[ شرح إبن عقيل - ابن عقيل ]
الكتاب : شرح إبن عقيل
المؤلف : بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي المصري الهمذاني
الناشر : دار الفكر - دمشق
الطبعة الثانية ، 1985
تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد
عدد الأجزاء : 4
الستة التي هي الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء نحو فتح يفتح وبدأ يبدأ وبهته يبهته وليس معنى ذلك أنه كلما كانت العين أو اللام حرفا من هذه الأحرف كان الفعل على هذا الوجه
ويجيء الفعل على هذا الوجه لازما نحو نأى ينأى ومتعديا نحو فتح يفتح ونهى ينهى
4 - الوجه الرابع فعل يفعل بكسر عين الماضي وفتح عين المضارع وهذا هو الأصل من الوجهين اللذين يجيء عليهما مضارع الفعل الماضي المكسور العين لأنه أخف وأدل على التصرف وأكثر مادة وكل فعل ماض سمعته مكسور العين فاعلم أن مضارعه مفتوح العين إلا خمسة عشر فعلا من الواوي الفاء فإنها وردت مكسورة العين في الماضي والمضارع وسنذكرها في الوجه الخامس
ويجيء الفعل على هذا الوجه لازما نحو ظفر بحقه يظفر ومتعديا نحو علم الأمر يعلمه وفهم المسألة يفهمها
5 - الوجه الخامس فعل يفعل بكسر عين الماضي والمضارع جميعا وهو شاذ أو نادر ولم ينفرد إلا في خمسة عشر فعلا من المعتل وهي ورث وولى وورع وومق ووفق ووثق وورى المخ ووجد به ووعق عليه وورك ووكم ووقه ووهم ووعم
6 - الوجه السادس فعل يفعل بضم عين الماضي والمضارع جميعا وقد عرفت أنه لا يأتى إلا لازما ولا يكون إلا دالا على وصف خلقي أي ذي مكث
ولك أن تنقل إلى هذا البناء كل فعل أردت الدلالة على أنه صار كالغريزة أو أردت التعجب منه أو التمدح به ومن أمثلة هذا الوجه حسن يحسن وكرم يكرم ورفه يرفه
(4/267)

الباب الثاني في الصحيح والمعتل وأقسامهما وأحكام كل قسم
ينقسم الفعل إلى صحيح ومعتل
فالصحيح ما خلت حروفه الأصول من أحرف العلة الثلاثة وهي الألف والواو والياء
والمعتل ما كان في أصوله حرف منها أو أكثر
والصحيح ثلاثة أقسام سالم ومهموز ومضعف
فالسالم ما ليس في أصوله همز ولا حرفان من جنس واحد بعد خلوه من أحرف العلة نحو ضرب ونصر وفتح وفهم وحسب وكرم
والمهموز ما كان أحد أصوله همزا نحو أخذ وأكل وسأل ودأب وقرأ وبدأ
والمضعف نوعان مضعف الثلاثي ومضعف الرباعي فأما مضعف الثلاثي فهو ما كانت عينه ولامه من جنس واحد نحو عض وشذ ومد وأما مضعف الرباعي فهو ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنس وعينه ولامه الثانية من جنس آخر نحو زلزل ووسوس وشأشأ
والمعتل خمسة أقسام مثال وأجوف وناقص ولفيف مفروق ولفيف مقرون
فالمثال ما كانت فاؤه حرف علة نحو وعد وورث وينع ويسر
والأجوف ما كانت عينه حرف علة نحو قال وباع وهاب وخاف
والناقص ما كانت لامه حرف علة نحو رضى وسرو ونهى
واللفيف المفروق ما كانت فاؤه ولامه حرفى علة نحو وفى ووعى ووقى
واللفيف المقرون ما كانت عينه ولامه حرفي علة نحو طوى وهوى وحيى
والكلام على أنواع الصحيح والمعتل تفصيلا يقع في ثمانية فصول
(4/268)

الفصل الأول في السالم وأحكامه
وهو كما سبقت الإشارة إليه ما سلمت حروفه الأصلية من الهمز والتضعيف وحروف العلة
وقولنا حروفه الأصلية للإشارة إلى أنه لا يضر اشتماله على حرف زائد من همزة أو حرف علة أو غير ذلك وعلى هذا فنحو أكرم وأسلم وأنعم يسمى سالما وإن كانت فيه الهمزة لأنها لا تقابل فاءه أو عينه أو لامه وإنما هي حرف زائد وكذا نحو قاتل وناصر وشارك ونحو بيطر وشريف ورودن وهوجل يسمى سالما وإن اشتمل على الألف أو الواو أو الياء لأنهن لسن في مقابلة واحد من أصول الكلمة وإنما هن أحرف زائدة وكذا نحو اعلوط واهبيخ يسمى سالما وإن كان فيه حرفان من جنس واحد لأن أحدهما ليس في مقابل أصل وإنما هما زائدان
وحكم السالم بجميع فروعه أنه لا يحذف منه شيء عند اتصال الضمائر أو نحوها به ولا عند اشتقاق غير الماضي لكن يجب أن تلحق به تاء التأنيث إذا كان الفاعل مؤنثا ويجب تسكين آخره إذا اتصل به ضمير رفع متحرك أما إذا اتصل به ضمير رفع ساكن فإن كان ألفا فتح آخر الفعل
(4/269)

إن لم يكن مفتوحا نحو يضربان وينصران واضربا وانصرا وإن كان آخر الفعل مفتوحا بقي ذلك الفتح نحو ضربا ونصرا وإن كان الضمير واوا ضم له آخر الفعل نحو ضربوا ونصروا ويضربون وينصرون واضربوا وانصروا وإن كان الضمير ياء كسر له آخر الفعل نحو تضربين وتنصرين واضربي وانصري وإنما يفتح آخر أو بضم أو يكسر لمناسبة أحرف الضمائر
ويجب أن تقارن صيغ جميع أنواع الأفعال عند إسنادها إلى الضمائر بصيغ هذا النوع فكل تغيير يكون في أحد الأنواع فلا بد أن يكون له سبب اقتضاءه وسنذكر مع كل نوع ما يحدث فيه من التغيرات وأسبابها إن شاء الله
(4/270)

الفصل الثاني في المضعف وأحكامه
هو كما علمت نوعان مضعف الرباعي ومضعف الثلا
فأما مضعف الرباعي فهو الذي تكون فاؤه ولامه الأولى من جنس وعينه ولامه الثانية من جنس آخر نحو زلزل ودمدم وعسعس ويسمى مطابقا أيضا
ولعدم تجاور الحرفين المتجانسين فيه كان مثل السالم في جميع أحكامه فلا حاجة بنا إلى ذكر شيء عنه بعد أن فصلنا لك أحكام السالم في الفصل السابق
وأما مضعف الثلاثي ويقال له الأصم أيضا فهو ما كانت عينه ولامه من جنس واحد
وقولنا عينه ولامه يخرج به ما كان فيه حرفان من جنس واحد ولكن ليس أحدهما في مقابل العين والآخر في مقابل اللام نحو اجلود واعلوط فإن هذه الواو المشددة لا تقابل العين ولا اللام بل هي زائدة وكذلك يخرج بهذه العبارة ما كان فيه حرفان من جنس واحد وأحدهما في مقابل العين والثاني ليس في مقابل اللام نحو قطع وذهب فإن الحرف الثاني من الحرفين المتجانسين في هذين المثالين وأشباههما ليس مقابلا للام الكلمة وإنما هو تكرير لعينها وكذلك ما كان أحد الحرفين المتجانسين في مقابل اللام والآخر ليس في مقابل العين نحو أحمر واحمار ونحو اقشعر واطمأن فأن أحد الحرفين المتجانسين في هذه المثل ونحوها ليس في مقابلة العين بل هو تكرير للام الكلمة
(4/271)

والمثال الذي ينطبق عليه التعريف قولك مد وشد وامتد واشتد واستمد واستمر
ولم يجيء المضاعف من بابي فتح يفتح وحسب يحسب بفتح العين في الماضي والمضارع أو كسرها فيهما أصالة كما لم يجيء من باب كرم يكرم بضم العين فيهما إلا في ألفاظ قليلة منها لببت وفككت أي صرت ذا لب وفكة وإنما يجيء من ثلاثة الأبواب الباقية نحو شذ يشذ وشد يشد وظل يظل
حكم ماضيه
إذا أسند إلى اسم ظاهر أو ضمير مستتر أو ضمير رفع متصل ساكن وذلك ألف الاثنين وواو الجماعة أو اتصلت به تاء التأنيث وجب فيه الإدغام تقول مد على وخف محمود ومل خالد وتقول المحمدان مدا وخفا وملا وتقول البكرون مدوا وخفوا وملوا وتقول ملت فاطمة وخفت ومدت
فإن اتصل به ضمير رفع متحرك وذلك تاء الفاعل ونا ونون النسوة وجب فيه فك الإدغام تقول مددت وخففت ومللت ومددنا وخففنا ومللنا ومددن وخففن ومللن
ثم إن كان ذلك الماضي المسند للضمير المتحرك مكسور العين نحو ظل ومل جاز فيه ثلاثة أوجه
(4/272)

