرز، وأجاز الكوفيون الاتباع، فتقول: هذا سعيد كرز، ورأيت سعيدا كرزا، ومررت بسعيد كرز، ووافقهم المصنف على ذلك في غير هذا الكتاب.
    وإن لم يكونا مفردين - بأن كانا مركبين، نحو عبد الله أنف الناقة، أو مركبا ومفردا، نحو عبد الله كرز، وسعيد أنف الناقة - وجب الاتباع، فتتبع الثاني الاول في إعرابه، ويجوز القطع إلى الرفع أو النصب، نحو مررت بزيد أنف الناقة، وأنف الناقة، فالرفع على إضمار مبتدأ، والتقدير: هو أنف الناقة، والنصب على إضمار فعل، والتقدير: أعني أنف الناقة، فيقطع مع المرفوع إلى النصب، ومع المنصوب إلى الرفع، ومع المجرور إلى النصب أو الرفع، نحو هذا زيد أنف الناقة، ورأيت زيدا أنف الناقة، ومررت بزيد أنف الناقة، وأنف الناقة.
    * * *.
    __________
    (1) وجوب الاضافة عندهم مشروط بما إذا لم يمنع منها مانع: كأن يكون الاسم مقترنا بأل، فإنه لا تجوز فيه الاضافة، فتقول: جاءني الحارث كرز، بإتباع الثاني للاول بدلا أو عطف بيان، إذ لو أضفت الاول للثاني للزم على ذلك أن يكون المضاف مقرونا بأل والمضاف إليه خاليا منها ومن الاضافة إلى المقترن بها، وذلك لا يجوز عند جمهور النحاة.
    قال أبو رجاء غفر الله تعالى له ولوالديه: بقي أن يقال: كيف أوجب البصريون هنا إضافة الاسم إلى اللقب إذا كانا مفردين ولا مانع، مع أن مذهبهم أنه لا يجوز أن يضاف اسم إلى ما اتحد به في المعنى كما سيأتي في باب الاضافة ؟ ويمكن أن يجاب عن هذا بأن امتناع إضافة الاسم إلى ما اتحد به في المعنى إنما هو في الاضافة الحقيقية التي يعرف فيها المضاف بالمضاف إليه، وإضافة الاسم إلى اللقب من قبيل الاضافة اللفظية على ما اختاره الزمخشري.
    (*)
    (1/123)

    ومنه منقول: كفضل وأسد وذو ارتجال: كسعاد، وأدد (1)
    وجملة، وما بمزج ركبا، ذا إن بغير " ويه " تم أعربا (2) وشاع في الاعلام ذو الاضافة كعبد شمس وأبي قحافه (3).
    __________
    (1) " ومنه " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " منقول " مبتدأ مؤخر " كفضل " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك كائن كفضل " وأسد " معطوف على فضل " وذو " الواو عاطفة، وذو: معطوف على قوله منقول وذو مضاف و " ارتجال " مضاف إليه " كسعاد " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف: أي وذلك كائن كسعاد " وأدد " معطوف على سعاد.
    (2) " وجملة " مبتدأ خبره محذوف، وتقديره: ومنه جملة، وجملة المبتدأ والخبر معطوفة بالواو على جملة " ومنه منقول "، " وما " الواو عاطفة، وما اسم موصول معطوف على جملة، مبني على السكون في محل رفع " بمزج " جار ومجرور متعلق بقوله ركب الآتي " ركبا " ركب: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والالف للاطلاق، والجملة من الفعل ونائب الفاعل لا محل لها من الاعراب صلة الموصول " ذا " اسم إشارة مبتدأ، مبني على السكون في محل رفع " إن " حرف شرط " بغير " جار ومجرور متعلق بقوله تم الآتي، وغير مضاف و " ويه " قصد لفظه: مضاف إليه " تم " فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط " أعرب " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ذا، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه خبر المبتدأ، وتقدير الكلام: هذا أعرب، إن تم بغير لفظ ويه أعرب.
    (3) " وشاع " فعل ماض " في الاعلام " جار ومجرور متعلق بقوله شاع " ذو " فاعل شاع، وذو مضاف، و " الاضافة " مضاف إليه " كعبد " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك كائن كعبد، وعبد مضاف و " شمس " مضاف
    إليه " وأبي " الواو عاطفة، وأبي: معطوف على عبد، مجرور بالياء نيابة عن الكسرة لانه من الاسماء الخمسة، وأبي مضاف " وقحافه " مضاف إليه.
    (*)
    (1/124)

    ينقسم العلم إلى: مرتجل، وإلى منقول، فالمرتجل هو: ما لم يسبق له استعمال قبل العلمية في غيرها، كسعاد، وأدد، والمنقول: ما سبق له استعمال في غير العلمية، والنقل إما من صفة كحارث، أو من مصدر كفضل، أو من اسم جنس كأسد، وهذه تكون معربة، أو من جملة: كقام زيد، وزيد قائم (1)، وحكمها أنها تحكى، فتقول: جاءني زيد قائم، ورأيت زيد قائم، ومررت بزيد قائم، وهذه من الاعلام المركبة.
    ومنها أيضا: ما ركب تركيب مزج، كبعلبك، ومعدي كرب، وسيبويه.
    وذكر المصنف أن المركب تركيب مزج: إن ختم بغير " ويه " أعرب، ومفهومه أنه إن ختم ب " ويه " لا يعرب، بل يبنى، وهو كما ذكره، فتقول: جاءني بعلبك، ورأيت بعلبك، ومررت ببعلبك، فتعربه إعراب ما لا ينصرف، ويجوز فيه أيضا البناء على الفتح، فتقول: جاءني بعلبك، ورأيت بعلبك، ومررت ببعلبك، ويجوز [ أيضا ] أن يعرب أيضا إعراب المتضايفين، فتقول: جاءني حضر موت، ورأيت حضر موت، ومررت بحضر موت.
    وتقول [ فيما ختم بويه ]: جاءني سيبويه، ورأيت سيبويه، ومررت بسيبويه، فتبنيه على الكسر، وأجاز بعضهم إعرابه إعراب ما لا ينصرف، نحو جاءني سيبويه، ورأيت سيبويه، ومررت بسيبويه..
    __________
    (1) الذي سمع عن العرب هو النقل من الجمل الفعلية، فقد سموا " تأبط شرا " وسموا " شاب قرناها " ومنه قول الشاعر وهو من شواهد سيبويه:
    كذبتم وبيت الله لا تنكحونها بني شاب قرناها تصر وتحلب وسموا " ذرى حبا " ويشكر، ويزيد، وتغلب، فأما الجملة الاسمية فلم يسموا بها، وإنما قاسها النحاة على الجملة الفعلية.
    (*)
    (1/125)

    ومنها: ما ركب تركيب إضافة: كعبد شمس، وأبي قحافة، وهو معرب، فتقول: جاءني عبد شمس وأبو قحافة، ورأيت عبد شمس وأبا قحافة، ومررت بعبد شمس وأبي قحافة.
    ونبه بالمثالين على أن الجزء الاول، يكون معربا بالحركات، ك " عبد "، وبالحروف، ك " أبي "، وأن الجزء الثاني، يكون منصرفا، ك " شمس "، وغير منصرف، ك " قحافة ".
    * * * ووضعوا لبعض الاجناس علم كعلم الاشخاص لفظا، وهو عم (1) من ذاك: أم عريط للعقرب، وهكذا ثعالة للثعلب (2).
    __________
    (1) " ووضعوا " الواو عاطفة، ووضع: فعل ماض، والواو ضمير الجماعة فاعل مبني على السكون في محل رفع " لبعض " جار ومجرور متعلق بوضعوا، وبعض مضاف، و " الاجناس " مضاف إليه " علم " مفعول به لوضعوا، وأصله منصوب منون فوقف عليه بالسكون على لغة ربيعة " كعلم " جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لعلم، وليس حالا منه لانه نكرة وصاحب الحال إنما يكون معرفة، وعلم مضاف، و " الاشخاص " مضاف إليه " لفظا " تمييز لمعنى الكاف، أي: مثله من جهة اللفظ " وهو " ضمير منفصل مبتدأ " عم " يجوز أن يكون فعلا ماضيا، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الضمير العائد إلى علم الجنس، وعلى هذا تكون الجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ، ويجوز أن يكون عم أفعل تفضيل وأصله أعم فسقطت همزته
    لكثرة الاستعمال كما سقطت من خير وشر، ويكون أفعل التفضيل على غير بابه، وهو خبر عن الضمير الواقع مبتدأ.
    (2) " من " حرف جر " ذاك " ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بمن، والكاف حرف خطاب، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " أم " مبتدأ مؤخر، وأم مضاف و " عريط " مضاف إليه " للعقرب " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في الخبر، والتقدير: أم عريط كائن من ذاك حال كونه علما للعقرب " وهكذا " الواو عاطفة، وها: حرف تنبيه، والكاف حرف جر، وذا: اسم =
    (1/126)

    ومثله برة للمبره، كذا فجار علم للفجره (1) العلم على قسمين: علم آشخص، وعلم جنس.
    فعلم الشخص له حكمان: معنوي، وهو: أن يراد به واحد بعينه: كزيد، وأحمد، ولفظي، وهو صحة مجئ الحال متأخرة عنه، نحو " جاءني زيد ضاحكا " ومنعه من الصرف مع سبب آخر غير العلمية، نحو " هذا أحمد ومنع دخول الالف واللام عليه، فلا تقول " جاء العمرو " (2)..
    __________
    = إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " ثعالة " مبتدأ مؤخر " للثعلب " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ضمير الخبر كما تقدم فيما قبله.
    (1) " ومثله " الواو عاطفة، مثل: خبر مقدم، ومثل مضاف والهاء ضمير غائب عائد على المذكور قبله من الامثلة مضاف إليه، مبني على الضم في محل جر " برة " مبتدأ مؤخر " للمبرة " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في الخبر، لانه في تقدير مشتق " كذا " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " فجار " مبتدأ مؤخر، مبني على الكسر في محل رفع " علم " مبتدأ خبره محذوف " للفجرة "
    جار ومجرور متعلق بذلك الخبر المحذوف، والتقدير: فجار كذا علم موضوع للفجرة، ويجوز أن يكون قوله " للفجرة " جارا ومجرورا في محل الوصف لعلم، ويجوز غير هذين الاعرابين لعلم أيضا، فتأمل.
    (2) اعلم أن العلم بحسب الاصل لا تدخله الالف واللام، ولا يضاف، وذلك لانه معرفة بالعلمية، وأل والاضافة وسيلتان للتعريف، ولا يجوز أن يجتمع على الاسم الواحد معرفان، إلا أنه قد يحصل الاشتراك الاتفاقي في الاسم العلم، فيكون لك صديقان اسم كل واحد منهما زيد أو عمرو، مثلا.
    وفي هذه الحالة يشبه العلم اسم الجنس، فتصل به أل، وتضيفه، كما تفعل ذلك برجل وغلام، وقد جاء ذلك عنهم، فمن دخول " أل " على علم الشخص قول أبي النجم العجلي: باعد أم العمرو من أسيرها حراس أبواب على قصورها = (*)
    (1/127)

    وعلم الجنس كعلم الشخص في حكمه [ اللفظي ]، فتقول: " هذا أسامه مقبلا " فتمنعمن الصرف، وتأتي بالحال بعده، ولا تدخل عليه الالف واللام، فلا تقول: " هذا الاسامة " (1)..
    __________
    = وقول الاخطل التغلبي: وقد كان منهم حاجب وابن أمه أبو جندل والزيد زيد المعارك وفي هذا البيت اقتران العلم بأل، وإضافته.
    ومن مجئ العلم مضافا قولهم: ربيعة الفرس، وأنمار الشاة، ومضر الحمراء، وقال رجل من طيئ: علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم بأبيض ماضي الشفرتين يمان وقال ربيعة الرقي: لشتان ما بين اليزيدين في الندى يزيد سليم والاغر ابن حاتم
    وقال الراجز يخاطب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يا عمر الخير جزيت الجنه اكس بنياتي وأمهنه * أقسمت بالله لتفعلنه * والشواهد على ذلك كثيرة، وانظر ص 87 السابقة.
    (1) ذكر الشارح من أحكام العلم اللفظية ثلاثة أحكام يشترك فيها النوعان، وترك ثلاثة أخرى: (الاول) أنه يبتدأ به بلا احتياج إلى مسوغ، تقول: أسامة مقبل: وثعالة هارب، كما تقول: علي حاضر، وخالد مسافر.
    (الثاني) أنه لا يضاف بحسب أصل وضعه، فلا يجوز أن تقول: أسامتنا، كما يمتنع أن تقول: محمدنا، فإن حصل فيه الاشتراك الاتفاقي صحت إضافته على ما علمت في علم الشخص.
    (الثالث) أنه لا ينعت بالنكرة، لانه معرفة، ومن شرط النعت أن يكون مثل المنعوت في تعريفه أو تنكيره كما هو معلوم.
    (*)
    (1/128)

    وحكم علم الجنس في المعنى كحكم النكرة: من جهة أنه لا يخص واحدا بعينه، فكل أسد يصدق عليه أسامة، وكل عقرب يصدق عليها أم عريط، وكل ثعلب يصدق عليه ثعالة.
    وعلم الجنس: يكون للشخص، كما تقدم، ويكون للمعنى كما مثل بقوله: " برة للمبرة، وفجار للفجرة ".
    * * * (9 - شرح ابن عقيل - 1) (*)
    (1/129)

    اسم الاشارة بذا لمفرد مذكر أشر بذي وذه تي تا على الانثى اقتصر (1) يشار إلى المفرد المذكر ب " ذا " ومذهب البصريين أن الالف من نفس الكلمة، وذهب الكوفيون إلى أنها زائدة (2)..
    __________
    (1) " بذا " جار ومجرور متعلق بقوله " أشر " الآتي " لمفرد " جار ومجرور متعلق بأشر كذلك " مذكر " نعت لمفرد " أشر " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بذي " جار ومجرور متعلق بقوله اقتصر الآتي " وذه " الواو عاطفة، وذه: معطوف على ذي " تي تا " معطوفان على ذي بإسقاط حرف العطف " على الانثى " جار ومجرور متعلق بقوله اقتصر الآتي أيضا " اقتصر " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وجملة " اقتصر " معطوفة على جملة " أشر " بإسقاط العاطف.
    (2) ههنا ثلاثة أمور، أولها: أن الشارح لم يذكر - تبعا للمصنف - في هذا الكتاب من ألفاظ الاشارة إلى المفرد المذكر سوى " ذا " وقد ذكر العلماء أربعة ألفاظ أخرى: الاول " ذاء " بهمزة مكسورة بعد الالف، والثاني " ذائه " بهاء مكسورة بعد الهمزة المكسورة، والثالث " ذاؤه " بهمزة مضمومة وبعدها هاء مضمومة، الرابع " آلك " بهمزة ممدودة بعدها لام ثم كاف، وممن ذكر ذلك الناظم في كتابه التسهيل.
    الامر الثاني: أن " ذا " إشارة للمفرد، وهذا المفرد إما أن يكون مفردا حقيقة أو حكما، فالمفرد الحقيقي نحو: هذا زيد، وهذا خالد، وهذا الكتاب، والمفرد حكما نحو: هذا الرهط، وهذا الفريق، ومنه قول الله تعالى: (عوان بين ذلك) أي بين المذكور من الفارض والبكر، وربما استعمل " ذا " في الاشارة إلى الجمع، كما في قول لبيد بن ربيعة العامري:
    ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس: كيف لبيد ؟ الامر الثالث: أن الاصل في " ذا " أن يشار به إلى المذكر حقيقة، كما في الامثلة التي ذكرناها، وقد يشار به إلى المؤنث إذا نزل منزلة المذكر، كما في قول الله تعالى: = (*)
    (1/130)

    ويشار إلى المؤنثة ب " ذي "، و " ذه " بسكون الهاء، و " تي "، و " تا "، و " ذه " بكسر الهاء: باختلاس، وبإشباع، و " ته " بسكون الهاء، وبكسرها، باختلاس، وإشباع، و " ذات ".
    * * * وذان تان للمثنى المرتفع وفي سواه ذين تين اذكر تطع (1) يشار إلى المثنى المذكر في حالة الرفع ب " ذان " وفي حالة النصب والجر ب " ذين " وإلى المؤنثتين ب " تان " في الرفع، و " تين " في النصب والجر.
    * * * وبأولى أشر لجمع مطلقا، والمد أولى، ولدى البعد انطقا (2).
    __________
    = (فلما رأى الشمس بازغة قال: هذا ربي) أشار إلى الشمس وهي مؤنثة بدليل قوله (بازغة) - بقوله: (هذا ربي) لانه نزلها منزلة المذكر، ويقال: بل لانه أخبر عنها بمذكر، ويقال: بل لان لغة إبراهيم - عليه السلام ! - الذي ذكر هذا الكلام على لسانه لا تفرق بين المذكر والمؤنث.
    (1) " وذان " الواو عاطفة، ذان: مبتدأ " تان " معطوف عليه بإسقاط حرف العطف " للمثنى " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ " المرتفع " نعت للمثنى، وجملة المبتدأ وخبره معطوفة على ما قبلها " وفي سواه " الجار والمجرور متعلق بقوله " اذكر " الآتي، وسوى مضاف والهاء ضمير الغائب العائد إلى المثنى المرتفع مضاف إليه، وقد أعمل الحرف في " سوى " لانها عنده متصرفة " ذين " مفعول به مقدم
    على عامله وهو قوله " اذكر " الآتي " تين " معطوف على ذين بإسقاط حرف العطف " اذكر " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وجملة " اذكر " معطوفة بالواو على ما قبلها.
    (2) " وبأولى " الواو عاطفة، والباء حرف جر، و " أولى " مجرور المحل بالباء، والجار والمجرور متعلق بقوله " أشر " الآتي " أشر " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " لجمع " جار ومجرور متعلق بقوله " أشر " السابق " مطلقا " حال من قوله " جمع " " والمد " مبتدأ " أولى " خبره " ولدى " الواو = (*)
    (1/131)

    بالكاف حرفا: دون لام، أو معه واللام - إن قدمت ها - ممتنعه (1) يشار إلى الجمع - مذكرا كان أو مؤنثا - ب " أولى " ولهذا قال المصنف: " أشر لجمع مطلقا "، ومقتضى هذا أنه يشار بها إلى العقلاء وغيرهم، وهو كذلك، ولكن الاكثر استعمالها في العاقل، ومن ورودها في غير العاقل قوله: 23 - ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الايام.
    __________
    = عاطفة، لدى: ظرف بمعنى عند متعلق بقوله انطق الآتي، ولدى مضاف و " البعد " مضاف إليه " انطقا " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والالف للاطلاق، ويجوز أن تكون الالف مبدلة من نون التوكيد الخفيفة للوقف.
    (1) " بالكاف " جار ومجرور متعلق بقوله انطق في البيت السابق " حرفا " حال من " الكاف " " دون " ظرف متعلق بمحذوف حال ثان من " الكاف " ودون مضاف و " لام " مضاف إليه " أو " حرف عطف " معه " مع: ظرف معطوف على الظرف الواقع متعلقه حالا وهو دون، ومع مضاف والهاء ضمير الغائب مضاف
    إليه " واللام " مبتدأ " إن " حرف شرط " قدمت " قدم: فعل ماض مبني على الفتح المقدر في محل جزم على أنه فعل الشرط، وتاء المخاطب فاعله، و " ها " مفعول به لقدم " ممتنعه " خبر المبتدأ، وجواب الشرط محذوف دل عليه المبتدأ وخبره، والتقدير: واللام ممتنعة إن قدمت ها فاللام ممتنعة، وجملة الشرط وجوابه لا محل لها، لانها (معترضة) ؟ بين المبتدأ وخبره.
    23 - البيت لجرير بن عطية بن الخطفي، من كلمة له يهجو فيها الفرزدق، وقبله - وهو المطلع - قوله: سرت الهموم فبتن غير نيام وأخو الهموم يروم كل مرام اللغة: " ذم " فعل أمر من الذم، ويجوز لك في الميم تحريكها بإحدى الحركات الثلاث: الكسر، لانه الاصل في التخلص من التقاء الساكنين، فهو مبني على السكون وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين، والفتح للتخفيف، لان الفتحة = (*)
    (1/132)

    وفيها لغتان: المد، وهي لغة أهل الحجاز، وهي الواردة في القرآن العزيز، والقصر، وهي لغة بني تميم.
    وأشار بقوله: " ولدى البعد انطقا بالكاف - إلى آخر البيت " إلى أن المشار إليه له رتبتان: القرب، والبعد، فجميع ما تقدم يشار به إلى القريب،.
    __________
    = أخف الحركات، وهذه لغة بني أسد، والضم، لاتباع حركة الذال، وهذا الوجه أضعف الوجوه الثلاثة " المنازل " جمع منزل، أو منزلة، وهو محل النزول، وكونه ههنا جمع منزلة أولى، لانه يقول فيما بعد " منزلة اللوى " - واللوى - بكسر اللام مقصورا موضع بعينه " العيش " أراد به الحياة.
    المعنى: ذم كل موضع تنزل فيه بعد هذا الموضع الذي لقيت فيه أنواع المسرة، وذم أيام الحياة التي تقضيها بعد هذه الايام التي قضيتها هناك في هناءة وغبطة.
    الاعراب: " ذم " فعل أمر، مبني على السكون لا محل له من الاعراب، وهو مفتوح الآخر للخفة أو مكسوره على الاصل في التخلص من التقاء الساكنين أو مضمومه للاتباع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " المنازل " مفعول به لذم " بعد " ظرف متعلق بمحذوف حال من المنازل، وبعد مضاف و " منزلة " مضاف إليه، ومنزلة مضاف، و " اللوى " مضاف إليه " والعيش " الواو عاطفة، العيش: معطوف على المنازل " بعد " ظرف متعلق بمحذوف حال من العيش، وبعد مضاف وأولاء من " أولائك " مضاف إليه، والكاف حرف خطاب " الايام " بدل من اسم الاشارة أو عطف بيان عليه.
    الشاهد فيه: قوله " أولئك " حيث أشار به إلى غير العقلاء، وهي " الايام " ومثله في ذلك قول الله تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) وقد ذكر ابن هشام عن ابن عطية أن الرواية الصحيحة في بيت الشاهد * والعيش بعد أولئك الاقوام * وهذه هي رواية النقائض حين جرير والفرزدق، وعلى ذلك لا يكون في البيت شاهد، لان الاقوام عقلاء، والخطب في ذلك سهل، لان الآية الكريمة التي تلوناها كافية أعظم الكفاية للاستشهاد بها على جواز الاشارة بأولاء إلى الجمع من غير العقلاء.
    (*)
    (1/133)

    فإذا أريد الاشارة إلى البعيد أتي بالكاف وحدها، فتقول: " ذاك " أو الكاف واللام نحو " ذلك ".
    وهذه الكاف حرف خطاب، فلا موضع لها من الاعراب، وهذا لا خلاف فيه.
    فإن تقدم حرف التنبيه الذي هو " ها " على اسم الاشارة أتيت بالكاف وحدها، فتقول " هذاك " (1) وعليه قوله:
    24 - رأيت بني غبراء لا ينكرونني ولا أهل هذاك الطراف الممدد.
    __________
    (1) إذا كان اسم الاشارة لمثنى أو لجمع فإن ابن مالك يرى أنه لا يجوز أن يؤتى بالكاف مع حرف التنبيه حينئذ، وذهب أبو حيان إلى أن ذلك قليل لا ممتنع، ومما ورد منه قول العرجي، وقيل: قائله كامل الثقفي: ياما أميلح غزلانا شدن لنا من هؤليائكن الضال والسمر الشاهد فيه هنا: قوله " هؤليائكن " فإنه تصغير " أولاء " الذي هو اسم إشارة إلى الجمع، وقد اتصلت به " ها " التنبيه في أوله، وكاف الخطاب في آخره.
    24 - هذا البيت لطرفة بن العبد البكري، من معلقته المشهورة التي مطلعها: لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد وقبل بيت الشاهد قوله: وما زال تشرابي الخمور ولذتي وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي إلى أن تحامتني العشيرة كلها وأفردت إفراد البعير المعبد اللغة: " خولة " اسم امرأة " أطلال " جمع طلل، بزنة جبل وأجبال، والطلل: ما شخص وظهر وارتفع من آثار الديار (كالاثافي) ؟ " برقة " بضم فسكون - هي كل رابية فيها رمل وطين أو حجارة، وفي بلاد العرب نيف ومائة برقة عدها صاحب القاموس، = (*)
    (1/134)

    ولا يجوز الاتيان بالكاف واللام، فلا تقول " هذالك ".
    وظاهر كلام المصنف أنه ليس للمشار إليه إلا رتبتان: قربى، وبعدي، كما قررناه، والجمهور على أن له ثلاث مراتب: قربى، ووسطى، وبعدي،
    فيشار إلى من في القربى بما ليس فيه كاف ولا لام: كذا، وذي، وإلى من في الوسطى بما فيه الكاف وحدها نحو ذاك، وإلى من في البعدى بما فيه كاف ولام، نحو " ذلك ".
    * * *.
    __________
    = وألف فيها غير واحد من علماء اللغة، ومنها برقة ثهمد " تلوح " تظهر " الوشم " أن يغرز بالابرة في الجلد ثم يذر عليه الكحل أو دخان الشحم فيبقى سواده ظاهرا " البعير المعبد " الاجرب " بني غبراء " الغبراء هي الارض، سميت بهذا لغبرتها، وأراد ببني الغبراء الفقراء الذين لصقوا بالارض لشدة فقرهم، أو الاضياف، أو اللصوص " الطراف " بكسر الطاء بزنة الكتاب - البيت من الجلد، وأهل الطراف الممدد: الاغنياء.
    المعنى: يريد أن جميع الناس - من غير تفرقة بين فقيرهم وغنيهم - يعرفونه، ولا ينكرون محله من الكرم والمواساة للفقراء وحسن العشرة وطيب الصحبة للاغنياء وكأنه يتألم من صنبع قومه معه.
    الاعراب: " رأيت " فعل وفاعل " بني " مفعول به، وبني مضاف، و " غبراء " مضاف إليه، ثم إذا كانت رأى بصربة فجملة " لا ينكرونني " من الفعل وفاعله ومفعوله في محل نصب حال من بني غبراء، وإذا كانت رأى علمية وهو أولى فالجملة في محل نصب مفعول ثان لرأى " ولا " الواو عاطفة، ولا: زائدة لتأكيد النفي " أهل " معطوف على الواو الذي هو ضمير الجماعة في قوله " لا ينكرونني " وأهل مضاف واسم الاشارة من " هذاك " مضاف إليه، والكاف حرف خطاب " الطراف " بدل من اسم الاشارة أو عطف بيان عليه " الممدد " نعت للطراف.
    الشاهد فيه: قوله " هذاك " حيث جاء بها التنبيه مع الكاف وحدها، ولم يجئ باللام، ولم يقع لي - مع طويل البحث وكثرة الممارسة - نظير لهذا البيت مما اجتمعت فيه " ها " التنبيه مع كاف الخطاب بينهما اسم إشارة للمفرد، ولعل العلماء الذين قرروا = (*)
    (1/135)

    وبهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان، وبه الكاف صلا (1) في البعد، أو بثم فه، أو هنا أو بهنالك انطقن، أو هنا (2) يشار إلى المكان القريب ب " هنا " ويتقدمها هاء التنبيه، فيقال " ههنا "، ويشار إلى البعيد على رأي المصنف ب " هناك، وهنالك، وهنا " بفتح الهاء وكسرها مع تشديد النون، وب " ثم " و " هنت "، وعلى مذهب غيره " هناك " للمتوسط، وما بعده للبعيد.
    * * *
    __________
    = هذه القواعد قد حفظوا من شواهد هذه المسألة ما لم يبلغنا، أو لعل قداماهم الذين شافهوا العرب قد سمعوا ممن يوثق بعربيته استعمال مثل ذلك في أحاديثهم في غير شذوذ ولا ضرورة تحوج إليه، فلهذا جعلوه قاعدة.
    (1) " وبهنا " الواو عاطفة، بهنا: جار ومجرور متعلق بقوله " أشر " الآتي، " أو " حرف عطف " ههنا " معطوف على هنا " أشر " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " إلى " حرف جر يتعلق بأشر " داني " مجرور بإلى، وعلامة جره كسرة مقدرة على الياء للثقل، وداني مضاف و " المكان " مضاف إليه " وبه " الواو عاطفة، به: جار ومجرور متعلق بقوله صلا الآتي " الكاف " مفعول به مقدم على عامله وهو صلا الآتي " صلا " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والالف للاطلاق، ويجوز أن تكون هذه الالف مبدلة من نون التوكيد الخفيفة للوقف.
    (2) " في البعد " جار ومجرور متعلق بقوله " صلا " في البيت السابق " أو " حرف عطف معناه هنا التخيير " بثم " جار ومجرور متعلق بقوله " فه " الآتي " فه " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " أو " حرف عطف " هنا "
    معطوف على قوله " ثم " السابق " أو " حرف عطف " بهنالك " جار ومجرور متعلق بقوله انطق الآتي " انطقن " انطق: فعل أمر، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، ونون التوكيد الخفيفة حرف لا محل له من الاعراب " أو " حرف عطف " هنا " معطوف على قوله " هنالك ".
    (*)
    (1/136)