الأول بقاؤه على حاله الذي ذكرناه وهذه لغة أكثر العرب
الثاني حذف عينه مع بقاء حركة الفاء على حالها وهي الفتحة فتقول ظلت وملت وهذه لغة بني عامر وعليها جاء قوله تعالى ( 56 65 ) ( فظلتم تفكهون ) وقوله جلت كمثله 20 98 ( الذي ظلت عليه عاكفا )
الثالث حذف العين بعد نقل كسرتها إلى الفاء تقول ظلت وملت وهذه لغة بعض أهل الحجاز
حكم مضارعه
إذا أسند إلى ضمير بارز ساكن وذلك أب الاثنين وواو الجماعة وياء المؤنثة المخاطبة مجزوما كان أو غير مجزوم أو أسند إلى اسم ظاهر أو ضمير مستتر ولم يكن مجزوما وجب فيه الإدغام تقول المحمدان يمدن ويخفان ويملان ولن يمدا ولن يخفا ولن يملا ولم يمدا ولم يخفا ولم يملا وتقول المحمدون يمدون ويخفون ويملون ولن يملوا ولم يمدوا وتقول أنت تملين يا زينب ولن تملى ولم تملى وكذلك تقول يمل زيد ولن يمل ومحمد يمل ولن يمل قال الله تعالى 28 35 ( سنشد عضدك بأخيك ) وقال ( 20 18 ) ( ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ) وفي الحديث لن يمل الله حتى تملوا
فإن أسند إلي ضمير بارز متحرك وبذلك نون النسوة وجب فك الإدغام تقول النساء يمللن ويشددن ويخففن
(4/273)

وإن كان مسندا إلى الاسم الظاهر أو الضمير المستتر وكان مجزوما جاز فيه الإدغام والفك تقول لم يشد ولم يمل ولم يخف وتقول لم يشدد ولم يملل ولم يخفف والفك أكثر استعمالا قال الله تعالى 20 18 ( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) وقال 74 6 ( ولا تمنن تستكثر ) وقال 2 282 ( وليملل الذي عليه الحق فليملل وليه بالعدل )
حكم أمره
إذا أسند إلى ضمير ساكن وجب فيه الإدغام نحو مدا ومدوا ومدى وإذا أسند إلى ضمير متحرك وهو نون النسوة وجب فيه الفك نحو امددن وإذا أسند إلى الضمير المستتر جاز فيه الأمران الإدغام والفك والفك أكثر استعمالا وهو لغة أهل الحجاز قال الله تعالى 31 19 ( واغضض من صوتك )
وسائر العرب على الإدغام ولكنهم اختلفوا في تحريك الآخر
فلغة أهل نجد فتحه قصدا إلى التخفيف ولأن الفتح أخو السكون المنقول عنه وتشبيها له بنحو أين وكيف مما بنى على الفتح وقبله حرف ساكن فهم يقولون غض وظل وخف
ولغة بني أسد أهل نجد إلا أن يقع الفعل حرف ساكن فإن وقع بعده ساكن كسروا آخر الفعل فيقولون غض طرفك وغض الطرف
ولغة بني كعب الكسر مطلقا فيقولون غض طرفك وغض الطرف
ومن العرب من يحرك الآخر بحركة الأول فيقولون غض وخف وظل
(4/274)

والضابط في وجوب الإدغام أو الفك أو جوازهما في الأنواع الثلاثة أن تقول
1 - كل موضع يكون فيه مكان المثلين من السالم حرفان متحركان يجب فيه الإدغام ألا ترى أن مد في قولك مد على والمحمدان مدا تقابل الدال الأولى صاد نصر ونصرا وتقابل الدال الثانية الراء وهما متحركان
2 - وكل موضع يكون فيه مكان ثاني المثلين من السالم حرف ساكن لعلة الاتصال بالضمير المتحرك يجب فيه الفك ألا ترى أن مد في قولك مددت ومددن وكذلك يمد ومد في قولك يمددن وامددن تقابل الدال الأولى فيهن الصاد في نصرت ونصرن وينصرن وانصرن وهي متحركة وتقابل الدال الثانية فيهن الراء وهي ساكنة
3 - وكل موضع يكون فيه ثاني المثلين من السالم حرف ساكن لغير العلة المذكورة يجوز فيه الفك والإدغام ألا ترى أن الدال الأولى في نحو لم يمدد وامدد تقابل الصاد في نحو لم ينصر وأنصر وأن الدال الثانية تقابل الراء وهي ساكنة لغير الاتصال بالضمير المتحرك
وهذا الضابط مطرد في جميع ما ذكرنا
(4/275)

الفصل الثالث في المهموز وأحكامه
وهو كما يعلم مما سبق ما كان في مقابلة فائه أو عينه أو لامه همز
فأما مهموز الفاء فيجىء على مثال نصر ينصر نحو أخذ يأخذ وأمر يأمر وأجر يأجر وأكل يأكل وعلى مثال ضرب يضرب نحو أدب يأدب وأبر النخل يأبره وأفر يأفر وأسر يأسر وعلى مثال فتح يفتح وأهب يأهب وأله يأله وعلى مثال علم يعلم نحو أرج يأرج وأشر يأشر وأزبت الإبل تأزب وأشح يأشح وعلى مثال حسن يحسن نحو أسل يأسل
وأما الصحيح من مهموز العين فيجىء على مثال فتح يفتح نحو رأس يرأس وسأل يسأل ودأب يدأب ورأب الصدع يرأبه وعلى مثال علم
(4/276)

يعلم نحو يئس ييأس وسئم يسأم ورئم يرأم وبئس يبأس وعلى مثال حسن يحسن نحو لؤم يلؤم
وأما مهموز اللام فيجيء على مثال ضرب يضرب نحو هنأه الطعام يهنئه وعلى مثال فتح يفتح نحو سبأ يسبأ وختأه يختؤه وخجأه يخجؤه وخسأه يخسؤه وحكأ العقدة يحكؤها وردأه يردؤه وعلى مثال علم يعلم نحو صدىء يصدأ وخطىء يخطأ ورزىء يرزأ وجبىء يجبأ وعلى مثال حسن يحسن نحو بطؤ يبطؤ وجرؤ يجرؤ ودنؤ يدنؤ وعلى مثال تصر ينصر نحو برأ يبرؤ
حكمه
حكم المهموز بجميع أنواعه كحكم السالم لا يحذف منه شيء عند الاتصال بالضمائر ونحوها ولا عند اشتقاق صيغة غير الماضي منه إلا كلمات محصورة قد كثر دورانها في كلامهم فحذفوا همزتها قصدا إلى التخفيف وهي
أولا أخذ وأكل حذفو همزتهما من صيغة الأمر ثم حذفوا همزة الوصل فقالوا خذ وكل وهم يلتزمون حذف الهمزة عند وقوع الكلمة ابتداء
(4/277)

ويكثر حذفها إذا كانت مسبوقة بشيء ولكنه غير ملتزم التزامه في الابتداء قال الله تعالى 2 32 ( خذوا ما آتيناكم ) وقال سبحانه 7 31 ( خذوا زينتكم ) وقال 2 177 ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) وقال 7 31 ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا )
فأما في المضارع فلم يحذفوا الهمزة منهما بل أبقوها على قياس نظائرهما قال الله تعالى 7 144 ( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ) وقال جل شأنه 4 2 ( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم )
ثانيا أمر وسأل حذفوا همزتهما من صيغة الأمر أيضا ثم حذفوا همزة الوصل استغناء عنها فقالوا مر وسل إلا أنهم لا يلتزمون هذا الحذف إلا عند الابتداء بالكلمة فإن كانت مسبوقة بشيء كحرف العطف لم يلتزموا حذفها بل الأكثر استعمالا عندهم في هاتين الكلمتين حينئذ إعادة الهمزة التي هي الفاء أو العين إليهما قال الله تعالى 3 211 ( سل بني إسرائيل ) وقال 1 72 ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) وقال 20 132 ( وأمر أهلك بالصلاة )
فأما في صيغة المضارع فإنها لا تحذف قال الله تعالى 2 44 ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) وقال 3 110 ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف ) وقال 5 101 ( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها )
فوزن مر وخد وكل عل ووزن سل فل
(4/278)