    الموصول موصول الاسماء الذي، الانثى التي، واليا إذا ما ثنيا لا تثبت (1) بل ما تليه أوله العلامه، والنون إن تشدد فلا ملامه (2).
    __________
    (1) " موصول " مبتدأ أول، وموصول مضاف و " الاسماء " مضاف إليه " الذي " مبتدأ ثان، وخبر المبتدأ الثاني محذوف تقديره: منه، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الاول " الانثى " مبتدأ " التي " خبره، والجملة معطوفة على الجملة الصغرى السابقة - وهي جملة المبتدأ الثاني وخبره - بحرف عطف مقدر، والرابط للجملة المعطوفة بالمبتدأ الاول مقدر وكان أصل الكلام: موصول الاسماء أنثاه التي، ويجوز أن يكون قوله " الانثى " مبتدأ وخبره محذوف، والتقدير: كائنة منه، فيكون على هذا قوله " التي " بدلا من الانثى " واليا " مفعول مقدم لقوله " لا تثبت " الآتي " إذا " ظرف ضمن معنى الشرط " ما " زائدة " ثنيا " ثنى: فعل ماض مبني للمجهول وألف الاثنين نائب فاعل، والجملة في محل جر بإضافة " إذا " إليها، وهي جملة الشرط " لا " ناهية " تثبت " فعل مضارع مجزوم بلا، وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لاجل الروى والوزن، وجواب الشرط محذوف دل عليه الكلام، والتقدير: ولا تثبت الياء، إذا ثنيتهما - أي الذي والتي - فلا تثبتها.
    (2) " بل " حرف عطف معناه الانتقال " ما " اسم موصول مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور بعده، والتقدير: بل أول - إلخ، فهو مبني على السكون في
    محل نصب " تليه " تلي: فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقدير هي يعود إلى الياء، والهاء ضمير الغائب العائد إلى ما مفعول به مبني على الكسر في محل نصب، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوله لا محل لها من الاعراب صلة الموصول " أوله " أول: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والضمير الذي للغائب مفعول أول " العلامه " مفعول ثان لاول " والنون " مبتدأ " إن " شرطية " تشدد " فعل مضارع مبني للمجهول فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على المبتدأ الذي هو النون " فلا " الفاء لربط الشرط = (*)
    (1/137)

    والنون من ذين وتين شددا أيضا، وتعويض بذاك قصدا (1) ينقسم الموصول إلى اسمي، وحرفي ولم يذكر المصنف الموصولات الحرفية، وهي خمسة أحرف: أحدها: " أن " المصدرية، وتوصل بالفعل المتصرف: ماضيا، مثل " عجبت من أن قام زيد " ومضارعا، نحو " عجبت من أن يقوم زيد " وأمرا، نحو " أشرت إليه بأن قم "، فإن وقع بعدها فعل غير متصرف - نحو قوله تعالى: (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) وقوله تعالى: (وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم) - فهي مخففة من الثقيلة.
    ومنها: " أن " وتوصل باسمها وخبرها، نحو " عجبت من أن زيدا قائم " ومنه قوله تعالى: (أو لم يكفهم أنا أنزلنا) وأن المخففة كالمثقلة، وتوصل باسمها وخبرها، لكن اسمها يكون محذوفا، واسم المثقلة مذكورا.
    ومنها: " كي " وتوصل بفعل مضارع فقط، مثل " جئت لكي تكرم زيدا "..
    __________
    = بالجواب، ولا: نافية للجنس " ملامه " اسم لا مبني على الفتح في محل نصب، وسكونه للوقف، وخبر " لا " محذوف، وتقديره: فلا ملامة عليك، مثلا، والجملة من لا واسمها
    وخبرها في محل جزم جواب الشرط، وجملة الشرط والجواب في محل رفع خبر المبتدأ.
    (1) " والنون " مبتدأ " من ذين " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال صاحبه ضمير مستتر في " شددا " الآتي " وتين " معطوف على " ذين " " شددا " شدد: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى النون، والالف للاطلاق، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ " أيضا " مفعول مطلق حذف فعله العامل فيه " وتعويض " مبتدأ " بذاك " جار ومجرور متعلق بقوله قصد الآتي " قصدا " قصد: فعل ماض مبني للمجهول، والالف للاطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تعويض، والجملة من قصد ونائب فاعله في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو قوله تعويض.
    (*)
    (1/138)

    ومنها: " ما " وتكون مصدرية ظرفية، نحو " لا أصحبك ما دمت منطلقا " [ أي: مدة دوامك منطلقا ] وغير ظرفية، نحو " عجبت مما ضربت زيدا " وتوصل بالماضي، كما مثل، وبالمضارع، نحو " لا أصحبك ما يقوم زيد، وعجبت مما تضرب زيدا " ومنه (1): (بما نسوا يوم الحساب) وبالجملة الاسمية، نحو " عجبت مما زيد قائم، ولا أصحبك ما زيد قائم " وهو قليل (2)، وأكثر ما توصل الظرفية المصدرية بالماضي أو بالمضارع المنفي بلم، نحو " لا أصحبك ما لم تضرب زيدا " وبقل وصلها أعني المصدرية بالفعل المضارع الذي ليس منفيا بلم، نحو " لا أصحبك ما يقوم زيد " ومنه قوله: 25 - أطوف ما أطوف ثم آوي إلى بيت قعيدته لكاع.
    __________
    (1) أي من وصلها بالفعل، بقطع النظر عن كونه ماضيا أو مضارعا.
    (2) اختلف النحويون فيما إذا وقع بعد " ما " هذه جملة اسمية مصدرة بحرف
    مصدري نحو قولهم: لا أفعل ذلك ما أن في السماء نجما، ولا أكلمه ما أن حراء مكانه فقال جمهور البصريين: أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع على أنه فاعل لفعل محذوف، والتقدير على هذا: لا أكلمه ما ثبت كون نجم في السماء، وما ثبت كون حراء مكانه، فهو حينئذ من باب وصل " ما " المصدرية بالجملة الفعلية الماضوية، ووجه ذلك عندهم أن الاكثر وصلها بالافعال، والحمل على الاكثر أولى، وذهب الكوفيون إلى أن " أن " وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع أيضا، إلا أن هذا المصدر المرفوع مبتدأ خبره محذوف، والتقدير على هذا الوجه: لا أفعل كذا ما كون حراء في مكانه ثابت، وما كون نجم في السماء موجود، فهو من باب وصل " ما " بالجملة الاسمية، لان ذلك أقل تقديرا.
    25 - اشتهر أن هذا البيت للحطيئة - واسمه جرول - بهجو امرأته، وهو بيت مفرد ليس له سابق أو لاحق، وقد نسبه ابن السكيت في كتاب الالفاظ (ص 73 ط بيروت) - وتبعه الخطيب التبريزي في تهذيبه - إلى أبي غريب النصري.
    اللغة: " أطوف " أي أكثر التجوال والتطواف والدوران، ويروى " أطود " = (*)
    (1/139)

    ومنها: " لو " وتوصل بالماضي، نحو " وددت لو قام زيد " والمضارع، نحو " وددت لو يقوم زيد ".
    فقول المصنف " موصول الاسماء " احتراز من الموصول الحرفي - وهو..
    __________
    = بالدال المهملة مكان الفاء والمعنى واحد " آوى " مضارع أوى - من باب ضرب - إلى منزله، إذا رجع إليه وأقام به " قعيدته " قعيدة البيت: هي المرأة.
    وقيل لها ذلك لانها تطيل القعود فيه " لكاع " يريد أنها متناهية في الخبث.
    المعنى: أنا أكثر دوراني وارتيادي الاماكن عامة النهار في طلب الرزق وتحصيل القوت، ثم أعود إلى بيتي لاقيم فيه، فلا تقع عيني فيه إلا على امرأة شديدة الخبث
    متناهية في الدناءة واللؤم.
    الاعراب: " أطوف " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، و " ما " مصدرية " أطوف " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا و " ما " مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول مطلق عامله قوله " أطوف " الاول " ثم " حرف عطف " آوى " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " إلى بيت " جار ومجرور متعلق بقوله " آوى " " قعيدته " قعيدة: مبتدأ، وقعيدة مضاف والضمير مضاف إليه " لكاع " خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ وخبره في محل جر نعت لقوله " بيت "، وهذا هو الظاهر، وأحسن من ذلك أن يكون خبر المبتدأ محذوفا، ويكون قوله " لكاع " منادى بحرف نداء محذوف، وجملة النداء في محل نصب مفعول به للخبر، وتقدير الكلام على ذلك الوجه: قعيدته مقول لها: يالكاع.
    الشاهد فيه: في هذا البيت شاهدان للنحاة، أولهما في قوله " ما أطوف " حيث أدخل " ما " المصدرية الظرفية على فعل مضارع غير منفي بلم، وهو الذي عناه الشارح من إتيانه بهذا البيت ههنا، والشاهد الثاني يذكر في أواخر باب النداء في ذكر أسماء ملازمة النداء، وهو في قوله " لكاع " حيث يدل ظاهره على أنه استعمله خبرا للمبتدأ فجاء به في غير النداء ضرورة، والشائع الكثير في كلام العرب أن ما كان على زنة فعال - بفتح الفاء والعين - مما كان سبا للاناث لا يستعمل إلا منادى، فلا يؤثر فيه عامل غير حرف النداء، تقول: يالكاع ويادفار، ولا يجوز أن تقول: رأيت دفار، ولا أن تقول: مررت بدفار، ومن أجل هذا يخرج قوله " لكاع " هنا على حذف خبر المبتدأ وجعل " لكاع " منادى بحرف نداء محذوف كما قلنا في إعراب البيت.
    (*)
    (1/140)

    " أن وأن وكي وما ولو " وعلامته صحة وقوع المصدر موقعه، نحو " وددت لو تقوم " أي قيامك، و " عجبت مما تصنع، وجئت لكي أقرأ،
    ويعجبني أنك قائم، وأريد أن تقوم " وقد سبق ذكره.
    وأما الموصول الاسمي ف " الذي " للمفرد المذكر (1)، و " التي " للمفردة المؤنثة.
    فإن ثنيت أسقطت الياء وأتيت مكانها: بالالف في حالة الرفع، نحو " اللذان، واللتان " وبالياء في حالتي الجر والنصب، فتقول: " اللذين، واللتين ".
    وإن شئت شددت النون - عوضا عن الياء المحذوفة - فقلت: " اللذان واللتان " وقد قرئ: (واللذان يأتيانها منكم) ويجوز التشديد أيضا مع الياء - وهو مذهب الكوفيين - فتقول: " اللذين، واللتين " وقد قرئ: (ربنا أرنا اللذين) - بتشديد النون - وهذا التشديد يجوز أيضا في تثنية " ذا، وتا " اسمى الاشارة، فتقول: " ذان، وتان " وكذلك مع الياء، فتقول: " ذين وتين " وهو مذهب الكوفيين - والمقصود بالتشديد أن يكون عوضا عن الالف المحذوفة كما تقدم في " الذي، والتي ".
    * * * جمع الذي الالى الذين مطلقا وبعضهم بالواو رفع نطقا (2).
    __________
    (1) لا فرق بين أن يكون المفرد مفردا حقيقة، كما تقول: زيد الذي يزورنا رجل كريم، وأن يكون مفردا حكما كما تقول: الفريق الذي أكون فيح فريق مخلص نافع، كما أنه لا فرق بين أن يكون عاقلا كما مثلنا، وأن يكون غير عاقل كما تقول: اليوم آالذي سافرت فيه كان يوما ممطرا.
    (2) " جمع " مبتدأ، وجمع مضاف و " الذي " مضاف إليه " الاولى " خبر المبتدأ " الذين " معطوف على الخبر بتقدير حرف العطف " مطلقا " حال من الذين " وبعضهم " الواو عاطفة، بعض: مبتدأ، وبعض مضاف والضمير العائد إلى العرب = (*)
    (1/141)

    باللات واللاء - التي قد جمعا واللاء كالذين نزرا وقعا (1) يقال في جمع المذكر " الالى " مطلقا: عاقلا كان، أو غيره، نحو " جاءني الالى فعلوا " وقد يستعمل في جمع المؤنث، وقد اجتمع الامران في قوله: 26 - وتبلي الالى يستلئمون على الالى تراهن يوم الروع كالحدإ القبل.
    __________
    = مضاف إليه " بالواو " جار ومجرور متعلق بقوله نطق الآتي " رفعا " يجوز أن يكون حالا، وأن يكون منصوبا بنزغ الخافض، وأن يكون مفعولا لاجله " نطقا " نطق: فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " بعضهم " والالف للاطلاق، والجملة من نطق وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو بعضهم.
    (1) " باللات " جار ومجرور متعلق بقوله جمع الآتي " واللاء " معطوف على اللات " التي " مبتدأ " قد " حرف تحقيق " جمعا " جمع: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على التي، والالف للاطلاق، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ " واللاء " الواو حرف عطف، اللاء: مبتدأ " كالذين " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال صاحبه الضمير المستتر في " وقع " الآتي " نزرا " حال ثانية من الضمير المستتر في وقع " وقعا " وقع: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " اللاء " والالف للاطلاق، والجملة من وقع وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو قوله اللاء.
    26 - هذا البيت من كلام أبي ذؤيب - خويلد بن خالد الهذلي، وقبله: وتلك خطوب قد تملت شبابنا قديما، فتبلينا المنون، وما نبلي اللغة: " خطوب " جمع خطب، وهو الامر العظيم " تملت شبابنا " استمتعت بهم " تبلينا " تفنينا " المنون " المنية والموت " يستلئمون " يلبسون اللامة، وهي الدرع،
    و " يوم الروع " يوم الخوف والفزع، وأراد به يوم الحرب " الحدأ " جمع حدأة، وهو طائر معروف، ووزنه عنبة وعنب، وأراد بها الخيل على التشبيه " القبل " جمع قبلاء، وهي التي في عينها القبل - بفتح القاف والباء جميعا - وهو الحور.
    المعنى: إن حوادث الدهر والزمان قد تمتعت بشبابنا قديما، فتبلينا المنون ونبليها، = (*)
    (1/142)

    .
    __________
    = وتبلي من بيننا الدارعين والمقاتلة فوق الخيول التي تراها يوم الحرب كالحدأ في سرعتها وخفتها.
    الاعراب: " وتبلي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على المنون في البيت الذي ذكرناه في أول الكلام على البيت " الالى " مفعول به لتبلي " يستلئمون " فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، وواو الجماعة فاعله، والجملة لا محل لها صلة الموصول، " على " حرف جر " الالى " اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال صاحبه " الالى " الواقع مفعولا به لتبلي " تراهن " ترى: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والضمير البارز مفعول أول " يوم " ظرف زمان متعلق بقوله ترى، ويوم مضاف و " الروع " مضاف إليه " كالحدأ " جار ومجرور متعلق بترى، وهو المفعول الثاني " القبل " صفة للحدإ، وجملة ترى وفاعله ومفعوليه لا محل لها صلة الموصول.
    الشاهد فيه: قوله " الاولى يستلئمون "، وقوله " الالى تراهن " حيث استعمل لفظ الاولى في المرة الاولى في جمع المذكر العاقل، ثم استعمله في المرة الثانية في جمع المؤنث غير العاقل، لان المراد بالاولى تراهن إلخ الخيل كما بينا في لغة البيت، والدليل على أنه استعملها هذا الاستعمال ضمير جماعة الذكور في " يستلئمون " وهو الواو، وضمير جماعة الاناث في " تراهن " وهو " هن ".
    ومن استعمال " الالى " في جمع الاناث العاقلات قول مجنون بني عامر:
    محا حبها حب الالى كن قبلها وحلت مكانا لم يكن حل من قبل وقول الآخر: فأما الالى يسكن غور تهامة فكل فتاة تترك الحجل أقصما وهذا البيت يقع في بعض نسخ الشرح، ولا يقع في أكثرها، ولهذا أثبتناه ولم تشرحه، ومن استعماله في الذكور العقلاء قول الشاعر: فإن الالى بالطف من آل هاشم تآسوا فسنوا للكرام التآسيا ومن استعماله في الذكور غير العقلاء وإن كان قد أعاد الضمير عليه كما يعيده على جمع المؤنثات قول الاخر: تهيجني للوصل أيامنا الالى مررن علينا والزمان وريق (*)
    (1/143)