ثالثا رأى حذفوا همزة الكلمة في صيغتي المضارع والأمر بعد نقل حركة الهمزة إلى الفاء فقالوا يرى وره قال تعالى 96 14 ( ألم يعلم بأن الله يرى )
فوزن يرى يفل ووزن ره فه
رابعا أرى حذفوا همزة الكلمة وهي عينها في جميع صيغه الماضي والمضارع والأمر وسائر المشتقات قال الله تعالى 31 53 ( سنريهم آياتنا في الآفاق ) وقال 7 143 ( رب أرني أنظر إليك ) وقال 4 153 ( أرنا الله جهرة ) وقال 31 29 ( أرنا اللذين أضلانا )
فوزن أرى أقل ووزن يرى يفل ووزن أر أف
تنبيه إذا كان الفعل المهموز اللام على فعل نحو قرأ ونشأ وبدأ ثم أسند للضمير المتحرك فعامة العرب على تحقيق الهمزة فتقول قرأت
(4/279)

ونشأت وبدأت وحكى سيبويه عن أبي زيد أن من العرب من يخفف الهمزة فيقول قريت ونشيت وبديت ومليت الإناء وخبيت المتاع وذكر أنهم يقولون في مضارعه أقرا وأخبا وأنشا بالتخفيف أيضا فعلى هذا لو دخل على المضارع جازم فإن كان التخفيف بعد دخول الجازم كان التخفيف قياسيا ولم تحذف الألف لاستيفاء الجازم حظه قبل التخفيف تقول لم أقرا ولم أبدا ولم أنشا وإن كان التخفيف قبل دخول الجازم كان التخفيف غير قياسي ومع هذا لم يلزمك أن تحذف هذه الألف عند دخول الجازم كما تصنع في الناقص بل يجوز لك أن تحذفها كما يجوز لك أن تبقيها فتقول لم أقر ولم أبد أنش وتقول لم أقرا ولم أبدا ولم أنشا وهو الأكثر
وقد يخفف مهموز العين نحو سأل فيقال فيه سال وفي مضارعه يسال وفي أمره سل
وقد جاء على هذا قول الشاعر
( سالت هذيل رسول الله فاحشة ... ضلت هذيل بما قالوا وما صدقوا )
(4/280)

الفصل الرابع في المثال وأحكامه
وهو كما علمت مما تقدم ما كانت فاؤه حرف علة وتكون فاؤه واوا أو ياه ولا يمكن أن تكون ألفا كما لا يمكن إعلال واوه أو يائه
فأما المثال الواوي فيجيء على خمسة أوجه الأول علم يعلم نحو ونىء ووجع ووجل ووحل ووحمت ووذر ووسخ ووسع ووسن ووصب ووضر ووطف ووطىء ووغر ووقرت أذنه ووكع وولع ووله ووهل الثاني كرم يكرم نحو وثر ووثق ووجز ووجه ووخم ووضؤ ووقح الثالث مثال نفع ينفع نحو وجأ وودع ووزع ووقع ووهب ووضع وولغ الرابع مثال حسب يحسب نحو ورث وورع وورم ووفق وولغ الخامس مثال ضرب يضرب نحو وعد ووثب ووجب
ولم يجيء من الواوي على مثال نصر ينصر إلا كلمة واحدة في لغة بني عامر وهي قولهم وجد يجد وعليها قول جرير
(4/281)

( لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة ... تدع الحوائم لا يجدن غليلا )
وأما المثال اليائي فإن أمثلته في العربية قليلة جدا وقد جاءت على أربعة أوجه الأول مثال علم يعلم نحو يبس ويتم ويقظ وبقن وبئس الثاني مثال نفع ينفع نحو يفع وينع الثالث مثال نصر ينصر نحو يمن الرابع مثال ضرب يضرب نحو ينع وبسر
حكم ماضيه
ماضي المثال سواء أكان واويا أم كان يائيا كماضي السالم في جميع حالاته تقول وعدت وعدنا وعدت وعدت وعدتما وعدتم
(4/282)

وعدتن وعد وعدت وعدا وعدتا وعدوا وعدن وتقول يسرت يسرنا يسرت يسرت يسرتما يسرتم يسرتن يسر يسرا يسرنا يسروا يسرن
حكم مضارعه وأمره
أما اليائي فمثل السالم لا يحذف منه شيء ولا يعل بنوع من أنواع الإعلال
وأما الواوي فتحذف واوه من المضارع والأمر وجوبا بشرطين
الأول أن يكون الماضي ثلاثيا مجردا نحوه وصل وورث
الثاني أن تكون عين المضارع مكسورة سواء أكانت عين الماضي مكسورة أيضا نحو ورث يرث ووثق يثق ووفق يفق ووعم يعم أم كانت عين الماضي مفتوحة نحو وصل يصل ووعد يعد ووجب يجب ووصف يصف
فإن اختل الشرط الأول بأن كان الفعل مزيدا فيه نحو أوجب وأورق واوعد وأوجف ونحو واعد وواصل ووازر وواءل لم تحذف الواو لعدم الياء المفتوحة تقول يوجب ويورق ويوعد ويوجف ويواصل ويوازر ويوائل
وإن اختل الشرط الثاني بأن كانت عين المضارع مضمومة أو مفتوحة لم تحذف الواو لعدم الكسرة تقول يوجه ويوجر ويوضؤ
(4/283)

ويؤخم ويوقح وكذا يوجل ويوهل وفي القرآن الكريم 15 53 ( لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم )
ولم يشذ من المضارع المضموم العين إلا كلمة واحدة وهي يحد في لغة عامر وقد تقدمت
وقد شذ من المضارع المفتوح العين عدة أفعال فسقطت الواو فيها وقياسها البقاء وهي يذر ويسع ويطأ ويلع ويب ويدع ويزع ويقع ويضع ويلغ
وشذت أفعال مكسورة العين في المضارع وقد سلمت من الحذف في لغة عقيل وهي يوغر ويوله ويولغ ويوحل ويوهل وهي عند غير عقيل مفتوحة العين أو محذوفة الفاء
والأمر في هذا كله كالمضارع إلا فيما سلمت واوه من الحذف وهو مفتوح العين أو مكسورها فإن الواو في هذين تقلب باء لوقوعها ساكنة إثر همزة الوصل المكسورة تقول إيجل إيغر بكسر العين عند عقيل وفتحها عند غيرهم
وتقول في أمر المحذوف الفاء رث وثق وفق وعم وصل وعد وصف وتقول أيضا ذر وسع وطأ ولع وهب ودع وزع ولغ
(4/284)

وإنما حذفت الواو في الأمر مع عدم وجود الياء المفتوحة حملا على حذفها في المضارع إذ الأمر إنما يقتطع منه
تنبيهان الأول إذا كان مصدر الفعل المثال الواوي على مثال فعل بكسر الفاء جاز لك أن تحذف فاءه وتعوض عنها التاء بعد لامه نحو عدة وزنه وصفة وتعويض هذه التاء واجب لا يجوز عدمه عند القراء ومذهب سيبويه رحمه الله أن التعويض ليس لازما بل يجوز التعويض كما يجوز عدمه تمسكا بقول الفضل بن العباس
( إن الخليط أجدوا البين فانجزدوا ... وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا )
الثاني إذا أردت أن تبنى على مثال افتعل من المثال الواوي أو اليائي لزمك أن تغلب فاءه تاء ثم تدغمها في تاء افتعل ولا يختص ذلك بالماضي ولا بسائر أنواع الفعل بل جميع المشتقات وأصلها في ذلك سواء تقول اتصل واتعد واتقى يتصل ويتعد ويتقى اتصل واتعد واتق اتصالا واتعادا فهو متصل ومتعد ومتق إلخ وتقول اتسر يتسر اتسارا إلخ
والأصل أو تصل فقلبت الواو تاء فصار اتتصل فلم يكن بد من الإدغام لوقوع أول المتجانسين ساكنا وثانيهما متحركا وكذا الباقي
(4/285)

الفصل الخامس في الأجوف وأحكامه
وهو على ما سبقت الإشارة إليه ما كانت عينه حرفا من أحرف العلة
وهو على أربعة أنوع لأن عينه إما أن تكون واوا وإما أن تكون ياء وكل منهما إما أن تكون باقية على أصلها وإما أن تقلب ألفا
فمثال ما عينه واو باقية على أصلها حول وعور وصاول وقاول وتناول وتقاولا وتحاورا واشتورا واجتورا
ومثال ما أصل عينه الواو وقد انقلبت ألفا قام وصام ونام وخاف وأقام وأجاع وانقاد ونآد واستقام واستضاء
ومثال ما عينه ياء باقية على أصلها غيد وحيد وصيد وبايع وشايع وتبايعا وتسايفا
ومثال ما أصل عينه الياء وقد قلبت ألفا باع وجاء وأذاع وأفاء وامتار واستراب واستخار
ويجيء مجرده بالاستقراء على ثلاثة أوجه الأول مثال علم يعلم واويا كان أو يائيا نحو خاف يخاف ومات يمات وهاب يهاب وعور يعور وغيد يغيد والثاني مثال نصر ينصر ولا يكون إلا واويا نحو ماج يموج وذاب يذوب الثالث مثال ضرب يضرب ولا يكون
(4/286)

إلا يائيا نحو طاب يطيب وعاش يعيش ولم يجيء على غير هذه الأوجه
حكم ماضيه قبل اتصال الضمائر به
يجب تصحيح عينه أي بقاؤها على حالها واوا كانت أو ياء في المواضع الآتية وهي
أولا أن يكون على مثال فعل بكسر العين بشرط أن يكون الوصف منه على زنة أفعل وذلك فيما دل على حسن أو قبح نحو حول فهو أحول وعور فهو أعور وحيد فهو أحيد وغيد فهو أغيد فإن كان على مثال فعل بفتح العين اعتلت عينه أي قلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها نحو باع وعاث وقال وصام وإن كان على مثال فعل بالكسر لكن الوصف منه ليس على مثال أفعل وجب إعلاله أيضا نحو خاف فهو خائف ومات فهو ميت
وشذ الإعلال في نحو قول الشاعر
(4/287)

( وسائلة بظهر الغيب عنى ... أعارت عينه أم لم نعار )
ثانيا أن يكون على صيغة فاعل سواء أكانت العين واوا نحو حاول وجاول وقاول وصاول أم كانت العين ياء نحو بايع وضايق وباين وداين وعلة وجوب تصحيح هذه الصيغة أن ما قبل العين ساكن معتل ولا يقبل إلقاء حركة العين عليه
ثالثا أن يكون على مثال تفاعل سواء أكانت العين واوا نحو تجاولا وتصاولا وتقاولا وتفاوتا وتناوشا وتهاونا أم كانت العين ياء نحو تداينا وتبايعا وتباينا وتزايد وتمايد والعلة في وجوب تصحيح هذه الصيغة هي العلة السابقة في تصحيح صيغة فاعل قال الله تعالى 2 - 282 ( إذا تداينتم )
رابعا أن يكون على مثال فعل بتشديد العين سواء أكان واويا نحو سول وعول وسوف وكور وهون أم كان يائيا نحو بين وبيت وسير وخير وزين وصير ولم تعتل العين فرارا من الإلباس إذ لو قلبتها ألفا لقلت في بين مثلا باين قال تعالى 5 - 30 ( فطوعتت له نفسه )
خامسا أن يكون على مثال تفعل سواء أكان واويا نحو تسول وتسور وتهوع وتقول وتلون وتأول أم كان يائيا نحو تطيب وتغيب وتميز وتصيد وتشيع وتريث والعلة هنا هي العلة التي اقتضت تصحيح الصيغة السابقة قال الله تعالى 38 - 21 ( إذ تسوروا المحراب ) وقال سبحانه 14 - 45 ( وتبين لكم كيف فعلنا بهم )
(4/288)

سادسا أن يكون على مثال أفعل سواء أكان واويا نحو احول واعور واسود أم كان يائيا نحو ابيض واغيد واحيد ولم تعل العين لسكون ما قبلها ولم تنقل حركتها إلى الساكن مع أنه حرف جلد يقبل الحركة ثم تعل فرارا من التقاء الساكنين ومن الإلباس قال الله تعالى 3 - 106 ( فأما الذين اسوددت وجوههم ) وقال 3 - 107 ( وأما الذين ابيضت وجوههم )
سابعا أن يكون على مثال افعال سواء أكان واويا نحو أحوال واعوار أم كان يائيا نحو ابياض وأغياد والعلة في وجوب تصحيحه هي علة تصحيح الصيغة السابقة
ثامنا أن يكون على مثال افتعل وذلك بشرطين
أحدهما أن تكون عينه واوا
والثاني أن تدل الصيغة على المفاعلة نحو اجتوروا واشتوروا وازدوجوا فإن كانت العين ياء سواء أكانت الصيغة دالة على المفاعلة أم لم تكن نحو ابتاعوا واستافوا واكتال وامتاز وجب إعلاله وكذلك إن كانت العين واوا ولم تدل الصيغة على المفاعلة نحو استاك واستاق واستاء واقتاد
ويجب الإعلال فيما عدا ذلك وهو عدا ما سبق في ثنايا الكلام على الصيغ السالفة صيغ أفعل وانفعل واستفعل نحو أجاب وأقام وأهاب وأخاف ونحو انقاد وانداح وانماح
(4/289)

وانماع ونحو استقام واستقال واستراح واستفاد
وقد وردت كلمات على صيغة أفعل وكلمات أخرى على صيغة استفعل مما عينه حرف علة من غير إعلال من ذلك قولهم أغيمت السماء وأعول الصبي واستحوذ عليهم الشيطان واستنوق الجمل واستتيست الشاة واستغيل الصبي وقال عمر بن أبي ربيعة
( صددت فأطولت الصدود وقلما ... وصال على طول الصدود يدوم )
وقد اختلف العلماء في هذا ونحوه فذهب أبو زيد والجوهري إلى أنه لغة فصيحة لجماعة من العرب بأعيانهم وذهب كثير من العلماء إلى أن ما ورد من ذلك شاذ لا يقاس عليه وفرق ابن مالك بين ما سمع من ذلك وله ثلاثي مجرد نحو أغيمت السماء فإنه يقال غامت السماء فمنع أن يكون التصحيح في هذا النوع مطردا وما ليس له ثلاثي مجرد نحو استنوق الجمل فأجاز التصحيح فيه
(4/290)

حكم الماضي عند اتصال الضمائر به
أما الصيغ التي يجب فيها التصحيح فإن حكمها كحكم السالم لا يحذف منها شيء سواء أكان الضمير ساكنا أم كان متحركا تقول غيدت وحولت وغيدا وحولا وغيدوا وحولوا وتقول حاولت ودينت وحاولا وداينا وحاولوا وداينوا وكذا تقاولت وتمايدت وتقاولا وتمايدا وكذا عولت وبينت وعولا وبينا إلخ
أما الصيغ التي يجب فيها الإعلال فإن أسندت إلى ضمير ساكن أو اتصلت بها تاء التأنيث بقيت على حالها تقول باعا وقالا وخافا وابتاعا واستاكا وابتاعوا واستاكوا وأجابا وأهابا وأجابوا وأهابوا وانقادوا وانماعا وانقادوا وانماعوا واستقاما واستفادا واستقاموا واستفادوا
وإن أسندت إلى ضمير متحرك وجب حذف العين تخلصا من التقاء الساكنين وحينئذ فجميع الصيغ التي تشتمل على حرف زائد أو أكثر يجب أن تبقى بعد حذف العين على حالها تقول ابتعت واستكت وأجبت وأهبت وانقدت واستقمت واستفدت إلخ
(4/291)

وأما الثلاثي المجرد فإن كان على فعل بكسر العين وذلك باب علم وجب كسر الفاء إيذانا بحركة العين المحذوفة ولا فرق في هذا النوع بين الواوي واليائي تقول خفت ومت وهبت وإن كان على مثال فعل بفتح العين وذلك باب ضرب وباب نصر فرق بين الواوي واليائي فتضم فاء الواوي وهو باب نصر إيذانا بنفس الحرف المحذوف وتكسر فاء اليائي وهو باب ضرب لذلك السبب تقول صمت وقدت وقلت وتقول بعت وطبت وعشت وإن كان مضموم العين على فعل حذفت العين وضمت الفاء للدلالة على الواو نحو طلت قال الله تعالى 19 - 5 ( وإني خفت الموالي من ورائي ) وقال سبحانه 20 - 68 ( قلنا
(4/292)