    فقال: " يستلئمون " ثم قال: " تراهن ".
    ويقال للمذكر العاقل في الجمع " الذين " مطلقا - أي: رفعا، ونصبا، وجرا - فتقول: " جاءني الذين أكرموا زيدا، ورأيت الذين أكرموه، ومررت بالذين أكرموه ".
    وبعض العرب يقول: " الذون " في الرفع، و " الذين " في النصب والجر، وهم بنو هذيل، ومنه قوله: 27 - نحن الذون صبحوا الصباحا يوم النخيل غارة ملحاحا.
    __________
    27 - اختلف في نسبة هذا البيت إلى قائله اختلافا كثيرا، فنسبه أبو زيد (النوادر 47) إلى رجل جاهلي من بني عقيل سماه أبا حرب الاعلم، ونسبه الصاغاني في العباب إلى ليلى الاخيلية، ونسبه جماعة إلى رؤبة بن العجاج، وهو غير موجود في ديوانه، وبعد الشاهد في رواية أبي زيد: نحن قتلنا الملك الجحجاحا ولم ندع لسارح مراحا
    إلا ديارا أو دما مفاحا نحن بنو خويلد صراحا * لا كذب اليوم ولا مزاحا * اللغة: " نحن الذون " هكذا وقع في رواية النحويين لهذا البيت، والذي رواه الثقة أبو زيد في نوادره " نحن الذين " على الوجه المشهور في لغة عامة العرب، وقوله " صبحوا " معناه جاءوا بعددهم وعددهم في وقت الصباح مباغتين للعدو، وعلى هذا يجري قول الله تعالى: (فأخذتهم الصيحة مصبحين) " النخيل " - بضم النون وفتح الخاء - اسم مكان بعينه " غارة " اسم من الاغارة على العدو " ملحاحا " هو مأخوذ من قولهم " ألح المطر " إذا دام، وأراد أنها غارة شديدة تدوم طويلا " مفاحا " بضم الميم - مرافا حتى يسيل " صراحا " يريد أن نسبهم إليه (صريح) ؟ خالص لا شبهة فيه ولا ظنة وهو بزنة غراب، وجعله العيني - وتبعه البغدادي - بكسر الصاد جمع صريح مثل كريم وكرام.
    الاعراب: " نحن " ضمير منفصل مبتدأ " الذون " اسم موصول خبر المبتدأ " صبحوا " فعل وفاعل، والجملة لا محل لها من الاعراب صلة " الصباحا، يوم " ظرفان = (*)
    (1/144)

    ويقال في جمع المؤنث: " اللات، واللاء " بحذف الياء، فتقول " جاءني اللات فعلن، واللاء فعلن " ويجوز إثبات الياء، فتقول " اللاتي، واللائي " وقد ورد " اللاء " بمعنى الذين، قال الشاعر: 28 - فما آباؤنا بأمن منه علينا اللاء قد مهدوا الحجورا [ كما قد تجئ " الاولى " بمعنى " اللاء " كقوله: فأما الاولى يسكن غور تهامة فكل فتاة تترك الحجل أقصما ] * * *.
    __________
    = يتعلقان بقوله " صبحوا " ويوم مضاف و " النخيل " مضاف إليه " غارة " مفعول لا جله،
    ويجوز أن يكون حالا بتأويل المشتق - أي مغيرين - وقوله " ملحاحا " نعت لغارة.
    الشاهد فيه: قوله " الذون " حيث جاء به بالواو في حالة الرفع، كما لو كان جمع مذكر سالما، وبعض العلماء قد اغتر بمجئ " الذون " في حالة الرفع ومجئ " الذين " في حالتي النصب والجر، فزعم أن هذه الكلمة معربة، وأنها جمع مذكر سالم حقيقة، وذلك بمعزل عن الصواب، والصحيح أنه مبني جئ به على صورة المعرب، والظاهر أنه مبني على الواو والياء.
    28 - البيت لرجل من بني سليم، ولم يعينه أحد ممن اطلعنا على كلامهم من العلماء اللغذ: " أمن " أفعل تفضيل من قولهم: من عليه، إذا أنعم عليه " مهدوا " بفتح الهاء مخففة من قولك: مهدت الفراش مهدا، إذا بسطته ووطأته وهيأته، ومن هنا سمي الفراش مهادا لوثارته، وقال الله تعالى: (فلانفسهم يمهدون) أي: يوطئون، ومن ذلك تمهيد الامور، أي تسويتها وإصلاحها " الحجور " جمع حجر - بفتح الحاء أو كسرها أو ضمها - وهو حضن الانسان، ويقال: نشأ فلان في حجر فلان - بكسر الحاء أو فتحها - يريدون في حفظه وستره ورعايته.
    المعنى: ليس آباؤنا - وهم الذين أصلحوا شأننا، ومهدوا أمرنا، وجعلوا لنا حجورهم كالمهد - بأكبر نعمة علينا وفضلا من هذا الممدوح.
    الاعراب: " ما " نافية بمعنى ليس " آباؤنا " آباء: اسم ما، وآباء مضاف والضمير مضاف إليه " بأمن " الباء زائدة، وأمن: خبر ما " منه، علينا " كلاهما جار ومجرور متعلق بقوله أمن، وقوله " اللاء " اسم موصول صفة لآباء " قد " حرف تحقيق = (*)
    (1/145)

    ومن، وما، وأل - تساوي ما ذكر وهكذا " ذو " عند طيئ شهر (1) وكالتي - أيضا - لديهم ذات، وموضع اللاتي أتى ذوات (2).
    __________
    = " مهدوا " مهد: فعل ماض، وواو الجماعة فاعله " الحجورا " مفعول به لمهد،
    والالف للاطلاق، وجملة الفعل الماضي - الذي هو مهد - وفاعله ومفعوله لا محل لها صلة الموصول.
    الشاهد فيه: قوله " اللاء " حيث أطلقه على جماعة الذكور، فجاء به وصفا لآباء.
    وقد استعملوا " الالاء " اسما موصولا وأصله اسم إشارة، وأطلقوه على جمع الذكور كما في قول خلف بن حازم: إلى النفر البيض الالاء كأنهم صفائح يوم الروع أخلصها الصقل وقول كثير بن عبد الرحمن المشهور بكثير عزة: أبى الله للشم الالاء كأنهم سيوف اجاد القين يوما صقالها (1) " ومن " مبتدأ " وما، وأل " معطوفان على من " تساوي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى الالفاظ الثلاثة من وما وأل، والجملة من تساوي وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ " ما " اسم موصول مفعول به لقوله " تساوي " وقوله " ذكر " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " ما " الواقع مفعولا به، والجملة لا محل لها صلة الموصول " وهكذا " ها: حرف تنبيه، كذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال صاحبه الضمير في قوله " شهر " الآتي " ذو " مبتدأ " عند " ظرف متعلق بقوله " شهر " الآتي، وعند مضاف و " طيئ " مضاف إليه " شهر " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " ذو " والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو ذو.
    (2) " كالتي " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " أيضا " مفعول مطلق فعله محذوف " لديهم " لدى: ظرف متعلق بما تعلق به الجار والمجرور السابق، ولدى مضاف والضمير مضاف إليه " ذات " مبتدأ مؤخر " وموضع " منصوب على الظرفية المكانية ناصبه قوله " أتى " الآتي، وموضع مضاف و " اللاتي " مضاف إليه
    " أتى ذوات " فعل ماض وفاعله.
    (*)
    (1/146)

    أشار بقوله: " تساوي ما ذكر " إلى أن " من، وما " والالف واللام، تكون بلفظ واحد: للمذكر، والمؤنث - [ المفرد ] والمثنى، والمجموع - فتقول: جاءني من قام، ومن قامت، ومن قاما، ومن قامتا، ومن قاموا، ومن قمن، وأعجبني ما ركب، وما ركبت، وما ركبا، وما ركبتا، وما ركبوا، وما ركبن، وجاءني القائم، والقائمة، والقائمان، والقائمتان، والقائمون، والقائمات.
    وأكثر ما تستعمل " ما " في غير العاقل، وقد تستعمل في العاقل (1)، ومنه قوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى) وقولهم: " سبحان ما سخركن لنا " و " سبحان ما يسبح الرعد بحمده ".
    و " من " بالعكس، فأكثر ما تستعمل في العاقل، وقد تستعمل في غيره (2)،.
    __________
    (1) تستعمل " ما " في العاقل في ثلاثة مواضع، الاول: أن يختلط العاقل مع غير العاقل نحو قوله تعالى: (يسبح لله ما في السموات وما في الارض) فإن ما يتناول ما فيهما من إنس وملك وجن وحيوان وجماد، بدليل قوله: (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) والموضع الثاني: أن يكون أمره مبهما على المتكلم، كقولك - وقد رأيت شبحا من بعيد -: انظر ما ظهر لي، وليس منه قوله تعالى: (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا) لان إبهام ذكورته وأنوثته لا يخرجه عن العقل، بل استعمال " ما " هنا في ما لا يعقل لان الحمل ملحق بالجماد، والموضع الثالث: أن يكون المراد صفات من يعقل، كقوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم) وهذا الموضع هو الذي ذكره الشارح بالمثال الاول من غير بيان.
    (2) تستعمل " من " في غير العاقل في ثلاثة مواضع، الاول: أن يقترن
    غير العاقل مع من يعقل في عموم فصل بمن الجارة، نحو قوله تعالى: (فمنهم من يمشي على بطنه، ومنهم من يمشي على رجلين، ومنهم من يمشي على أربع) ومن المستعملة فيما لا يعقل مجاز مرسل علاقته المجاورة في هذا الموضع، والموضع الثاني: أن يشبه غير العاقل بالعاقل فيستعار له لفظه، نحو قوله تعالى: (من لا يستجيب له تعالى) وقول الشاعر * أسرب القطا هل من يعير جناحه * وهو الذي استشهد به المؤلف = (*)
    (1/147)

    كقوله تعالى: (ومنهم من يمشي على أربع، يخلق الله ما يشاء) ومنه قول الشاعر: 29 - بكيت على سرب القطا إذ مررن بي فقلت ومثلي بالبسكاء جدير: أسرب القطا، هل من يعير جناحه لعلي إلى من قد هويت أطير ؟.
    __________
    = فيما يلي، وسنذكر معه نظائره، واستعمال من فيما لا يعقل حينئذ استعارة، لان العلاقة المشابهة، والموضع الثالث: أن يختلط من يعقل بما لا يعقل نحو قول الله تعالى: (ولله يسجد من في السموات ومن في الارض) واستعمال من فيما لا يعقل - في هذا الموضع - من باب التغليب، واعلم أن الاصل تغليب من يعقل على ما لا يعقل، وقد يغلب ما لا يعقل على من يعقل، لنكتة، وهذه النكت تختلف باختلاف الاحوال والمقامات.
    29 - هذان البيتان للعباس بن الاحنف، أحد الشعراء المولدين، وقد جاء بهما الشارح تمثيلا لا استشهادا، كما يفعل المحقق الرضي ذلك كثيرا، يمثل بشعر المتنبي والبحتري وأبي تمام، وقيل: قائلهما مجنون ليلى، وهو ممن يستشهد بشعره، وقد وجدت بيت الشاهد ثابتا في كل ديوان من الديوانين: ديوان المجنون، وديوان العباس، وذلك من خلط الرواة.
    اللغة: " السرب " جماعة الظباء والقطا ونحوهما، و " القطا " ضرب من الطير قريب الشبه من الحمام " جدير " لائق وحقيق " هويت " بكسر الواو - أي أحببت.
    الاعراب: " بكيت " فعل وفاعل " على سرب " جار ومجرور متعلق ببكيت، وسرب مضاف و " القطا " مضاف إليه " إذ " ظرف زمان متعلق ببكيت مبني على السكون في محل نصب " مررن " فعل وفاعل، والجملة في محل جر بإضافة إذ إليها، أي بكيت وقت مرورهن بي " بي " جار ومجرور متعلق بمر " فقلت " فعل وفاعل " ومثلي " الواو للحال، مثل: مبتدأ، ومثل مضاف وياء المتكلم مضاف إليه " بالبكاء " جار ومجرور متعلق بقوله جدير الآتي " جدير " خبر المبتدأ " أسرب " الهمزة حرف نداء، وسرب: منادى منصوب بالفتحة الظاهرة، وسرب مضاف، و " القطا " مضاف إليه " هل " استفهامية " من " اسم موصول مبتدأ " يعير " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من، والجملة من يعير وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ، هكذا قالوا، وعندي أن جملة " يعير جناحه " لا محل لها من الاعراب صلة الموصول الذي هو من، وأما خبر المبتدأ فمحذوف، وتقدير الكلام: هل الذي يعير جناحه = (*)
    (1/148)

    وأما الالف واللام فتكون للعاقل، ولغيره، نحو " جاءني القائم، والمركوب " واختلف فيها، فذهب قوم إلى أنها اسم موصول، وهو الصحيح، وقيل: إنها حرف موصول، وقيل: إنها حرف تعريف، وليست من الموصولية في شئ.
    وأما من وما غير المصدرية فاسمان اتفاقا، وأما " ما " المصدرية فالصحيح أنها حرف، وذهب الاخفش إلى أنها اسم.
    ولغة طيئ استعمال " ذو " موصولة، وتكون للعاقل، ولغيره، وأشهر لغاتهم فيها أنها تكون بلفظ واحد: للمذكر، والمؤنث، مفردا، ومثنى، ومجموعا (1)،.
    __________
    = موجود " جناحه " جناح: مفعول به ليعير، وجناح مضاف والضمير مضاف إليه " لعلي " لعل: حرف ترج ونصب، والياء ضمير المتكلم اسمها " إلى " حرف جر " من " اسم موصول
    مبني على السكون في محل جر بإلى، والجار والمجرور متعلق بقوله أطير الآتي " قد " حرف تحقيق " هويت " فعل ماض وفاعله، والجملة لا محل لها صلة الموصول، والعائد محذوف، والتقدير: إلى الذي قد هويته " أطير " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة في محل رفع خبر " لعل ".
    الشاهد فيه: قوله " أسرب القطا " وقوله " من يعير جناحه " والنداء معناه طلب إقبال من تناديه عليك، ولا يتصور أن تطلب الاقبال إلا من العاقل الذي يفهم الطلب ويفهم الاقبال، أو الذي تجعله بمنزلة من يفهم الطلب ويفهم الاقبال، فلما تقدم بندائه استساغ أن يطلق عليه اللفظ الذي لا يستعمل إلا في العقلاء بحسب وضعه، وقد تمادى في معاملته معاملة ذوي العقل، فاستفهم منه طالبا أن يعيره جناحه، والاستفهام وطلب الاعارة إنما يتصور توجيههما إلى العقلاء.
    ومثل ذلك قول امرئ القيس بن حجر الكندي: ألا عم صباحا أيها الطلل البالي وهل يعمن من كان في العصر الخالي (1) لا فرق بين أن يكون ما استعمل فيه " ذو " الموصولة عاقلا أو غير عاقل، = (*)
    (1/149)