لا تخف إنك أنت الأعلى ) وقال جل شأنه 19 - 23 ( يا ليتني مت قبل هذا ) وقال 14 - 10 ( قالت لهم رسلهم ) وقال 14 - 11 ( قالتا أتينا طائعين ) وقال 15 - 19 ( قالوا إن نحن إلا بشر مثلكم )
حكم مضارعه
أما المضارع من الصيغ التي يجب التصحيح في ماضيها فهو على غرار المضارع من السالم لا يتغير فيه شيء بأي نوع من أنواع التغيير تقول غيد يغيد وحور يحور وناول يناول وبايع يبايع وسول يسول وبين يبين وتقول يتقول وتبين يتبين وتبايع يتبايع وتهاون يتهاون وأحول يحول واغيد يغيد واجتور يجتور واحوال يحوال واغياد يغياد
وأما المضارع مما يجب فيه الإعلال فإنه يعتل أيضا وهو في اعتلاله على ثلاثة أنواع
الأول نوع يعتل بالقلب وحده وذلك المضارع من صيغتي انفعل وافتعل فإن حرف العلة فيهما ينقلب ألفا لتحركه وانفتاح ما قبله نحو انقاد ينقاد وانداح ينداح واختار يختار واشتار العسل يشتاره
والأصل في المضارع ينقود ويختير على مثال ينطلق ويجتمع فوقع كل من الواو والياء متحركا بعد فتحة فانقلب ألفا فصارا يختار وينقاد
(4/293)

الثاني نوع يعتل بالنقل وحده وذلك المضارع من الثلاثي الذي يجب فيه الإعلال مالم يكن من باب علم يعلم فإنك تنقل حركة الحرف المعتل إلى الساكن الصحيح الذي قبله نحو قال يقول وباع يبيع
والأصل في المضارع يقول ويبيع على مثال ينصر ويضرب نقلت الضمة من الواو والكسرة من الياء إلى الساكن الصحيح قبلهما فصار يقول ويبيع
الثالث نوع يعتل والقلب جميعا وذلك مضارع الثلاثي الذي يجب فيه الإعلال إذا كان من باب علم يعلم والمضارع الواوي من صيغتي أفعل واستفعل نحو خاف يخاف وهاب يهاب وكاد يكاد ونحو أقام يقيم وأجاب يجيب وأفاد يفيد ونحو استقام يستقيم واستجاب يستجيب واستفاد يستفيد
والأصل في مضارع الأمثلة الأولى يخوف على مثال يعلم فنقلت فتحة الواو إلى الساكن قبلها فصار يخوف ثم قلبت الواو ألفا لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها الآن فصار يخاف
والأصل في مضارع الأمثلة الثانية يقوم على مثال يكرم فنقلت كسرة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها فصار يقوم ثم قلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة إثر كسرة فصار يقيم
والأصل في مضارع الأمثلة الثالثة يستقوم على مثال يستغفر فنقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها فصار يستقوم ثم قلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة اثر كسرة فصار يستقيم
وقس على ذلك أخواتهن
(4/294)

واعلم أنه يجب بقاء المضارع على ما استقر له من التصحيح أو الإعلال ما دام مرفوعا أو منصوبا فإذا جزم فإن كان مما يجب تصحيحه بقي على حاله وإن كان مما يجب إعلاله بأي نوع من أنواع الإعلال وجب حذف حرف العلة تخلصا من التقاء الساكنين تقول يخاف التقي من عذاب الله ولن يستقم الظل والعود أعوج ولو لم يخف الله لم يعصه وإن تستقم تنجح ويعود إليه ذلك الحرف المحذوف إذا أسند إلى الضمير الساكن نحو لا تخافوا أو أكد بإحدى نوني التوكيد نحو وإما تخافن وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى
حكم أمره
قد عرفت غير مرة أن الأمر مقتطع من المضارع بحذف حرف المضارعة واجتلاب همزة الوصل مكسورة أو مضمومة إذا كان ما بعد حرف المضارعة ساكنا وعلى هذا فالأمر من الأجوف الذي تصح عينه في الماضي والمضارع مثل الأمر من السالم تقول أغيد وبين واجتورا وما أشبه ذلك
والأمر من الأجوف الذي تعتل عين ماضيه ومضارعه مثل مضارعه المجزوم يجب حذف عينه ما لم يتصل بضمير ساكن أو يؤكد بإحدى النونين تقول خف واستقم وأجب وتقول خافي ربك وهابي عقابة وتقول خافن خالقك ونحو ذلك
حكم إسناد المضارع للضمير
إذا أسند المضارع من الأجوف إلى الضمير الساكن بقي على ما استحقه من الإعلال أو التصحيح ولم تحذف عينه ولو كان مجزوما تقول يخافان ويخافون وتخافين ولن يخافا ولن يخافوا ولن تخافي ولم تخافا ولم
(4/295)

تخافوا ولم تخافي وكذا الباقي من المثل
وإذا أسند إلى الضمير المتحرك حذفت عينه إن كان مما يجب فيه الإعلال سواء أكان مرفوعا أم منصوبا أم مجزوما تقول النساء يقلن ولن يثبن ولم يرعن
حكم إسناد الأمر إلى الضمائر
الأمر كالمضارع المجزوم فلو أنه أسند إلى الضمير الساكن رجعت إليه العين التي حذفت منه حال إسناده للضمير المستتر تقول قولا وخافا وبيعا وقولوا وخافوا وبيعوا وقولي وخافي وبيعي
وإذا أسند إلى الضمير المتحرك بقيت العين محذوفة تقول قلن وخفن وبعن قال الله تعالى 20 - 44 ( فقولا له قولا لينا ) وقال 2 - 83 ( وقولوا للناس حسنا ) وقال 10 89 ( فاستقيما ولا تتبعان ) وقال 73 - 20 ( وأقيموا الصلاة ) وقال 17 - 78 ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) وقال 33 - 32 ( وقلن قولا معروفا ) وقال 46 - 31 ( أجيبوا داعي الله )
(4/296)

الفصل السادس في الناقص وأحكامه
وهو كما سبقت الإشارة إليه ما كانت لامه حرف علة وتكون اللام واوا أو ياء ولا تكون ألفا إلا منقلبة عن واو أو ياء
وأنواعه على التفصيل ستة لأن كلا من الواو والياء إما أن يبقى على حاله وإما أن ينقلب ألفا وإما أن تنقلب الواو ياء وإما أن تنقلب الياء واوا وما آخره ألف إما أن تكون هذه الألف منقلبة عن واو وإما أن تكون منقلبة عن ياء
فمثال الواو الأصلية الباقية ورخو وسرو
ومثال ما أصل لامه وقد انقلبت ياء حظي وحفي وحلي ورجي ورضي وشقي وكذا حوى وقوي ولوي وستأتي هذه وأشباهها في اللفيف
ومثال ما أصل لامه الواو وقد انقلبت ألفا سما ودعا وغزا
(4/297)

ومثال الياء الأصلية الباقية رقي وزكي وشصي وطغي وصفي ومثله ضوي وعيني وهوي وستأتي هذه وأشباهها في اللفيف
ومثال ما أصل لامه الياء وقد انقلبت واوا نهو وليس في العربية من هذا النوع سوى هذه الكلمة
ومثال ما أصل لامه الياء وقد انقلبت ألفا رمي وكفي وهمي ومأي
ويجيء الناقص على خمسة أوجه الأول مثال ضرب يضرب نحو مرى يمرى وفلى يفلي الثاني مثال نصر ينصر نحو دعا يدعو وسما يسمو وعلا يعلو الثالث مثال فتح يفتح
(4/298)

نحو نحا ينحى وطغى يطغي ورعى يرعى وسعى يسعى الرابع مثال كرم يكرم نحو رخو يرخو وسروا يسروا الخامس مثال علم يعلم نحو حفى يحفى ورضى يرضى ورقى يرقى
حكم ماضيه قبل الاتصال بالضمائر
أما ما عدا الثلاثي المجرد فيجب في جميعه قلب اللام ألفاا وذلك لأن اللام في جميعها متحركة الأصل مفتوح ما قبلها فحيثما وقعت الياء أو الواو في إحدى هذه الصيغ فلن تقع إلا مستوجبة لقلبها ألفا
نحو سلقى وقلسي وأعطى وأبقى وداري ونادى واهتدى واقتدى وانجلى وانهوى وتلقى وتزكى وتراضى وتعامى واستدعى واستغشى
(4/299)

والأصل في جميع ذلك أبقى مثلا تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصار أبقى وقس الباقي
أما الثلاثي المجرد فإما أن تكون عينه مضمومة أو مكسورة أو مفتوحة
فإن كانت عينه مضمومة فإن كانت اللام واوا سلمت نحو سرو وإن كانت ياء انقلبت واوا لتطرفها أثر ضمة نحو نهو
وإن كانت عينه مكسورة فإن كانت اللام ياء سلمت نحو بقي وإن كانت واوا انقلبت ياء لتطرفها إثر كسرة نحو رضي
وإن كانت عينه مفتوحة وجب قلب لامه ألفا واوا كان أصلها أو ياء لتحرك كل منهما وانفتاح ما قبله نحو سما ورمى
حكم مضارعه قبل الاتصال بالضمائر
النظر في المضارع يتبع حركة ما قبل الآخر فإن كانت ضمة وهذا لا يكون إلا في مضارع الثلاثي الواوي صارت اللام واوا نحو يسروا ويدعو وإن كانت كسرة ويكون ذلك في مضارع الثلاثي اليائي وفي مضارع الرباعي كله وفي مضارع المبدوء بهمزة الوصل من الخماسي والسداسي صارت اللام ياء نحو يرمي ويعطي وينهوى ويستولى وإن كانت الحركة فتحة ويكون هذا في مضارع الثلاثي من بابي علم وفتح وفي
(4/300)

مضارع المبدوء بالتاء الزائدة من الخماشي صارت ألفا نحو يرمي ويطغى ويتولى ويتزكى
حكم الماضي عند الإسناد إلى الضمائر ونحوها
إذا أسند الماضي إلى الضمير المتحرك فإن كانت لامه واوا أو ياء سلمتا تقول سروت ورضيت وإن كانت اللام ألفا قلبت ياء فيما زاد على الثلاثة وردت إلى أصلها في الثلاثي تقول أعطيت واستدعيت وتقول غزوت ودعوت وسموت وتقول رميت وكنيت وبنيت
وإذا اتصلت به تاء التأنيث فإن كانت اللام واوا أو ياء بقيتا وانفتحتا تقول سروت ورضيت وإن كانت اللام ألفا حذفت في الثلاثي وغيره تقول دعت وسمت وغزت ورمت وبنت وكنت وتقول أعطت ووالت واستدعت
وإذا أسند الماضي إلى الضمير الساكن فإن كان ذلك الضمير ألف الاثنين بقي الفعل على حاله واويا كان أويائيا تقول سروا ورضيا
وإن كانت لامه ألفا قلبت ياء في ما عدا الثلاثي وردت إلى أصلها في الثلاثي
(4/301)

تقول أعطيا وناديا وناجيا واستدعيا وتقول غزوا ودعوا ورميا وبغيا وإن كان الضمير واو الجماعة حذفت لام الفعل واوا كانت أو ياء أو ألفا وبقي الحرف الذي قبل الألف مفتوحا للايذان بالحرف المحذوف وضم الحرف الذي قبل الواو والياء لمناسبة واو الجماعة تقول أعطوا واستدعوا ونادوا وغزوا ودعوا ورموا وبغوا وتقول سروا وبذوا ورضوا وبقوا قال الله تعالى 43 77 ( ونادوا يا مالك ) وقال 71 7 ( واستغشوا ثيابهم ) وقال 10 22 ( دعوا الله مخلصين له الدين ) وقال 98 8 ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) وقال 5 14 ( فنسوا حظا مماذ كروا به )
حكم مضارعه عند الاتصال بالضمائر
إذا أسند المضارع إلى نون النسوة فإن كانت لامه واوا أو ياء سلمتا تقول النسوة يسرون ويدعون ويغزون وتقول النسوة يرمين ويسرين ويعطين ويستدعين وينادين قال الله تعالى 2 238
(4/302)

( إلا أن يعفون ) وإن كانت لامه ألفا قلبت ياء مطلقا نحو يرضين ويخشين ويتزكين ويتداعين ويتناجين
وإسناد لألف الاثنين مثل إسناده إلى نون النسوة تسلم فيه الواو والياء وتنقلب الألف ياء مطلقا إلا أن مقابل نون النسوة ساكن وما قبل ألف الاثنين مفتوح تقول المحمدان يسروان ويدعوان ويغزوان ويرميان ويسريان ويعطيان ويستدعيان ويناديان ويرضيان ويخشيان ويتزكيان ويتداعيان ويتناجيان
وإذا أسند المضارع إلى واو الجماعة حذفت لامه مطلقا واوا كانت أو ياء أو ألفا وبقي ما قبل الألف مفتوحا للايذان بنفس الحرف المحذوف وضم ما قبل الواو من ذي الواو أو الياء لمناسبة واو الجماعة تقول يرضون ويخشون ويتزكون ويتداعون ويتناجون وتقول يسرون ويدعون ويغزون ويرمون ويشرون ويعطون ويستدعون وينادون قال الله تعالى 67 12 ( يخشون ربهم ) وقال سبحانه 57 9 ( فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ) وقال 46 4 ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات )
(4/303)

وإذا أسند المضارع إلى ياء المؤنثة المخاطبة حذفت اللام مطلقا واوا كانت أو ياء أو ألفا وبقي ما قبل الألف مفتوحا للايذان بنفس الحرف المحذوف وكسر ما قبل الواو أو الياء لمناسبة ياء المخاطبة تقول نحشين يا زينب وترضين وتدعين وتعلين وترمين وتبنين وتعطين وتسترضين
حكم إسناد الأمر إلى الضمائر
الأمر كالمضارع المجزوم والأصل أن لام الناقص تحذف في الأمر لبناء الأمر على حذف حرف العلة ولكنه عند الإسناد إلى الضمائر تعود إليه اللام
ثم إذا أسند لنون النسوة أو الف الاثنين سلمت لامه إن كانت ياء أو واوا وقلبت ياء إن كانت ألفا تقول يا نسوة اسرون وادعون واغزون وارمين وأسرين وأعطين واستدعين ونادين وارضين وأخشين وتزكين وتداعين وتناجين وتقول يا محمد أن اسروا وادعوا واغزوا وارميا واسريا واعطيا واستدعيا وناديا وارضيا واخشيا وتزكيا وتداعيا وتناجيا
وإذا أسند إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة حذفت لامه مطلقا واوا كانت أو ياء أو ألفا وبقي ما قبل الألف في الموضعين مفتوحا وكسر ما عداه قبل ياء المخاطبة وضم قبل واو الجماعة تقول ارضوا واخشو وتزكوا واسروا وادعوا واغزوا وارموا وأعطوا واستدعوا وتقول ارضى واخشى وتزكى واسرى وأعطى واستدعى
(4/304)

الفصل السابع في اللفيف المفروق وأحكامه
وهو كما عرفت ما كانت فاؤه ولامه حرفين من أحرف العلة
وتقع فاؤه واوا في كلمات كثيرة ولم نجد منه ما فاؤه ياء إلا قولهم يدى
وتكون لامه ياء إما باقية على أصلها وإما أن تنقلب ألفا ولا تكون لامه واوا
فمثال ما أصل لامه الياء وقد انقلبت ألفا وحي وودى ووسى
ومثال ما لامه ياء باقية على حالها وجى ورى ولى
ويجيء اللفيف المفروق على ثلاثة أوجه أحدها مثال ضرب يضرب
(4/305)

نحو وعى يعى ونى ينى وهى يهى الثاني مثال علم يعلم نحو وجى يوجى الثالث مثال حسب يحسب نحو ولى يلى ورى يرى
حكمه
يعامل اللفيف المفروق من جهة فائه معاملة المثال ومن جهة لامه معامالة الناقص
وعلى هذا تثبت فاؤه في المضارع والأمر وإن كانت ياء مطلقا وكذا إن كانت واوا والعين مفتوحة تقول يدى ييدى وايد وتقول وجى يوجى واوج
وتحذف فاؤه في المضارع من الثلاثي المجرد وفي الأمر إذا كانت واوا والعين مكسورة وذلك باب ضرب وباب حسب تقول وعي يعي وونى يني ووهي يهي وتقول ولى يلى وورى يرى
وتحذف لامه في المضارع المجزوم وفي الأمر أيضا إلا إذا أسند إلى نون النسوة أو ألف الاثنين تقول النسوة لم يعين ويهيين ويلين ويوجين وتقول أيضا يا نسوة عين ونين وهين ولين واوجين وتقول عند الإسناد إلى ألف الاثنين المحمدان بعيان وبنيان ويهيان ويليان ويوجيان وتحذف نون الرفع في الجزم والنصب وتقول أيضا يا محمدان عيا ونيا وهيا وليا واوجيا
(4/306)

فإذا أسند أحدهما إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة أو إلى الضمير المستتر حذفت لامه فإذا كان مع هذا مما تحذف فاؤه صار الباقي من الفعل حرفا واحدا وهو العين فيجب حينئذ اجتلاب هاء السكت في الأمر المسند للضمير المستتر عند الوقف تقول قه له عه فه نه ده
ويجوز لك الإتيان بهاء السكت في المضارع المجزوم المسند للضمير المستتر عند الوقف تقول لم يقع ولم يله إلخ ويجوز أن تقول لم يل ولم يق وصلا ووقفا
(4/307)