    فتقول: " جاءني ذو قام، وذو قامت، وذو قاما، وذو قامتا، وذو قاموا، وذو قمن "، ومنهم من يقول في المفرد المؤنث: " جاءني ذات قامت "، وفي جمع المؤنث: " جاءني ذوات قمن " وهو المشار إليه بقوله: " وكالتي أيضا - البيت " ومنهم من يثنيها ويجمعها فيقول: " ذوا، وذوو " في الرفع و " ذوي، وذوي " في النصب والجر، و " ذواتا " في الرفع، و " ذواتي " في الجر والنصب، و " ذوات " في الجمع، وهي مبنية على الضم، وحكى الشيخ بهاء الدين ابن النحاس أن إعرابها كإعراب جمع المؤنث السالم.
    والاشهر في " ذو " هذه - أعني الموصولة - أن تكون مبنية، ومنهم من
    يعربها: بالواو رفعا، وبالالف نصبا، وبالياء جرا، فيقول: " جاءني ذو قام، ورأيت ذا قام، ومررت بذي قام " فتكون مثل " ذي " بمعنى صاحب، وقد روى قوله: فإما كرام موسرون لقيتهم فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا [ 4 ] (1).
    __________
    = فمن استعمالها في المفرد المذكر العاقل قول منظور بن سحيم الذي سيستشهد الشارح به، وقول قوال الطائي: فقولا لهذا المرء ذو جاء ساعيا: هلم فإن المشرفي الفرائض يريد فقولا لهذا المرء الذي جاء ساعيا ومن استعمالها في المفرد المؤنث غير العاقل قول سنان بن الفحل الطائي: فإن الماء ماء أبي وجدي وبئري ذو حفرت وذو طويت يريد: وبئري التي حفرتها والتي طويتها، لان البئر مؤنثة بدون علامة تأنيث.
    ومن استعمالها في المفرد المذكر غير العاقل قول قوال الطائي أيضا: أظنك دون المال ذو جئت طالبا ستلقاك بيض للنفوس قوابض (1) قد مضى شرح هذا البيت في باب " المعرب والمبني " (ش رقم 4) شرحا = (*)
    (1/150)

    بالياء على الاعراب، وبالواو على البناء.
    وأما " ذات " فالفصيح فيها أن تكون مبنية على الضم رفعا ونصبا وجرا، مثل " ذوات "، ومنهم من يعربها إعراب مسلمات: فيرفعها بالضمة، وينصبها ويجرها بالكسرة (1).
    * * * ومثل ما " ذا " بعد ما استفهام أو من، إذا لم تلغ في الكلام (2)
    .
    __________
    = وافيا لا تحتاج معه إلى إعادة شئ منه هنا، وقد ذكرنا هناك أن المؤلف سينشده مرة أخرى في باب الموصول، وأنه سيذكر فيه روايتين، وقد بينا ثمة تخريج كل واحدة منهما، ووجه الاستدلال بهما.
    (1) قال ابن منظور: " قال شمر: قال الفراء: سمعت أعرابيا يقول: بالفضل ذو فضلكم الله به، والكرامة ذات أكرمكم الله بها، فيجعلون مكان الذي ذو، ومكان التي ذات، ويرفعون التاء على كل حال، ويخلطون في الاثنين والجمع، وربما قالوا: هذا ذو تعرف، وفي التثنية: هذان ذوا تعرف، وهاتان ذوا تعرف، وأنشد الفراء: * وبئري ذو حفرت وذو طويت * ومنهم من يثني، ويجمع، ويؤنث، فيقول: هذان ذوا قالا، وهؤلاء ذوو قالوا، وهذه ذات قالت، وأنشد: جمعتها من أينق موارق ذوات ينهضن بغير سائق " اه كلام ابن منظور، وهو في الاصل كلام الفراء.
    (2) " ومثل " خبر مقدم، ومثل مضاف و " ما " مضاف إليه " ذا " مبتدأ مؤخر " بعد " ظرف متعلق بمحذوف حال من ذا، وبعد مضاف و " ما " قصد لفظه: مضاف إليه، وما مضاف و " استفهام " مضاف إليه " أو " حرف عطف " من " معطوف على ما " إذا " ظرف تضمن معنى الشرط " لم " حرف نفي وجزم وقلب " تلغ " فعل مضارع مبني للمجهول، مجزوم بحذف الالف والفتحة قبلها دليل عليها، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ذا، والجملة في محل جر = (*)
    (1/151)

    يعني أن " ذا " اختصت من بين سائر أسماء الاشارة بأنها تستعمل موصولة، وتكون مثل " ما " في أنها تستعمل بلفظ [ واحد ]: للمذكر، والمؤنث - مفردا كان، أو مثنى، أو مجموعا - فتقول: " من ذا عندك " و " ماذا عندك " سواء كان ما عنده مفردا مذكرا أو غيره.
    وشرط استعمالها موصولة أن تكون مسبوقة ب " ما " أو " من " الاستفهاميتين، نحو " من ذا جاءك، وماذا فعلت " فمن: اسم استفهام، وهو مبتدأ، و " ذا " موصولة بمعنى الذي، وهو خبر من، و " جاءك " صلة الموصول، والتقدير " من الذي جاءك " ؟ وكذلك " ما " مبتدأ، و " ذا " موصول [ بمعنى الذي ]، وهو خبر ما، و " فعلت " صلته، والعائد محذوف، تقديره " ماذا فعلته " ؟ أي: ما الذي فعلته.
    واحترز بقوله: " إذا لم تلغ في الكلام " من أن تجعل " ما " مع " ذا " أو " من " مع " ذا " كلمة واحدة للاستفهام، نحو " ماذا عندك ؟ " أي: أي شئ عندك ؟ وكذلك " من ذا عندك ؟ " فماذا: مبتدأ، و " عندك " خبره [ وكذلك: " من ذا " مبتدأ، و " عندك " خبره ] فذا في هذين الموضعين ملغاة، لانها جزء كلمة، لان المجموع استفهام.
    * * * وكلها يلزم بعده صله على ضمير لائق مشتمله (2).
    __________
    = بإضافة إذا إليها، وهي فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام، وتقديره: ذا مثل ما حال كونها بعدما أو من الاستفهاميتين، إذا لم تلغ في الكلام فهي كذلك، وقوله " في الكلام " جار ومجرور متعلق بقوله تلغ.
    (2) " وكلها " الواو للاستئناف، كل: مبتدأ، وكل مضاف والضمير مضاف إليه ومرجعه الموصولات الاسمية وحدها، خلافا لتعميم الشارح، لانه نعت الصلة بكونها مشتملة على عائد، وهذا خاص بصلة الموصول الاسمي، ولان المصنف لم يتعرض للموصول الحرفي هنا أصلا، بل خص كلامه بالاسمي، ألا ترى أنه بدأ الباب بقوله " موصول = (*)
    (1/152)

    الموصولات كلها - حرفية كانت، أو اسمية - يلزم أن يقع بعدها صلة
    تبين معناها.
    ويشترط في صلة الموصول الاسمي أن تشتمل على ضمير لائق بالموصول: إن كان مفردا فمفرد، وإن كان مذكرا فمذكر، وإن كان غيرهما فغيرهما، نحو " جاءني الذي ضربته " وكذلك المثنى والمجموع، نحو " جاءني اللذان ضربتهما، والذين ضربتهم " وكذلك المؤنث، تقول: " جاءت التي ضربتها، واللتان ضربتهما، واللاتي ضربتهن ".
    وقد يكون الموصول لفظه مفردا مذكرا ومعناه مثنى أو مجموعا أو غيرهما، وذلك نحو " من، وما " إذا قصدت بهما غير المفرد المذكر، فيجوز حينئذ مراعاة اللفظ، ومراعاة المعنى، فتقول: " أعجبني من قام، ومن قامت، ومن قاما، ومن قامتا، ومن قاموا، ومن قمن " على حسب ما يعنى بهما.
    * * * وجملة أو شبهها الذي وصل به، كمن عندي الذي ابنه كفل (1).
    __________
    = الاسماء " ؟ و " يلزم " فعل مضارع " بعده " بعد: ظرف متعلق بقوله يلزم، وبعد مضاف والضمير العائد على كل مضاف إليه " صلة " فاعل يلزم " على ضمير " جار ومجرور متعلق بقوله " مشتملة " الآتي " لائق " نعت لضمير " مشتملة " نعت لصلة.
    (1) " وجملة " خبر مقدم " أو شبهها " أو: حرف عطف، شبه: معطوف على جملة، وشبه مضاف والضمير مضاف إليه " الذي " اسم موصول مبتدأ مؤخر " وصل " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على قوله " كلها " في البيت السابق " به " جار ومجرور متعلق بقوله " وصل " وتقدير الكلام على هذا الوجه: والذي وصل به كل واحد من الموصولات السابق ذكرها جملة أو شبه جملة، وقيل: قوله " جملة " مبتدأ، وقوله " الذي " خبره، ونائب فاعل وصل ليس ضميرا مستترا، بل هو الضمير المجرور بالباء في قوله " به " وليس هذا = (*)
    (1/153)

    صلة الموصول لا تكون إلا جملة أو شبه جملة، ونعني بشبه الجملة الظرف والجار والمجرور، وهذا في غير صلة الالف واللام، وسيأتي حكمها.
    ويشترط في الجملة الموصول بها ثلاثة شروط، أحدها: أن تكون خبرية (1)، الثاني: كونها خالية من معنى التعجب (2)، الثالث: كونها غير مفتقرة إلى كلام.
    __________
    الاعراب بجيد " كمن " الكاف جارة لمحذوف تقديره: كقولك، ومن اسم موصول مبتدأ " عندي " عند: ظرف متعلق بفعل محذوف تقع جملته صلة، وعند مضاف والضمير مضاف إليه " الذي " خبر المبتدأ " ابنه " ابن: مبتدأ، وابن مضاف والضمير مضاف إليه " كفل " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " ابن " والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو قوله ابنه، والجملة من المبتدأ وخبره لا محل لها من الاعراب صلة الذي.
    (1) ذهب الكسائي إلى أنه يجوز أن تكون صلة الموصول جملة إنشائية، واستدل على ذلك بالسماع، فمن ذلك قول الفرزدق: وإني لراج نظرة قبل التي لعلي وإن شطت نواها أزورها وقول جميل بن معمر العذري المعروف بجميل بثينة: وماذا عسى الواشون أن يتحدثوا سوى أن يقولوا إنني لك عاشق وزعم الكسائي أن جملة " لعلي أزورها " من لعل واسمها وخبرها صلة التي، كما زعم أن " ما " في قول جميل " وماذا " اسم استفهام مبتدأ، و " ذا " اسم موصول خبره، وجملة عسى واسمها وخبرها صلة.
    والجواب أن صلة التي في البيت الاول محذوفة، والتقدير: قبل التي أقول فيها لعلي إلخ، وماذا (..) ؟ ؟ البيت الثاني اسم استفهام مبتدأ، وليس ثمة اسم
    موصول أصلا.
    (2) اختلف العلماء في جملة التعجب: أخبرية هي أم إنشائية ؟ فذهب قوم إلى أنها جملة إنشائية، وهؤلاء جميعا قالوا: لا يجوز أن يوصل بها الاسم الموصول، وذهب فريق إلى أنها خبرية، وقد اختلف هذا الفريق في جواز وصل الموصول بها، فقال ابن خروف: يجوز، وقال الجمهور: لا يجوز، لان التعجب، إنما يتكلم به عند = (*)
    (1/154)

    قبلها، واحترز ب " الخبرية " من غيرها، وهي الطلبية والانشائية، فلا يجوز " جاءني الذي اضربه " خلافا للكسائي، ولا " جاءني الذي ليته قائم " خلافا لهشام، واحترز ب " خالية من معنى التعجب " من جملة التعجب، فلا يجوز " جاءني الذي ما أحسنه " وإن قلنا إنها خبرية، واحترز " بغير مفتقرة إلى كلام قبلها " من نحو: " جاءني الذي لكنه قائم "، فإن هذه الجملة تستدعي سبق جملة أخرى، نحو: " ما قعد زيد لكنه قائم ".
    ويشترط في الظرف والجار والمجرور أن يكونا تامين، والمعنى بالتام: أن يكون في الوصل به فائدة، نحو: " جاء الذي عندك، والذي في الدار " والعامل فيهما فعل محذوف وجوبا، والتقدير: " جاء الذي استقر عندك " أو " الذي استقر في الدار " فإن لم يكونا تامين لم يجز الوصل بهما، فلا تقول " جاء الذي بك " ولا " جاء الذي اليوم ".
    * * * وصفة صريحة صلة أل وكونها بمعرب الافعال قل (1).
    __________
    = خفاء سبب ما يتعجب منه، فإن ظهر السبب بطل العجب، ولاشك أن المقصود بالصلة إيضاح الموصول وبيانه، وكيف يمكن الايضاح والبيان بما هو غير ظاهر في نفسه ؟ فلما تنافيا لم يصح ربط أحدهما بالآخر، ويؤيد هذا التفصيل قول الشارح فيما بعد: " فلا
    يجوز جاءني الذي ما أحسنه وإن قلنا إنها خبرية " فإن معنى هذه العبارة: لا يجوز أن تكون جملة التعجب صلة إن قلنا إنها إنشائية وإن قلنا إنها خبرية، فلا تلتفت لما قاله الكاتبون في هذا المقام مما يخالف هذا التحقيق.
    (1) " وصفة " الواو للاستئناف، صفة: خبر مقدم " صريحة " نعت لصفة " صلة " مبتدأ مؤخر، وصلة مضاف و " أل " مضاف إليه " وكونها " كون: مبتدأ، وهو من جهة الابتداء يحتاج إلى خبر، ومن جهة كونه مصدرا لكان الناقصة يحتاج إلى اسم وخبر، فالضمير المتصل به اسمه، و " بمعرب " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبره من = (*)
    (1/155)