الفصل الثامن في اللفيف المقرون وأحكامه
وهو كما سبق ما كانت عينه ولامه حرفين من أحرف العلة
وليس فيه ما عينه ياء ولامه واو أصلا وليس فيه ما عينه ياء ولامه ياء إلا كلمتين هما حي وعي وليس فيه ما عينه واو ولامه واو باقية على حالها أصلا
والموجود منه بالاستقراء الأنواع الخمسة الآتية
النوع الأول ما عينه واو ولامه واو قد انقلبت ألفا نحو حوى وعوى وغوى وزوى وبوى
(4/308)

النوع الثاني ما عينه واو ولامه واو قد انقلبت ياء نحو غوى وقوى وجوى وحوى ولوى
النوع الثالث ما عينه واو ولامه ياء باقية على حالها نحو دوى وذوى وروى وضوى وهوى وتوى وصوى
النوع الرابع ما عينه واو لامه ياء قد انقلبت ألفا نحو أوى ثوى حوى ذوى روى شوى صوى ضوى ظوى كوى لوى نوى هوى
النوع الخامس ما عينه ياء ولامه ياء باقية على حالها وهو حيى وعيى
ويجيء اللفيف المقرون الثلاثي على وجهين الأول مثال ضرب يضرب نحو عوى وحوى ونحو ذوى ونوى والوجه الثاني مثال علم يعلم نحو غوى وقوى ونحو عيى ودوى
حكمه
أما عينه فلا يجوز فيها الإعلال بأي نوع من أنواعه ولو وجد السبب الموجب للاعلال بل تعامل معاملة عين الصحيح فتبقى على حالها
وأما لامه فتأخذ حكم لام الناقص بلا فرق فإن وجد ما يقتضي قلبها ألفا
(4/309)

انقلبت ألفا نحو طوى ونوى وغوى وعوى ونحو يهوى ويضوى ويقوى ويجوى وإن وجد ما يقتضي سلب حركتها حذفت الحركة نحو يطوى ويهوى ويلوى وينوى وإن وجد ما يقتضي حذف اللام حذف كما في المضارع المجزوم مسندا إلى الظاهر أو الضمير المستتر وكما في الأمر المسند إلى الضمير المستتر وكما في سائر الأنواع عند الإسناد إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة تقول لم يطو محمد ولم يلو واطويا يا محمدان والويا وتقول المحمدون طووا ولووا وهم يطوون ويلوون واطووا والووا وأنت يا زينب تطوين وتلوين واطوى والوى وإن لم توجد علة تقتضي شيئا من هذا بقيت اللام بحالها كما في حي وعى
(4/310)

الباب الثالث في اشتقاق صيغتي المضارع والأمر وفيه فصلان
الفصل الأول في أحكام عامة
الفصل الثاني في أحكام تخص بعض الأنواع
الفصل الأول
في الأحكام العامة
تشتق صيغة المضارع من الماضي بزيادة حرف من أحرف المضارعة في أوله للدلالة على التكلم أو الخطاب أو الغيبة وهذه الأحرف أربعة يجمعها قولك نأتى أو أنيت أو نأيت
ثم إن كان الماضي على أربعة أحرف سواء أكان كلهن أصولا نحو دحرج أم كان بعضهن زائدا نحو قدم وأكرم وقاتل وجب أن يكون حرف المضارعة مضموما تقول يدحرج ويقدم ويكرم ويقاتل
وإن كان الماضي على ثلاثة أحرف نحو ضرب ونصر وعلم أو على خمسة نحو تدحرج وانطلق أو على ستة نحو استغفر واقعندد وجب أن يكون حرف المضارعة مفتوحا تقول يضرب ينصر يعلم يتعلم يتدحرج ينطلق يستغفر يقعندد
وحركة الحرف الذي قبل الآخر هي الكسرة في مضارع الرباعي نحو يكرم ويقدم ويقاتل ويدحرج وكذا في مضارع الخماسي والسداسي إذا كان الماضي مبدوءا بهمزة وصل نحو انطلق واجتمع واستخرج تقول في المضارع منهن ينطلق ويجتمع ويستخرج فإن كان ماضي الخماسي مبدوءا بتاء زائدة نحو تقدم وتقاتل وتدحرج فما قبل الآخر في مصارعة مفتوح تقول يتقدم ويتقاتل ويتدحرج فأما ما قبل الآخر من مضارع الثلاثي
(4/311)

فمفتوح أو مضموم أو مكسور وطريق معرفة ذلك فيه السماع من أفواه العارفين أو النقل عن المعاجم الموثوق بصحتها
ويؤخذ الأمر من المضارع بعد حذف حرف المضارعة من أوله ثم إن كان ما بعد حرف المضارعة متحركا نحو يتعلم ويتشاور ويصوم ويبيع تركت الباقي على حاله إلا أنك تحذف عين الأجوف للتخلص من التقاء الساكنين فتقول تعلم وتشارك وصم وبع
وإن كان ما بعد حرف المضارعة ساكنا نحو يكتب ويعلم ويضرب ويجتمع وينصرف ويستغفر اجتلبت همزة وصل للتوصل إلى النطق بالساكن وهذه الهمزة يجب كسرها إلا في أمر الثلاثي الذي تكون عين مضارعه مضمومة أصالة فتقول اكتب اعلم اضرب اجتمع أنصرف استغفر
الفصل الثاني في أحكام تخص بعض الأنواع
أولا المضارع والأمر من رأى تحذف همزتهما وهي عين الفعل تقول يرى البصير ما لا يرى الأعشى وره وتحذف الهمزة من أخذ وأكل وسأل في صيغة الأمر إذا بدىء بها تقول خذ كل مر قال الله تعالى ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) ( كلوا من الطيبات ) وفي الحديث مروا أبا بكر فليصل بالناس فإن سبق واحد منها بحرف عطف جاز الأمران حذف الهمزة وبقاؤها تقول التفت لما بعينك وخذ في شأن نفسك وإن شئت قلت وأخذ في شأن نفسك قال الله تعالى ( وأمر أهلك بالصلاة ) وقال سبحانه ( خذ العفو وأمر بالعرف )
(4/312)

ثانيا ماضي المضعف الثلاثي ومضارعه غير المجزوم بالسكون يجب فيهما الإدغام إلا أن يتصل بهما ضمير رفع متحرك تقول شد يشد ومد يمد وفر يفر فإن اتصل بهما ضمير رفع متحرك كنون النسوة وجب الفك تقول الفاطمات شددن ويشددن ومددن ويمددن وفررن ويفررن وأما الأمر والمضارع المجزوم بالسكون فيجوز فيهما الفك والإدغام تقول اشدد ولا تشدد وإن شئت قلت شد ولا تشد
ثالثا تجب حذف فاء المثال الثلاثي من مضارعه وأمره بشرطين الأول أن تكون الفاء واوا والثاني أن يكون المضارع مكسور العين تخلصا من وقوع الواو بين عدوتيها الياء المفتوحة والكسرة تقول في مضارع وعد وورث وأمرهما يعد ويرث وعد ورث
رابعا تحذف عين الأجوف من مضارعه المجزوم بالسكون ومن أمره المبني على السكون تقول في قال وباع وخاف لم يقل ولم يبع ولم يخف وقل وبع وخف فإن كان المضارع مجزوما بحذف النون أو كان الأمر مبنيا على حذف النون لم تحذف عين الأجوف تقول لم يقولوا ولم يبيعوا ولم يخافوا وتقول قولوا وقولا وقولي وبيعوا وبيعا وبيعى وخافوا وخافا وخافي
وكذلك تحذف عين الأجوف من الماضي والمضارع والأمر إذا اتصل بأحدهما الضمير المتحرك نحو الفاطمات قلن وبعن وخفن ويقلن وبيعن ويخفن وتقول يا فاطمات قلن خيرا وبعن الدنيا وخفن الله
(4/313)

خامسا تحذف لام الناقص واللفيف المقرون من مضارعه المجزوم وأمره تقول في مضارع خشى ورضى وسرو ورمى وطوى لم يخش ولم يرض ولم يسر ولم يرم ولم يطو وكذا أخش وارض واسر واغز وارم واطو
سادسا يعامل اللفيف المفروق من جهة فائه معاملة المثال ومن جهة لامه معاملة الناقص فيبقى أمره على حرف واحد فيجب إلحاق هاء السكت به تقول في الأمر من وقى ووفى وونى وودى وولى ووعى قه وفه ونه وده وله وعه
سابعا تحذف الهمزة الزائدة من مضارع الفعل الذي على زنه افعل نحو أكرم وأبقى وأوعد ومن أمره ومن اسمى الفاعل والمفعول منه تقول يكرم ويبقى ويوعد وتقول أكرم وأبق وأوعد وتقول هو مكرم ومبق وموعد وهو مكرم ومبقى وموعد
والأصل في هذا الحذف المضارع المبدوء بهمزة المضارعة ثم حمل عليه بقية صيغ المضارع وفعل الأمر واسم الفاعل واسم المفعول
وإنما كان الأصل هو الفعل المضارع المبدوء بهمزة المضارعة لأنه يجتمع فيه لو بقي على الأصل همزتان متحركتان في أول الكلمة فكان يقال أأكرم وقياس نظائر ذلك أن تقلب ثانية الهمزتين واوا طلبا للتخفيف ولكنهم حذفوا في هذا الموضع وحده ثانية الهمزتين
وقد ورد شاذا قول الشاعر
( فإنه أهل لأن يؤكرما ... )
وقول الراجز
( وصاليات ككما يؤثفين ... )
(4/314)