    الالف واللام لا توصل إلا بالصفة الصريحة، قال المصنف في بعض كتبه: وأعني بالصفة الصريحة اسم الفاعل نحو: " الضارب " واسم المفعول نحو: " المضروب " والصفة المشبهة نحو: " الحسن الوجه " فخرج نحو: " القرشي، والافضل " وفي كون الالف واللام الداخلتين على الصفة المشبهة موصولة خلاف، وقد اضطرب اختيار الشيخ أبي الحسن بن عصفور في هذه المسألة، فمرة قال: إنها موصولة، ومرة منع ذلك (1).
    وقد شذ وصل الالف واللام بالفعل المضارع، وإليه أشار بقوله: " وكونها بمعرب الافعال قل " ومنه قوله:.
    __________
    = حيث النقصان، ومعرب مضاف، و " الافعال " مضاف إليه " قل " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى كونه الواقع مبتدأ، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
    (1) للعلماء خلاف طويل في جواز وصل أل بالصفة المشبهة، فجمهورهم على أن الصفة المشبهة لا تكون صلة لال، فأل الداخلة على الصفة المشبهة عند هؤلاء معرفة لا موصولة، والسر في ذلك أن الاصل في الصلات للافعال، والصفة المشبهة بعيدة الشبه
    بالفعل من حيث المعنى، وذلك لان الفعل يدل على الحدوث، والصفة المشبهة لا تدل عليه، وإنما تدل على اللزوم، ويؤيد هذا أنهم اشترطوا في اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة التي تقع صلة لال أن يكون كل واحد منها دالا على الحدوث، ولو دل أحدها على اللزوم لم يصح أن يكون صلة لال، بل تكون أل الداخلة عليه معرفة، وذلك كالمؤمن والفاسق والكافر والمنافق، وذهب قوم إلى أنه يجوز أن تكون الصفة المشبهة صلة لال، لانها أشبهت الفعل من حيث العمل - وإن خالفته في المعنى -، أفلست ترى أنها ترفع الضمير المستتر، والضمير البارز، والاسم الظاهر، كما يرفعها الفعل جميعا ؟ وأجمعوا على أن أفعل التفضيل لا يكون صلة لال، لانه لم يشبه الفعل لا من حيث المعنى ولا من حيث العمل، أما عدم مشابهته الفعل من حيث المعنى فلانه يدل على الاشتراك مع الزيادة والفعل يدل على الحدوث، وأما عدم شبهه بالفعل من حيث العمل فلان الفعل يرفع الضمير المستتر والبارز، ويرفع الاسم الظاهر، أما أفعل التفضيل فلا يرفع باطراد إلا الضمير المستتر، ويرفع الاسم الظاهر في مسألة واحدة هي المعروفة بمسألة الكحل.
    (*)
    (1/156)

    30 - ما أنت بالحكم الترضى حكومته ولا الاصيل ولا ذي الرأي والجدل.
    __________
    30 - هذا البيت للفرزدق، من أبيات له يهجو بها رجلا من بني عذرة، وكان هذا الرجل العذري قد دخل على عبد الملك بن مروان يمدحه، وكان جرير والفرزدق والاخطل عنده، والرجل لا يعرفهم، فعرفه بهم عبد الملك، (فعاعتم) ؟ العذري أن قال: فحيا الاله أبا حزرة وأرغم أنفك يا أخطل وجد الفرزدق أتعس به ودق خياشيمه الجندل و " أبو حزرة ": كنية جرير، و " أرغم أنفك ": يدعو عليه بالذل والمهانة حتى يلصق أنفه بالرغام وهو التراب و " الجد " الحظ والبخت، وفي قوله
    " وجد الفرزدق أتعس به " دليل على أنه يجوز أن يقع خبر المبتدأ جملة إنشائية، وهو مذهب الجمهور، وخالف فيه ابن الانباري، وسنذكر في ذلك بحثا في باب المبتدأ والخبر فأجابه الفرزدق ببيتين ثانيهما بيت الشاهد، والذي قبله قوله: يا أرغم الله أنفا أنت حامله يا ذا الخنى ومقال الزور والخطل اللغة: " الخنى " - بزنة الفتى - هو الفحش، و " الخطل " - بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة - هو المنطق الفاسد المضطرب، والتفحش فيه " الحكم " - بالتحريك - الذي يحكمه الخصمان كي يقضي بينهما، ويفصل في خصومتهما " الاصيل " ذو الحسب، و " الجدل " شدة الخصومة.
    المعنى: يقول: لست أيها الرجل بالذي يرضاه الناس للفصل في أقضيتهم، ولا أنت بذي حسب رفيع، ولا أنت بصاحب عقل وتدبير سديد، ولا أنت بصاحب جدل، فكيف نرضاك حكما ؟ !.
    الاعراب: " ما " نافية، تعمل عمل ليس " أنت " اسمها " بالحكم " الباء زائدة الحكم: خبر ما النافية " الترضى " أل: موصول اسمي نعت للحكم، مبني على السكون في محل جر " ترضى " فعل مضارع مبني للمجهول " حكومته " حكومة: نائب فاعل لترضى، وحكومة مضاف والضمير مضاف إليه، والجملة لا محل لها صلة الموصول " ولا " الواو حرف عطف، لا: زائدة لتأكيد النفي " الاصيل " معطوف على الحكم " ولا " = (*)
    (1/157)

    وهذا عند جمهور البصريين مخصوص بالشعر، وزعم المصنف - في غير هذا الكتاب - أنه لا يختص به، بل يجوز في الاختيار، وقد جاء وصلها بالجملة الاسمية، وبالظرف شذوذا، فمن الاول قوله: 31 - من القوم الرسول الله منهم لهم دانت رقاب بني معد.
    __________
    = مثل السابق " ذي " معطوف على الحكم أيضا، وذي مضاف و " الرأي " مضاف
    إليه، " والجدل " معطوف على الرأي.
    الشاهد فيه: قوله " الترضى حكومته " حيث أنى بصلة " أل " جملة فعلية فعلها مضارع، ومثله قول ذي الخرق الطهوي: يقول الخنى، وأبغض العجم ناطقا إلى ربنا صوت الحمار اليجدع فيستخرج اليربوع من نافقائه ومن جحره بالشيخة اليتقصع 31 - هذا البيت من الشواهد التي لا يعرف قائلها، قال العيني: " أنشده ابن مالك للاحتجاج به، ولم يعزه إلى قائله " اه، وروى البغدادي بيتا يشبه أن يكون هذا البيت، ولم يعزه أيضا إلى قائل، وهو: بل القوم الرسول الله فيهم هم أهل الحكومة من قصي اللغة: " دانت " ذلت، وخضعت، وانقادت " معد " هو ابن عدنان، وبنو قصي هم قريش، وبنو هاشم قوم النبي صلى الله عليه وسلم منهم.
    الاعراب: " من القوم الرسول الله ": الجار والمجرور متعلق بمحذوف يجوز أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف، ويكون تقدير الكلام: هو من القوم إلخ، والالف واللام في كلمة " الرسول " موصول بمعنى الذين صفة للقوم مبني على السكون في محل جر، ورسول مبتدأ، ورسول مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه " منهم " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره لا محل لها صلة أل الموصولة " لهم " جار ومجرور متعلق بقوله دانت الآتي " دانت " دان: فعل ماض، والتاء تاء التأنيث " رقاب " فاعل دان، ورقاب مضاف و " بني " مضاف إليه، وبني مضاف و " معد " مضاف إليه.
    = (*)
    (1/158)

    .
    __________
    = الشاهد فيه: قوله " الرسول الله منهم " حيث وصل أل بالجملة الاسمية، وهي جملة المبتدأ والخبر، وذلك شاذ.
    ومن العلماء من يجيب عن هذا الشاهد ونحوه بأن " أل " إنما هي هنا بعض كلمة، وأصلها " الذين " فحذف ما عدا الالف واللام، قال هؤلاء: ليس حذف بعض الكلمة وإبقاء بعضها بعجب في العربية، وهذا لبيد بن ربيعة العامري يقول: * درس المنا بمتالع فأبان * أراد " المنازل " فحذف حرفين لغير ترخيم.
    وهذا رؤبة يقول: * أو الفا مكة من ورق الحمى * أراد " الحمام " فحذف الميم ثم قلب فتحة الميم كسرة والالف ياء، وقد قال الشاعر، وهو أقرب شئ إلى ما نحن بصدده: وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد أراد " وإن الذين " بدليل ضمير جماعة الذكور في قوله " دماؤهم " وقوله فيما بعد " هم القوم " وعليه خرجوا قول الله تعالى: (وخضتم كالذي خاضوا) أي كالذين خاضوا - وفي الآية تخريجان آخران، أحدهما: أن الذي موصول حرفي كما، أي وخضتم كخوضهم، وثانيهما: أن الذي موصول اسمي صفة لموصوف محذوف، والعائد إليه من الصلة محذوف أي: وخضتم كالخوض الذي خاضوه قالوا: وربما حذف الشاعر الكلمة كلها، فلم يبق منها إلا حرفا واحدا، ومن ذلك قول الشاعر: نادوهم: أن ألجموا، ألاتا، قالوا جميعا كلهم: ألافا فإن هذا الراجز أراد في الشطر الاول " ألا تركبون " فحذف ولم يبق إلا التاء، وحذف من الثاني الذي هو الجواب فلم يبق إلا حرف العطف، وأصله " ألا فاركبوا ".
    وبعض العلماء يجعل الحروف التي تفتتح بها بعض سور القرآن - نحو ألم، حم، ص - من هذا القبيل، فيقولون: ألم أصله: أنا الله أعلم، أو ما أشبه ذلك، وانظر مع هذا ما ذكرناه في شرح الشاهد رقم 31 6 الآتي في باب الترخيم.
    قلت: وهذا الذي ذهبوا إليه ليس إلا قياما من ورطة للوقوع في ورطة أخرى أشد = (*)
    (1/159)

    ومن الثاني قوله: 32 - من لا يزال شاكرا على المعه فهو حر بعيشة ذات سعه * * *.
    __________
    منها وأنكى، فهو تخلص من ضرورة إلى ضرورة أصعب منها مخلصا وأعسر نجاء، ولا يشك أحد أن هذا الحذف بجميع أنواعه التي ذكروها من الضرورات التي لا يسوغ القياس عليها، ولذلك استبعد كثير تخريج الآية الكريمة التي تلوناها أولا على هذا الوجه كما (استبعد) ؟ كثيرون تخريجها على أن " الذي " موصول حرفي.
    32 - وهذا البيت - أيضا - من الشواهد التي لم ينسبوها إلى قائل معين.
    اللغة: " ألمعه " يريد الذي معه " حر " حقيق، وجدير، ولائق، ومستحق " سعة " بفتح السين، وقد تكسر - اتساع ورفاهية ورغد.
    المعنى: من كان دائم الشكر لله تعالى على ما هو فيه من خير فإنه يستحق الزيادة ورغد العيش، وهو مأخوذ من قوله تعالى: (لئن شكرتم لازيدنكم).
    الاعراب: " من " اسم موصول مبتدأ " لا يزال " فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على المبتدأ " شاكرا " خبر لا يزال، والجملة من يزال واسمه وخبره لا محل لها من الاعراب صلة الموصول " على " حرف جر " المعه " هو عبارة عن " أل " الموصولة بمعنى الذي، وهي مجرورة المحل بعلى، والجار والمجرور متعلق بشاكر، ومع: ظرف متعلق بمحذوف واقع صلة لال، ومع مضاف والضمير مضاف إليه " فهو حر " الفاء زائدة، و " هو " ضمير منفصل مبتدأ، و " حر " خبره، والجملة منهما في محل رفع خبر المبتدأ، وهو " من " في أول البيت، ودخلت الفاء على جملة الخبر لشبه المبتدأ بالشرط " بعيشة " جار ومجرور متعلق بقوله " حر "
    الواقع خبرا لهو " ذات " صفة لعيشة، وذات مضاف و " سعة " مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، ولكنه سكنه للوقف.
    الشاهد فيه: قوله " المعه " حيث جاء بصلة " أل " ظرفا، وهو شاذ على خلاف القياس.
    ومثل هذا البيت - في وصل أل بالظرف شذوذا قول الآخر: = (*)
    (1/160)

    أي كما، وأعربت ما لم تضف وصدر وصلها ضمير انحذف (1) يعني أن " أيا " مثل " ما " في أنها تكون بلفظ واحد: للمذكر، والمؤنث - مفردا كان، أو مثنى، أو مجموعا - نحو: " يعجبني أيهم هو قائم ".
    ثم إن " أيا " لها أربعة أحوال، أحدها: أن تضاف ويذكر صدر صلتها، نحو: " يعجبني أيهم هو قائم " الثاني: أن لا تضاف ولا يذكر صدر صلتها، نحو: " يعجبني أي قائم " الثالث: أن لا تضاف ويذكر صدر صلتها، نحو: " يعجبني أي هو قائم " وفي هذه الاحوال الثلاثة تكون معربة بالحركات الثلاث، نحو: " يعجبني أيهم هو قائم، ورأيت أيهم هو قائم، ومررت بأيهم هو قائم " وكذلك: " أي قائم، وأيا قائم، وأي قائم " وكذا، " أي.
    __________
    = وغيرني ما غال قيسا ومالكا وعمرا وحجرا بالمشقر ألمعا يريد: الذين معه، فاستعمل أل موصولة بمعنى الذين، وهو أمر لا شئ فيه، وأنى بصلتها ظرفا، وهو شاذ، فإن أل بجميع ضروبها وأنواعها مختصة بالاسماء، وقال الكسائي في هذا البيت: إن الشاعر يريد " معا " فزاد أل (1) " أي " مبتدأ " كما " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر " وأعربت " الواو عاطفة، أعرب: فعل ماض مبني للمجهول، والتاء تاء التأنيث، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على " أي " " ما " مصدرية ظرفية " لم " حرف نفي
    وجزم " تضف " فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على " أي " " وصدر " الواو واو الحال، صدر: مبتدأ، وصدر مضاف ووصل من " وصلها " مضاف إليه، ووصل مضاف والضمير مضاف إليه " ضمير " خبر المبتدأ والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب حال صاحبه الضمير المستتر في تضف العائد على أي " انحذف " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " ضمير " والتقدير: أي مثل ما - في كونها موصولا صالحا لكل واحد من المفرد والمثنى والجمع مذكرا كان أو مؤنثا - وأعربت هذه الكلمة مدة عدم إضافتها في حال كون صدر صلتها ضميرا محذوفا.
    (11 - شرح ابن عقيل 1) (*)
    (1/161)

    هو قائم، وأيا هو قائم، وأي هو قائم " الرابع، أن تضاف ويحذف صدر الصلة، نحو: " يعجبني أيهم قائم " ففي هذه الحالة تبنى على الضم، فتقول: " يعجبني أيهم قائم، ورأيت أيهم قائم، ومررت بأيهم قائم " وعليه قوله تعالى: (ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا) وقول الشاعر: 33 - إذا ما لقيت بني مالك فسلم على أيهم أفضل.
    __________
    33 - هذا البيت ينسب لغسان بن وعلة أحد الشعراء المخضرمين من بني مرة بن عباد، وأنشده أبو عمرو الشيباني في كتاب الحروف، وابن الانباري في كتاب الانصاف، وقال قبل إنشاده: " حكى أبو عمرو الشيباني عن غسان وهو أحد من تؤخذ عنهم اللغة من العرب - أنه أنشد " وذكر البيت.
    الاعراب: " إذا " ظرف تضمن معنى الشرط " ما " زائدة " لقيت " فعل وفاعل، والجملة في محل جر بإضافة " إذا " إليها، وهي جملة الشرط " بني " مفعول به
    للقى، وبني مضاف و " مالك " مضاف إليه " فسلم " الفاء داخلة في جواب الشرط، وسلم: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " على " حرف جر " أيهم " يروى بضم " أي " وبجره، وهو اسم موصول على الحالين، فعلى الضم هو مبني، وهو الاكثر في مثل هذه الحالة، وعلى الجر هو معرب بالكسرة الظاهرة، وعلى الحالين هو مضاف والضمير مضاف إليه " أفضل " خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: هو أفضل، والجملة من المبتدأ وخبره لا محل لها صلة الموصول الذي هو أي.
    الشاهد فيه: قوله " أيهم أفضل " حيث أتى بأي مبنيا على الضم - على الرواية المشهورة الكثيرة الدوران على ألسنة الرواة - لكونه مضافا، وقد حذف صدر صلته وهو المبتدأ الذي قدرناه في إعراب البيت، وهذا هو مذهب سيبويه وجماعة من البصريين في هذه الكلمة، يذهبون إلى أنها تأتى موصولة، وتكون مبنية إذا اجتمع فيها أمران، أحدهما أن تكون مضافة لفظا، والثاني: أن يكون صدر صلتها محذوفا، فإذا لم تكن مضافة أصلا، أو كانت مضافة لكن ذكر صدر صلتها، فإنها تكون معربة، وذهب الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب - وهما شيخان من شيوخ سيبويه - إلى أن = (*)
    (1/162)

    وهذا مستفاد من قوله: " وأعربت ما لم تضف - إلى آخر البيت " أي: وأعربت أي إذا لم تضف في حالة حذف صدر الصلة، فدخل في هذه الاحوال الثلاثة السابقة، وهي ما إذا أضيفت وذكر صدر الصلة، أو لم تضف ولم يذكر صدر الصلة، أو لم تضف وذكر صدر الصلة، وخرج الحالة الرابعة، وهي: ما إذا أضيفت وحذف صدر الصلة، فإنها لا تعرب حينئذ.
    * * * وبعضهم أعرب مطلقا، وفي ذا الحذف أيا غير أي يقتفي (1)
    إن يستطل وصل، وإن لم يستطل فالحذف نزر، وأبوا أن يختزل (2).
    __________
    = أيا لا تجئ موصولة، بل هي إما شرطية وإما استفهامية، لا تخرج عن هذين الوجهين، وذهب جماعة من الكوفيين إلى أنها قد تأتى موصولة، ولكنها معربة في جميع الاحوال، أضيفت أو لم تضف، حذف صدر صلتها أو ذكر.
    (1) " وبعضهم " الواو للاستئناف، بعض: مبتدأ، وبعض مضاف والضمير مضاف إليه " أعرب " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بعض، والجملة من أعرب وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو بعضهم " مطلقا " حال من مفعول به لاعرب محذوف، والتقدير: وبعضهم أعرب أيا مطلقا " وفي ذا " جار ومجرور متعلق بقوله " يقتفي " الآتي " الحذف " بدل من اسم الاشارة، أو عطف بيان عليه، أو نعت له " أيا " مفعول به لقوله " يقتفي " الآتي " غير " مبتدأ، وغير مضاف و " أي " مضاف إليه " يقتفي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على المبتدأ، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، ومعنى الكلام: وبعض النحاة حكم بإعراب أي الموصولة في جميع الاحوال، وغير أي يقتفي ويتبع أيا في جواز حذف صدر الصلة، أذا كانت الصلة طويلة.
    (2) " إن " شرطية " يستطل " فعل مضارع مبني للمجهول فعل الشرط " وصل " نائب فاعل ليستطل، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله، وتقديره: إن يستطل = (*)
    (1/163)

    إن صلح الباقي لوصل مكمل والحذف عندهم كثير منجلي (1) في عائد متصل إن انتصب بفعل، أو وصف: كمن نرجو يهب (2) يعني أن بعض العرب أعرب " أيا " مطلقا، أي: وإن أضيفت وحذف.
    __________
    = وصل فغير أي يقتفي أيا " وإن " الواو عاطفة، إن شرطية " لم " حرف نفي وجزم وقلب " يستطل " فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم، وجملته فعل الشرط، ونائب
    الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى " وصل " " فالحذف " الفاء واقعة في جواب الشرط، والحذف: مبتدأ " نزر " خبره، والجملة في محل جزم جواب الشرط " وأبوا " فعل وفاعل " أن " مصدرية " يختزل " فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن، وسكن للوقف، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى " وصل " والمراد أنهم امتنعوا عن تجويز الحذف، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول به لابوا.
    (1) " إن " شرطية " صلح " فعل ماض فعل الشرط مبني على الفتح في محل جزم، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله، والتقدير: إن صلح الباقي بعد الحذف للوصل فقد أبوا الحذف " الباقي " فاعل صلح " لوصل " جار ومجرور متعلق بصلح " مكمل " نعت لوصل " والحذف " مبتدأ " عندهم " عند: ظرف متعلق بالحذف أو بكثير أو بمنجلي، وعند مضاف والضمير العائد إلى العرب أو النحاة مضاف إليه " كثير " خبر المبتدأ " منجلي " خبر ثان، أو نعت للخبر.
    (2) " في عائد " جار ومجرور متعلق بكثير أو بمنجل في البيت السابق " متصل " نعت لعائد " إن " شرطية " انتصب " فعل ماض فعل الشرط مبني على الفتح في محل جزم، وسكن للوقف، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يرجع إلى عائد " بفعل " جار ومجرور متعلق بانتصب " أو وصف " معطوف على فعل " كمن " الكاف جارة، ومجرورها محذوف، ومن: اسم موصول مبتدأ " نرجو " فعل مضارع، مرفوع بضمة مقدرة على الواو، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن، ومفعوله محذوف، وهو العائد، والتقدير كمن نرجوه، والجملة لا محل لها صلة " يهب " فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وسكن للوقف، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " من " والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
    (*)
    (1/164)

    صدر صلتها، فيقول: " يعجبني أيهم قائم، ورأيت أيهم قائم، ومررت بأيهم قائم " وقد قرئ (ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد) بالنصب، وروى * فسلم على أيهم أفضل * [ 33 ] بالجر.
    * * * وأشار بقوله: " وفي ذا الحذف - إلى آخره " إلى المواضع التي يحذف فيها العائد على الموصول، وهو: إما أن يكون مرفوعا، أو غيره، فإن كان مرفوعا لم يحذف، إلا إذا كان مبتدأ وخبره مفرد [ نحو (وهو الذي في السماء إله) وأيهم أشد ]، فلا تقول: " جاءني اللذان قام " ولا " اللذان ضرب "، لرفع الاول بالفاعلية والثاني بالنيابة، بل يقال: " قاما، وضربا " وأما المبتدأ فيحذف مع " أي " وإن لم تطل الصلة، كما تقدم من قولك: " يعجبني أيهم قائم " ونحوه، ولا يحذف صدر الصلة مع غير " أي " إلا إذا طالت الصلة، نحو " جاء الذي هو ضارب زيدا " فيجوز حذف " هو " فتقول " جاء الذي ضارب زيدا " ومنه قولهم " ما أنا بالذي قائل لك سواءا " التقدير " بالذي هو قائل لك سوءا " فإن لم تطل الصلة فالحذف قليل، وأجازه الكوفيون قياسا، نحو " جاء الذي قائم " التقدير " جاء الذي هو قائم " ومنه قوله تعالى: (تماما على الذي أحسن) في قراءة الرفع، والتقدير " هو أحسن " (1)..
    __________
    (1) ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز حذف العائد المرفوع بالابتداء مطلقا، أي سواء أكان الموصول أيا أم غيره، وسواء أطالت الصلة أم لم تطل، وذهب البصريون إلى جواز حذف هذا العائد إذا كان الموصول أيا مطلقا، فإن كان الموصول غير أي لم يجيزوا الحذف إلا بشرط طول الصلة، فالخلاف بين الفريقين منحصر فيما إذا لم تطل الصلة وكان الموصول غير أي، فأما الكوفيون فاستدلوا بالسماع، فمن ذلك قراءة يحيى بن يعمر: (تماما على الذي أحسن) قالوا: التقدير على الذي هو أحسن، ومن ذلك قراءة مالك
    ابن دينار وابن السماك: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) قالوا: التقدير: مثلا الذي هو بعوضة فما فوقها، ومن ذلك قول الشاعر: = (*)
    (1/165)

    وقد جوزوا في " لا سيما زيد " إذا رفع زيد: أن تكون " ما " موصولة، وزيد: خبرا لمبتدأ محذوف، والتقدير " لا سي الذي هو زيد " فحذف العائد الذي هو المبتدأ - وهو قولك هو - وجوبا، فهذا موضع حذف فيه صدر الصلة مع غير " أي " وجوبا ولم تطل الصلة، وهو مقيس وليس بشاذ (1)..
    __________
    = لا تنو إلا الذي خير، فما شقيت إلا نفوس الالى للشر ناوونا قالوا: التقدير لا تنو إلا الذي هو خير، ومن ذلك قول الآخر: من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه ولا يحد عن سبيل المجد والكرم قالوا: تقدير هذا البيت: من يعن بالحمد لم ينطق بالذي هو سفه، ومن ذلك قول عدي بن زيد العبادي: لم أر مثل الفتيان في غبن الايام يدرون ما عواقبها قالوا: ما موصولة، والتقدير: يدرون الذي هو عواقبها.
    وبعض هذه الشواهد يحتمل وجوها من الاعراب غير الذي ذكروه، فمن ذلك أن " ما " في الآية الثانية يجوز أن تكون زائدة، وبعوضة خبر مبتدأ محذوف، ومن ذلك أن " ما " في بيت عدي بن زيد يحتمل أن تكون استفهامية مبتدأ، وما بعدها خبر، والجملة في محل نصب مفعول به ليدرون، وقد علق عنها لانها مصدرة بالاستفهام، والكلام يطول إذا نحن تعرضنا لكل واحد من هذه الشواهد، فلنجتزئ لك بالاشارة.
    (1) الاسم الواقع بعد " لا سيما " إما معرفة، كأن يقال لك: أكرم العلماء لا سيما الصالح منهم، وإما نكرة، كما في قول امرئ القيس:
    ألا رب يوم صالح لك منهما ولا سيما يوم بدارة جلجل فإن كان الاسم الواقع بعد " لاسيما " نكرة جاز فيه ثلاثة أوجه: الجر، وهو أعلاها، والرفع وهو أقل من الجر، والنصب، وهو أقل الاوجه الثلاثة.
    فأما الجر فتخريجه على وجهين، أحدهما: أن تكون " لا " نافية للجنس و " سي " اسمها منصوب بالفتحة الظاهرة، و " ما " زائدة، وسي مضاف، و " يوم " مضاف = (*)
    (1/166)

    .
    __________
    = إليه، وخبر لا محذوف، والتقدير: ولا مثل يوم بدارة جلجل موجود، والوجه الثاني أن تكون " لا " نافية للجنس أيضا، و " سي " اسمها منصوب بالفتحة الظاهر، وهو مضاف و " ما " نكرة غير موصوفة مضاف إليه مبني على السكون في محل جر، و " يوم " بدل من ما.
    وأما الرفع فتخريجه على وجهين أيضا، أحدهما: أن تكون " لا " نافية للجنس أيضا و " سي " اسمها، و " ما " نكرة موصوفة مبني على السكون في محل جر بإضافة " سي " إليها، و " يوم " خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هو يوم، وخبر لا محذوف، وكأنك قلت: ولا مثل شئ عظيم هو يوم بدارة جلجل موجود، والوجه الثاني، أن تكون " لا " نافية للجنس أيضا، و " سي " اسمها، و " ما " موصول اسمي بمعنى الذي مبني على السكون في محل جر بإضافة " سي " إليه، و " يوم " خبر مبتدأ محذوف، والتقدير هو يوم، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الاعراب صلة الموصول، وخبر " لا " محذوف، وكأنك قلت: ولا مثل الذي هو يوم بدارة جلجل موجود.
    وهذا الوجه هو الذي أشار إليه الشارح.
    وأما النصب فتخريجه على وجهين أيضا، أحدهما: أن تكون " ما " نكرة غير موصوفة وهو مبني على السكون في محل جر بإضافة " سي " إليها، و " يوما " مفعول به لفعل محذوف، وكأنك قلت: ولا مثل شئ أعني يوما بدارة جلجل، وثانيهما: أن
    تكون " ما " أيضا نكرة غير موصوفة وهو مبني على السكون في محل جر بالاضافة، و " يوما " تمييز لها.
    وإن كان الاسم الواقع بعدها معرفة كالمثال الذي ذكرناه فقد أجمعوا على أنه يجوز فيه الجر والرفع، واختلفوا في جواز النصب، فمن جعله بإضمار فعل أجاز كما أجاز في النكرة، ومن جعل النصب على التمييز وقال إن التمييز لا يكون إلا نكرة منع النصب في المعرفة، لانه لا يجوز عنده أن تكون تمييزا، ومن جعل نصبه على التمييز وجوز أن يكون التمييز معرفة كما هو مذهب جماعة الكوفيين جوز نصب المعرفة بعد " سيما ".
    والحاصل أن نصب المعرفة بعد " لاسيما " لا يمتنع إلا بشرطين: التزام كون المنصوب تمييزا، والتزام كون التمييز نكرة.
    (*)
    (1/167)