الباب الرابع في تصريف الفعل بأنواعه الثلاثة مع الضمائر
يتصرف الماضي باعتبار اتصال ضمائر الرفع إلى ثلاثة عشر وجها اثنان للمتكلم وهما نصرت ونصرنا وخمسة للمخاطب وهي نصرت نصرت نصرتما نصرتم نصرتن وستة للغائب وهي نصر نصرت نصرا نصروا نصرن
وللمضارع في تصاريفه ثلاثة وجها أيضا اثنان للمتكلم وهما أنصر وننصر وخمسة للمخاطب وهي تنصر وتنصرين وتنصران وتنصرون وتنصرن وستة للغائب وهي ينصر محمد وتنصر هند وينصران وينصرون وينصرن
وللأمر من هذه التصاريف خمسة أوجه لا غير وهي أنصر وانصرى وأنصرا وانصروا وانصرن وذلك لأنه لا يكون إلا للمخاطب
(4/315)

في تقسيم الفعل إلى مؤكد وغير مؤكد
وفيه فصلان
الفصل الأول في بيان ما يجوز تأكيده وما يجب وما يمتنع
والأصل أنك توجه كلامك إلى المخاطب لتبين له ما في نفسك خبرا كان أو طلبا وقد تعرض لك حال تستدعى أن تبرز ما يتلجلج في صدرك على صورة التأكيد لتفيد الكلام قوة لا تكون له إذا ذكرته على غير صورة التوكيد وقد تكفل علم المعاني ببيان هذه الحالات فليس من شأننا أن نتعرض لبيانها كما أننا لا نتعرض هنا لما تؤكد به الجمل الاسمية
وفي اللغة العربية لتوكيد الفعل نونان إحدهما نون مشددة كالواقعة
(4/316)

في نحو قوله تعالى 14 12 ( ولنصبرن على ما آذيتمونا ) والثانية نون ساكننة مثل الواقعة في قول النابغة الجعدى
( فمن يك لم يثأر بأعرض قومه ... فإني ورب الراقصات لأثأرا )
وقد اجتمعنا في قوله تعالى كلمته 12 32 ( ليسجنن وليكونا من الصاغرين )
وليس كل فعل يجوز تأكيده بل الأفعال في جواز التأكيد وعدمه على ثلاثة أنواع
النوع الأول ما لا يجوز تأكيده أصلا وهو الماضي لأن معناه لا يتفق مع ما تدل عليه النون من الاستقبال
النوع الثاني ما يجوز تأكيده دائما وهو الأمر وذلك لأنه للاستقبال البتة
النوع الثالث ما يجوز تأكيده أحيانا ولا يجوز تأكيده أحيانا أخرى وهو المضارع والأحيان التي يجوز فيها تأكيده هي
أولا أن يقع شرطا بعد إن الشرطية المدغمة في ما الزائدة المؤكدة نحو إما تجتهدن فأبشر بحسن النتيجة وقال الله تعالى 8 58 ( وإما تخافن من قوم خيانة ) وقال 19 26 ( فأما ترين من البشر أحدا ) وقال 8 47 ( فإما تثقفنهم ) وقال 7 200 ( إما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله )
ثانيا أن يكون واقعا بعد أداة طلب نحو لتجتهدن ولا تغفلن وهل تفعلن الخير وليتك تبصرن العواقب وازرع المعروف لعلك تجنين ثوابه وألا تقبلن على ما ينفعك وهلا تعودن صديقك المريض قال الله تعالى 14 42 ( ولا تحسبن الله غافلا )
(4/317)

ثالثا أن يكون منفيا بلا نحو لا يلعبن الكسول وهو يظن في اللعب خيرا وقال تعالى 8 25 ( واتقوا فتنة لا تصيبن )
وتوكيده في الحالة الأولى أكثر من توكيده فيما بعدها وتوكيده في الثانية أكثر من توكيده في الثالثة
وقد تعرض له حالة توجب تأكيده بحيث لا يسوغ المجيء به غير مؤكد وذلك بعد كونه مستقبلا إذا كان مثبتا جوابا لقسم غير مفصول من لامه بفاصل نحو والله لينجحن المجتهد وليندمن الكسول وقال الله تعالى 21 57 ( وتالله لأكيدن أصنامكم )
فإذا لم يكن مستقبلا أو لم يكن مثبتا أو كان مفصولا من اللام بفاصل امتنع توكيده قال الله تعالى 12 85 ( تالله تفتأ تذكر يوسف ) وقال جل شأنه 75 1 ( لأقسم بيوم القيامة ) وقال 93 5 ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) وقال 3 158 ( ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون )
(4/318)

الفصل الثاني في أحكام آخر الفعل المؤكد
الفعل الذي تريد تأكيده إما أن يكون صحيح الآخر وذلك يشمل السالم والمهموز والمضعف والمثال والأجوف وإما أن يكون معتل الآخر وهو يشمل الناقص واللفيف بنوعيه ثم المعتل إما أن يكون معتلا بالألف أو بالواو أو بالياء
وعلى أية حال فإما أن يكون مسندا إلى الواحد ظاهرا أو مستترا أو إلى ياء الواحدة أو ألف الاثنين أو الاثنين أو واو جمع الذكور أو نون جمع النسوة
فإن كان الفعل مسندا إلى الواحد ظاهرا كان أو مستترا بنى آخره على الفتح صحيحا كان آخر الفعل أو معتلا ولزمك أن ترد إليه لامه إن كانت قد حذفت كما في الأمر من الناقص واللفيف والمضارع المجزوم منهما وأن ترد إليه عينه إن كانت قد حذفت أيضا كما في الأمر من الأجوف والمضارع المجزوم منه وإذا كانت لامه ألفا لزمك أن تقلبها مطلقا ياء لتقبل الفتحة تقول لتجتهدن يا علي ولتدعون إلى الخير ولتطوبن ذكر الشر ولترضين بما قسم الله لك ولتقولن الحق وإن كان مرا وتقول اجتهدن وادعون واطوين وارضين وقولن
وإن كان الفعل مسندا إلى الألف حذفت نون الرفع إن كان مرفوعا
(4/319)

وكسرت نون التوكيد تقول لتجتهدان ولتدعوان ولتطويان ولترضيان ولتقولان واجتهدان وادعوان واطويان وارضيان وقولان
وإن كان الفعل مسندا إلى الواو حذفت نون الرفع أيضا إن كان مرفوعا ثم إن كان الفعل صحيح الآخر حذفت واو الجماعة وأبقيت ضم ما قبلها تقول لتجهدن واجتهدن وإن كان الفعل معتل الآخر حذفت آخر الفعل مطلقا ثم إن كان اعتلاله بالألف أبقيت واو الجماعة مفتوحا ما قبلها وضمت الواو تقول لترضون وارضون وإن كان الفعل معتل الآخر بالواو أو الياء حذفت مع حذف آخره واو الجماعة وضممت ما قبلها تقول لتدعن ولتطون وادعن واطون
وإن كان الفعل مسندا إلى ياء المخاطبة حذفت نون الرفع أيضا إن كان مرفوعا
(4/320)

ثم إن كان الفعل صحيح الآخر حذفت ياء المخاطبة وأبقيت كسر ما قبلها تقول لتجتهدن يا فاطمة واجتهدن وإن كان الفعل معتل الآخر حذفت آخر الفعل مطلقا ثم إن كان اعتلاله بالألف أبقيت ياء المخاطبة مفتوحا ما قبلها وكسرت الياء تقول لترضين وأرضين وإن كان الفعل معتل الآخر بالواو أو الياء حذفت مع آخره ياء المخاطبة وكسرت ما قبلها تقول لتدعن ولتطون وادعن واطون
وإن كان الفعل مسندا إلى نون جماعة الإناث جئت بألف فارقة بين النونين نون النسوة ونون التوكيد الثقيلة وكسرت نون التوكيد تقول لتكتبنان واكتبنان ولترضينان وارضينان ولتدعونان وادعونان ولتطوينان واطوينان
والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم وأعز وأكرم