    وأشار بقوله " وأبوا أن يختزل * إن صلح الباقي لوصل مكمل " إلى أن شرط حذف صدر الصلة أن لا يكون ما بعده صالحا لان يكون صلة، كما إذا وقع بعده جملة، نحو " جاء الذي هو أبوه منطلق "، أو " هو ينطلق " أو ظرف، أو جار ومجرور، تامان، نحو " جاء الذي هو عندك " أو " هو في الدار "، فإنه لا يجوز في هذه المواضع حذف صدر الصلة، فلا تقول " جاء الذي أبوه منطلق " تعني " الذي هو أبوه منطلق "، لان الكلام يتم دونه، فلا يدرى أحذف منه شئ أم لا ؟ وكذا بقية الامثلة المذكورة، ولا فرق في ذلك بين " أي " وغيرها، فلا تقول في " يعجبني أيهم هو يقوم ": " يعجبني أيهم يقوم " لانه لا يعلم الحذف، ولا يختص هذا الحكم بالضمير إذا كان مبتدأ، بل الضابط أنه متى احتمل الكلام الحذف وعدمه لم يجز حذف العائد، وذلك كما إذا كان في الصلة ضمير - غير ذلك الضمير المحذوف - صالح لعوده على الموصول، نحو " جاء الذي ضربته في داره "، فلا يجوز حذف الهاء من
    ضربته، فلا تقول: " جاء الذي ضربت في داره " لانه لا يعلم المحذوف.
    وبهذا يظهر لك ما في كلام المصنف من الايهام، فإنه لم يبين أنه متى صلح ما بعد الضمير لان يكون صلة لا يحذف، سواء أكان الضمير مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا، وسواء أكان الموصول أيا أم غيرها، بل ربما يشعر ظاهر كلامه بأن الحكم مخصوص بالضمير المرفوع، وبغير أي من الموصولات، لان كلامه في ذلك، والامر ليس كذلك، بل لا يحذف مع " أي " ولا مع غيرها متى صلح ما بعدها لان يكون صلة كما تقدم، نحو " جاء الذي هو أبوه منطلق، ويعجبني أيهم هو أبوه منطلق " وكذلك المنصوب والمجرور، نحو " جاءني الذي ضربته في داره، ومررت بالذي مررت به في داره "، و " يعجبني أيهم ضربته في داره، ومررت (بأبيهم) ؟ مررت به في داره ".
    * * * (*)
    (1/168)

    وأشار بقوله: " والحذف عندهم كثير منجلى - إلى آخره " إلى العائد (المنصوب) ؟.
    وشرط جواز حذفه أن يكون: متصلا منصوبا، بفعل تام أو بوصف، نحو " جاء الذي ضربته، والذي أنا معطيكه درهم ".
    فيجوز حذف الهاء من " ضربته " فتقول " جاء الذي ضربت " ومنه قوله تعالى: (ذرني ومن خلقت وحيدا) وقوله تعالى: (أهذا الذي بعث الله رسولا) التقدير " خلقته، وبعثه " (1).
    وكذلك يجوز حذف الهاء من " معطيكه "، فتقول " الذي أنا معطيك درهم " ومنه قوله: 34 - ما الله موليك فضل فاحمدنه به
    فما لدى غيره نفع ولا ضرر تقديره: الذي الله موليكه فضل، فحذفت الهاء..
    __________
    (1) لم يذكر الشارح شيئا من الشواهد من الشعر العربي على جواز حذف العائد المنصوب بالفعل المتصرف، بل اكتفى بذكر الآيتين الكريمتين، لان مجيئه في القرآن دليل على كثرة استعماله في الفصيح، ومن ذلك قول عروة بن حزام: وما هو إلا أن أراها فجاءة فأبهت حتى ما أكاد أجيب وأصرف عن (وجهي) ؟ الذي كنت أرتئي وأنسى الذي أعددت حين أجيب أراد أن يقول: أصرف عن وجهي الذي كنت أرتئيه، وأنسى الذي أعددته، فحذف العائد المنصوب بأرتئي وبأعددت، وكل منهما فعل تام متصرف: 34 - هذا البيت من الشواهد التي ذكروها ولم ينسبوها إلى قائل معين.
    اللغة: " موليك " اسم فاعل من أولاه النعمة، إذا أعطاه إياها " فضل " إحسان.
    المعنى: الذي يمنحك الله من النعم فضل منه عليك، ومنة جاءتك من عنده من غير = (*)
    (1/169)

    .
    __________
    = أن تستوجب عليه سبحانه شيئا من ذلك، فاحمد ربك عليه، واعلم أنه هو الذي ينفعك ويضرك، وأن غيره لا يملك لك شيئا من نفع أو ضر.
    الاعراب: " ما " أسم موصول مبتدأ " الله " مبتدأ " موليك " مولى: خبر عن لفظ الجلالة، وله فاعل مستتر فيه عائد على الاسم الكريم، والكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل جر بالاضافة، وهو المفعول الاول، وله مفعول ثان محذوف وهو العائد على الموصول، والتقدير: موليكه، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الاعراب صلة الموصول " خير " خبر عن " ما " الموصولة " فاحمدنه " الفاء عاطفة، احمد: فعل أمر.
    وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والنون نون التوكيد، والضمير البارز المتصل مفعول به " به " جار ومجرور متعلق باحمد " فما " الفاء للتعليل، وما: نافية تعمل عمل ليس " لدى " ظرف متعلق بمحذوف خبر " ما " مقدم على اسمها، وجاز تقديمه لانه ظرف يتوسع فيه، ولدى مضاف وغير من " غيره " مضاف إليه، وغير مضاف وضمير الغائب العائد على الله مضاف إليه " نفع " اسم " ما " مؤخر " ولا " الواو عاطفة، ولا: نافية " ضرر " معطوف على نفع، ويجوز أن تكون " ما " نافية مهملة، و " لدى " متعلق بمحذوف خبر مقدم، و " نفع " مبتدأ مؤخر.
    الشاهد فيه: قوله: " ما الله موليك " حيث حذف الضمير العائد على الاسم الموصول لانه منصوب بوصف، وهذا الوصف اسم فاعل، وأصل الكلام: ما الله موليكه، أي: الشئ الذي الله تعالى معطيكه هو فضل وإحسان منه عليك.
    واعلم أنه يشترط في حذف العائد المنصوب بالوصف ألا يكون هذا الوصف صلة لال فإن كان الوصف صلة لال كان الحذف شاذا، كما في قول الشاعر: ما المستفز الهوى محمود عاقبة ولو أتيح له صفو بلا كدر كان ينبغي أن يقول: ما المستفزة الهوى محمود عاقبة، فحذف الضمير المنصوب مع أن ناصبه صلة لال، ومثله قول الآخر: في المعقب البغي أهل البغي ما ينهى امرأ حازما أن يسأما أراد أن يقول: في المعقبه البغي، فلم يتسع له.
    وإنما يمتنع حذف المنصوب بصلة أل إذا كان هذا المنصوب عائدا على أل نفسها، لانه هو الذي يدل على اسمية أل، فإذا حذف زال الدليل على ذلك.
    (*)
    (1/170)

    وكلام المصنف يقتضي أنه كثير، وليس كذلك، بل الكثير حذفه من الفعل المذكور، وأما [ مع ] الوصف فالحذف منه قليل.
    فإن كان الضمير منفصلا (1) لم يجز الحذف، نحو " جاء الذي إياه ضربت " فلا يجوز حذف " إياه " وكذلك يمتنع الحذف إن كان متصلا منصوبا بغير فعل أو وصف - وهو الحرف - نحو " جاء الذي إنه منطلق " فلا يجوز حذف.
    __________
    (1) الذي لا يجوز حذفه هو الضمير الواجب الانفصال، فأما الضمير الجائز الانفصال فيجوز حذفه، وإنما يكون الضمير واجب الانفصال إذا كان مقدما على عامله كما في المثال الذي ذكره الشارح، أو كان مقصورا عليه كقولك: جاء الذي ما ضربت إلا إياه، والسر في عدم جواز حذفه حينئذ أن غرض المتكلم يفوت بسبب حذفه، ألا ترى أنك إذا قلت " جاء الذي إياه ضربت " كان المعنى: جاء الذي ضربته ولم أضرب سواه، فإذا قلت " جاء الذي ضربت " صار غير دال على أنك لم تضرب سواه، وكذلك الحال في قولك " جاء الذي ما ضربت إلا إياه " فإنه يدل على أنك قد ضربت هذا الجائي ولم تضرب غيره، فإذا قلت: " جاء الذي ما ضربت " دل الكلام على أنك لم تضرب هذا الجائي فحسب.
    فأما المنفصل جوازا فيجوز حذفه، والدليل على ذلك قول الشاعر: * ما الله موليك فضل فاحمدنه به * فإن التقدير يجوز أن يكون " ما الله موليكه " ويجوز أن يكون " ما الله موليك إياه " وقد عرفت فيما سبق (في مباحث الضمير) السر في جواز الوجهين، ومما يدل على جواز حذف الجائز الانفصال قول الله تعالى: (فاكهين بما آتاهم ربهم) فإنه يجوز أن يدون التقدير " بالذي آتاهموه ربهم " وأن يكون التقدير " بالذي آتاهم إياه ربهم " والثاني أولى، فيحمل عليه تقدير الآية الكريمة، وكذلك قول الله تعالى: (ومما رزقناهم ينفقون) فإنه يجوز أن يكون التقدير " ومن الذي رزقناهموه " كما يجوز أن يكون التقدير " ومن الذي رزقناهم إياه ".
    (*)
    (1/171)

    الهاء (1)، وكذلك يمتنع الحذف إذا كان منصوبا [ متصلا ] بفعل ناقص، نحو
    " جاء الذي كانه زيد ".
    * * * كذاك حذف ما بوصف خفضا كأنت قاض بعد أمر من قضى (2) كذا الذي جر بما الموصول جر ك " مر بالذي مررت فهو بر " (3).
    __________
    (1) إنما قال الشارح " فلا يجوز حذف الهاء " إشارة إلى أن الممنوع هو حذف الضمير المنصوب بالحرف مع إبقاء الحرف، فأما إذا حذفت الضمير والحرف الناصب له جميعا فإنه لا يمتنع، ومن ذلك قول الله سبحانه وتعالى: (أين شركائي الذين كنتم تزعمون) هذا إذا قدرت أصل الكلام: أين شركائي الذين كنتم تزعمون أنهم شركائي، على حد قول كثير: وقد زعمت أني تغيرت بعدها ومن ذا الذي يا عز لا يتغير ؟ فإن قدرت الاصل " الذين كنتم تزعمونهم شركائي " لم يكن من هذا النوع.
    (2) " كذاك " الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، والكاف حرف خطاب " حذف " مبتدأ مؤخر، وحذف مضف و " ما " اسم موصول مضاف إليه مبني على السكون في محل جر " بوصف " جار ومجرور متعلق بقوله " خفض " الآتي " خفضا " خفض: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " ما " والجملة لا محل لها من الاعراب صلة " كأنت " الكاف جارة لقول محذوف، أي كقولك، أنت: مبتدأ " قاض " خبر المبتدأ " بعد " ظرف متعلق بمحذوف نعت للقول الذي قدرناه مجرورا بالكاف، وبعد مضاف و " أمر " مضاف إليه " من قضى " جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لامر، أي: بعد فعل أمر مشتق من مادة قضى، يشير إلى قوله تعالى: (فاقض ما أنت قاض) كما قال الشارح.
    (3) " كذا " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " الذي " اسم موصول
    مبتدأ مؤخر " جر " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " الذي " والجملة لا محل لها صلة " بما " جار ومجرور متعلق = (*)
    (1/172)

    لما فرغ من الكلام على الضمير المرفوع والمنصوب شرع في الكلام على المجرور، وهو إما أن يكون مجرورا بالاضافة، أو بالحرف.
    فإن كان مجرورا بالاضافة لم يحذف، إلا إذا كان مجرورا بإضافة اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال، نحو " جاء الذي أنا ضاربه: الآن، أو غدا "، فتقول: جاء الذي أنا ضارب، بحذف الهاء.
    وإن كان مجرورا بغير ذلك لم يحذف، نحو " جاء الذي أنا غلامه، أو أنا مضروبه، أو أنا ضاربه أمس " وأشار بقوله: " كأنت قاض " إلى قوله تعالى: (فاقض ما أنت قاض) التقدير " ما أنت قاضيه " فحذفت الهاء، وكأن المصنف استغنى بالمثال عن أن يقيد الوصف بكونه اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال.
    وإن كان مجرورا بحرف فلا يحذف إلا إن دخل على الموصول حرف مثله: لفظا ومعنى، واتفق العامل فيهما مادة، نحو: " مررت بالذي مررت به، أو أنت مار به " فيجوز حذف الهاء، فتقول: " مررت بالذي مررت " قال الله تعالى: (ويشرب مما تشربون) أي: منه، وتقول: " مررت بالذي أنت مار " أي به، ومنه قوله:.
    __________
    = بالفعل الذي قبله " الموصول " مفعول مقدم لجر الآتي " جر " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على " ما " والجملة لا محل لها صلة " كمر " الكاف جارة لقول محذوف، وهي ومجرورها يتعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك كائن كقولك، مر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بالذي " جار ومجرور متعلق بمر السابق " مررت " فعل وفاعل، والجملة لا محل
    لها صلة، والعائد محذوف تقديره " به " وقوله: " فهو بر " الفاء واقعة في جواب شرط محذوف، وهو: ضمير منفصل مبتدأ، بر: خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل جزم جواب ذلك الشرط المحذوف.
    (*)
    (1/173)

    35 - وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة فبح لان منها بالذي أنت بائح أي: أنت بائح به..
    __________
    35 - هذا البيت لعنترة بن شداد العبسي، الشاعر المشهور والفارس المذكور، من كلمة مطلعها: طربت وهاجتك الظباء السوانح غداة غدت منها سنيح وبارح تغالت بي الاشواق حتى كأنما بزندين في جوفي من الوجد قادح اللغة: " طربت " الطرب: خفة تعتريك من سرور أو حزن " هاجتك " أثارت همك، وبعثت شوقك " الظباء " جمع ظبى " السوانح " جمع سانح، وهو ما أتاك عن يمينك فولاك مياسره من ظبى أو طير أو غيرهما، ويقال له: سنيح " بارح " هو ضد السانح، وهو ما أتاك عن يسارك فولاك ميامنه " قادح " اسم فاعل من قدح الزند قدحا، إذا ضربه لتخرج منه النار " حقبة " - بكسر فسكون - في الاصل تطلق على ثمانين عاما، وقد أراد بها المدة الطويلة " فبح " أمر من " باح بالامر يبوح به ": أي أعلنه وأظهره " لان " أي الآن، فحذف همزة الوصل والهمزة التي بعدم اللام، ثم فتح اللام لمناسبة الالف، وقيل: بل هي لغة في الآن، ومثله قول جرير بن عطية: ألان وقد نزعت إلى نمير فهذا حين صرت لهم عذابا وقول الآخر: ألا يا هند هند بني عمير أرث لان وصلك أم جديد ؟
    وقول أشجع السلمي: ألان استرحنا واستراحت ركابنا وأمسك من يجدي ومن كان يجتدي وروى الاعلم بيت الشاهد: تعزيت عن ذكرى سمية حقبة فبح عنك منها بالذي أنت بائح وأنشده الاخفش كما في الشرح، وهو كذلك في المشهور من شعر عنترة.
    الاعراب: " قد " حرف تحقيق " كنت " كان: فعل ماض ناقص، وتاء = (*)
    (1/174)

مجوز های ارسال و ویرایش

  • شما نمیتوانید موضوع جدیدی ارسال کنید
  • شما امکان ارسال پاسخ را ندارید
  • شما نمیتوانید فایل پیوست در پست خود ضمیمه کنید
  • شما نمیتوانید پست های خود را ویرایش کنید
  •